رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تجار المحنة».. كيف استغل الجشعون كورونا لمضاعفة أرباحهم؟

جشع التجار
جشع التجار

"الكمامات" أبرز طرق النصب بإسم الكورونا.. وتجار أدوات التعقيم يبيعون الوهم
عيادات تستغل أزمة "كورونا" بإجراء كشوفات طبية بأسعار مضاعفة
محال العطارة تروج منتجات وهمية للحماية من "الكورونا"
تجار الإلكترونيات: بشنتري الجملة غالي.. و"كورونا" ضرب السوق

حالة من الفزع والخوف سيطرت على المواطنين المصريين خلال الأسابيع الماضية، بعد توغل فيروس "كورونا" حول العالم، وظهور حالات مصابة به في مصر، لكن كان هناك وجه آخر، وهو وجه الدشع الذي أبداه بعض التجار الذين استغلوا تفشي الأزمة في مصر، وطرحوا منتجات وهمية في الأسواق أو أدعوا أن لديهم حلول للوقاية من الفيروس.

لم يكتفِ التجار الوهميون بطرح منتجات مزيفة فقط، بل امتد الأمر ليشمل فرض أسعار باهظة على المنتجات الأصلية أيضًا، بقصد الاستفادة من أزمة "كورونا" على قدر الإمكان، متعمدين استغلال حالة الركود الاقتصادي في السوق المصري.

قرر موقع أمازون العالمي مواجهة قرار التجار المستغلين لأزمة "كورونا"، من خلال منع بيع أكثر من مليون منتج على الموقع، أبرزهم كانت أدوية تم ترويجها على أنها تعالج فيروس كورونا، عندما ازداد الطلب عليها كانت تباع بأسعار مضاعفة، لذا خاطبت إدارة الموقع منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أنها عملية نصب، وعلى الفور قرر الموقع وقف بيع هذه المنتجات الدوائية.

أجرت "الدستور" عدة جولات في التحقيق التالي لنكشف من خلالها استغلال بعض التجار لانتشار أزمة "كورونا" في مصر، وترويج مستلزمات وهمية، مدعين أنها تساعد على الحماية من الإصابة بالفيروس، كما تواصلنا مع بعض الأشخاص الذين تعمدوا رفع الأسعار الخاصة بأعمالهم التجارية للاستفادة من الأزمة.

"الكمامات" أبرز طرق النصب باسم الكورونا.. وتجار أدوات التعقيم يبيعون الوهم

ازداد تكالب المواطنين على شراء الكمامات الطبية في الأيام الأخيرة، حرصًا منهم على الوقاية من فيروس "كورونا"، كونها هي الطريقة الأمثل لتجنب الإصابات، بجانب استخدام بعض المطهرات والمنظفات التي تساعد على الوقاية بشكل كامل، حتى استغلت مصانع بير السلم حاجتهم وروجوا لهم منتجات مزيفة.

"الكمامة بـ7 جنيه، والدستة بـ80" تلك هي الأسعار التي روجتها صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرًا، بعد أن استغل بعض الأشخاص حاجة المواطنين للكمامات رخيصة الثمن، خاصة أن الأنواع الأصلية منها قد تجاوزت أسعارها الـ50 جنيهًا، وروجوها عبر "الفيس بوك" ومحال المستلزمات الطبية.

وجهتنا الأولى كانت أحد محال المستلزمات الطبية في منطقة فيصل، والتي اتضح من خلاها أنهم يبيعون الكمامات بأسعار مختلفة تمامًا عن الأصلية منها، واللازمة للوقاية من فيروس "كورونا" فقط، وتواصلنا مع صاحب المحل الذي أوضح أنه يبتاع عدد كبير من تلك الكمامات بالجملة، لذا طلبنا منه التواصل مع مصدر تلك الكمامات لشراء كمية كبيرة منها.

"الكمامات سهل تتصنع في أي مكان صغير، بتحتاج مكنة خياطة بس"، أوضح البائع خلال حديثه مع "الدستور"، أن هناك بعض الأشخاص يقومون بتجميع الخيوط النسيجية، وتفصيلها على هيئة كمامات، ليستغلوا الأزمة المنتشرة، وكسب المزيد من المال منها، مستخدمين ألوان مختلفة في عملية التصنيع بقصد جذب الانتباه حولها.

لم يقتصر المحل على بيع كمامات مجهولة المصدر فقط، بل ظهر أيضًا بعض المستلزمات الطبية التي لا تحمل علامات تجارية معروفة، مدعي أنها أدوات تعقيم من فيروس "كورونا"، مثل المناديل المبللة وعبوات المنظفات، وعن مصدرها "فيه تجار بينزلوا يوزعوا علينا المطهرات دي بأسعار رخيصة عشان كدا عليها إقبال من الزباين".

من جانب آخر، ظهرت بعض شركات النظافة التي استغلت أزمة "كورونا"، وبدأت في إرسال مناديب خاصة بها للمنازل، مدعين أنهم يستخدمون أدوات فاتلة للفيروس، مقابل أسعار باهظة فرضوها على المواطنين، مستغلين حالة الفزغ التي يعيشونها.

"لدينا مصل مستورد من الخارج يبلغ ثمن اللتر منه 50 جنيهًا"، هذا ما روجت له إحدى الشركات الخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، موضحين أن لديهم فريق يخرج للمنازل لتعقيمها بالكامل من الفيروسات والبكتيريا.

وفي حديثنا مع أحد ممثلي خدمة العملاء بالشركة، قال: "تعقيم البيت بالكامل يبلغ سعره 7 آلاف جنيه"، موضحًا أن المنزل يحتاج إلى التعقيم أكثر من مرة، للتأكد من خلو المنزل من الفيروسات بشكل كامل، أما عن ماهية تلك الأدوات "معنديش علم بها ودي حاجة خاصة بالشركة، بس بأكدلك إن أدوات التعقيم عندنا بتقضي على أي فيروس".

محال العطارة تدعي توافر منتجات تساعد على التخلص من "الكورونا"

"أعشاب الكورونا"، تلك هي الشعارات التي استخدمها بعض أصحاب محال العطارة خلال الأيام الماضية، بقصد ترويج منتجاتهم مستغلين أزمة "الكورونا" في مصر، واستخدموا أسماء جاذية لتلك الأعشاب لسرعة البيع وكسب المال الوفير.

وجهتنا التالية كانت إحدى محال العطارة في محافظة الجيزة، والتقينا خلالها مع صاحب المحل الذي أدعى أنه يبيع أنواع عدة من الأعشاب تساعد على الوقاية من الفيروس بشكل أمن، وبأسعار رخيصة مقارنة مع المستلزمات الطبية التي يعتمد عليه المواطنين.

"البابونج والمرمية والينسون النجمي" كانوا أبرز الأعشاب التي دلنا عليها صاحب المحل، قائلًا: "اشرب كل يوم 3 كوبايات مش هتصاب بأي فيروس ولا حتى الكورونا"، مشيرًا إلى أن معظم الأعشاب التي يبيعها تساعد على التخلص من أي فيروسات، وتقليل فرص الإصابة بنزلات البرد والأنفلونزا.

وعن ماهية تلك الأعشاب "أقوم بخلطها منذ سنوات عدة، وجميع الزبائن يثقون في منتجاتي "، يقول صاحب المحل أنه يتردد عليه العديد من المواطنين الذين اقتنعوا أن تلك الأعشاب تساعد بالفعل على الوقاية من فيروس "كورونا".

لم يكن ذلك المحل فقط من ادعى توافر وصفات عطارة تساعد على الوقاية من فيروس "كورونا"، لكن تكرر الأمر في محال أخرى بالمنطقة والذين أكدوا لنا أن جميع الوصفات التي يقومون بخلطها هذه الفترة من أجل القضاء على "كورونا"، مدعين أن القرفة والجنزبيل أيضًا يساعدان على الوقاية.


عيادات تستغل أزمة "كورونا" بإجراء كشوفات طبية بأسعار مضاعفة

لم تمر أزمة "كورونا" على أصحاب العيادات لخاصة مرور الكرام، خاصة بعد إعلان وزارة الصحة والسكان أن إجراء التحاليل الطبية بالكشف عن الفيروس يكون من خلال المعامل المركزية التي أقرتها الوزارة، وبالأسعار التي أعلنتها فقط، حتى دخلت العيادات الخاصة في الصورة بإدعاء أصحابها أنهم يستطيعون حماية المواطنين من الفيروس.

محمد عبد النبي، 44 عام، أحد قاطني منطقة الهرم، يحكي لـ"الدستور"، واقعة النصب التي تعرض لها على أيدي أحد أصحاب العيادات الخاصة، عندما أصيب بإنفلونزا برد طبيعية نتيجة لتقلبات الجو المستمرة، وشعر بحالة من القلق حينها خاصة مع ظهور حالات مصابة بـ"الكورونا" في مصر.

"الكشف تمنه 750 جنيه والاستشارة 150 جنيه"، هذه هي الأسعار التي تفرضها العيادة التي خضغ الرجل الأربعيني للكشف من خلالها، موضحًا أنه عندما دخل إلى غرفة الطبيب أخبره أنه لديه حالة من القلق حول مدى تعرضه للإصابة بفيروس "كورونا".

أجرى الطبيب له التحاليل الطبية اللازمة للكشف عن حالته الصحية، ليؤكد له أنه غير مصاب بالفيروس، ولم يقف عند ذلك فقط، بل كتب به روشته طبية تحمل العديد من العقاقير التي تمنع الإصابة ب"كورونا"، مثل أدوية السعال والمضاد الحيوي، واختتم "عبد النبي" حديثه مشيرًا إلى أن تلك العقاقير يبلغ سعرها مئات الجنيهات.


تجار الإلكترونيات: بنشتري الجملة غالي.. و"كورونا" ضرب السوق

توجهت "الدستور" بعد ذلك إلى شارع عبد العزيز بمنطقة وسط البلد، كونه أحد الشوارع المعروفة ببيع الأجهزة اللإلكترونية، بعد أن اشتكى بعض المواطنين على "الفيس بوك" من ارتفاع أسعار الأجهزة الالكترونية خلال الأيام الماضية، وخاصة بعد انتشار أزمة "كورونا".

البداية كانت في أحد محال المحمول، وأوضح صاحب المحل في حديثه لـ"الدستور"، إن التجار المستوردين من الخارج يفرضون أسعار باهظة على البضائع، ما يجعل المحال تبيع الهواتف بأسعار مصاعفة، لتوفير المكسب من عملية البيع: "الأسعار رفعت فجأة بعد موضوع "الكورونا".. والأزمة في وقف الاستيراد من برة".

استكمل "أسعار الهواتف المحمولة ارتفعت لنسبة تتجاوز 30%، وبالأخص قطع الغيار التي تأتي من الصين، كونها كانت هي الدولة الوحيدة التي نعتمد عليها في بيع قطع غيار المحمول، لكن بعد أن وقف الاستيراد منها تعرضنا لأزمة كبيرة، وأصبح هناك مساحة لتجار المنتجات المغشوشة أن يتوغلوا داخل الأسواق".

انتقلنا إلى محل آخر في ذات الشارع، لكنه متخصص في بيع الأجهزة الإلكترونية والمنزلية، وأكد أحد التجار أن أسعار الأجهزة الإلكترونية ارتفعت إذ فجأة لنسبة تجاوزت 40%، وذلك بسبب جشع المستوردين في تحقيق أكبر مكساب مالية من خلال أزمة "كورونا".

"أسعار الشاشات التليفزيونة زادت من 200 لـ500 جنيه، والأجهزة المنزلية انتشر منها أنواع مضروبة كتير"، يقول التاجر إن الأزمة تسببت في حالة من الركود في الأسواق التجارية، بعد أن ازداد الأسعار بشكل غير متوقع نتيجة وقف الاستيراد من الصين، وأصبح المستهلك يعتمد على المنتج الأرخص، وغالبًا ما يكون هذا المنتج سئ الصنع.

في ذات السياق، أكد أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، وعضو الشعبة العامة للمستوردين، أن فيروس "كورونا" تسبب في ارتفاع أسعار بعض الأجهزة الإلكترونية بالأسواق مثل الشاشات التليفزيونية والثلاجات.

تابع "كانت قد وصلت أخر بضائع مستوردة من الصين في يناير الماضي، ومنذ ذلك الوقت لم يستقبل السوق المصري أي منتجات جديدة، ما أثر على الأسعار بشكل مبالغ، لذا تحرك المسؤولين في الجمارك على الفور للإفراج عن البضائع الموجودة لحل الأزمة سريعًا".