رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسي والضربة القاصمة!


شكرًا للشدائد !!
هكذا قال "الإمام الشافعي"؛ صاحب المذهب الوسطي والمقام الرفيع بين الأئمة والمجتهدين؛ فهو الذي أنشدهذه الأبيات التي صارت بمثابة "الحكمة" في زمنٍ قاربنا فيه أن نفتقد الحكمة والحكماء .. إذ يقول :
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ ** وَإنْ كانت تُغصّـــصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْدًا وَلَكِن ** عرفتُ بها عدوّي من صديقي

ففي وقت الشدائد يظهرالمعدن الحقيقي لروح وقلب الإنسان رجلاً كان أو امرأة، فالإنسان هو الإنسان .. مهما اختلف في الجنس أواللون أوالعقيدة، والشدائد فرصة يمنحها الله للبشر لالتقاط الأنفاس اللاهثة في سباق االحياة المحموم؛ وهُدنة ولو مؤقتة لتهدئة إيقاع الصراع والتزاحم بالأكتاف على اقتناص مظهريات الحياة في المسكن والمأكل والملبس والمال والعِزوة والمنصب والجاه والسلطة والنفوذ، حتي يصطدم بحائط الشدائد الصلب.. سواء بالمرض أو الفقر أو الظلم أو مواجهة الوطن لكارثة من كوارث غضب الطبيعة أو الأوبئة والميكروبات التي لم تخل حقبة من الأحقاب من مواجهتها منذ طوفان نوح؛ برغم أن الطوفان ـ وقتئذٍ ـ كان لحكمة ربانية لإعادة صياغة حياة البشرية من جديد !

ورب ضارة نافعة لاستبيان موضع أقدامنا على درب الحياة الآن في واقعنا المعاصر في مصر؛ وكيف نقف وقفة حازمة لنتدبرأمورنا في مواجهة بعض الخونة والشامتين المتربصين بنا وبمكتسبات الوطن؛ فلا نجد سوى قول الله عز وجل : "إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خير الماكرين" (سورة الأنفال‏ :‏ 30‏ ) .

وها نحن نرى تمرد المتمردين ومكر الماكرين من جماعات الشر وخوارج العصر ـ وكل عصر ـ المتربصين بمقدرات الوطن؛ ولا يستنكفون اتخاذ مواقف الخصومة والعداء ـ لاعن شجاعة .. ولكن عن خسَّة وندالة هي سمة تحركاتهم وسلوكياتهم طوال تاريخهم المشبوه ــ وبخاصة وقت مواجهة الوطن للحروب والأزمات الاقتصادية والأوبئة والكوارث، وصدق من أطلق عليهم لقب "الخراف" التي تمشي تحت ظل "القطيع" بتوجيهات سادتهم الهاربين خارج حدود الوطن .

ولكن .. تجيء الضربة التي تقصم ظهور قطعان الخراف؛ الذين أدمنوا الالتفاف حول "حزمة البرسيم" التي يلقيها محركيهم إلى "زرائبهم" مقابل الخيانة ونكران الجميل ، لتتخذ القيادة الوطنية المواقف الشجاعة بإصدار "حزمة إجراءات" إيجابية لصالح المواطن المصري؛ لتقي الوطن من كل الشرور والأخطار، وليكون الرد دليلاً واضحًا لكل المتابعين للقيادة السياسية في نجاح إدارة الأزمات بكل الحكمة؛ والرد العملي لسد حلقوم الخرفان الذي يعكس مقولة المولى عز وجل في كتابه العظيم بأنه : "...وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ..."( فاطر 43) ، لترتد كرة النار إلى صدور كل من حمل الغل والحقد في قلبه، ولتكون حزمة القرارات والقوانين الفورية من أجل تحسين الظروف المعيشية لكل البشرعلى أرض مصر، علاوة على اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لمواجهة "الوباء" بفرض حظر التجول وإغلاق أماكن التجمعات حفاظًا على صحة المواطن، وشل حركة الخفافيش التي يستهويها الظلام فتعمل على الخراب واتساع نطاق الخرائب !

ولست في سبيلي لإعادة الحديث في تفاصيل هذه الإجراءات والقرارات؛ لأن المواطن المصري الواعي حفظها عن ظهر قلب لأنها تلامست مع صميم وجدانه واستيفائها متطلباته الحياتية الضرورية برغم الظروف الاقتصادية الطاحنة؛ فكان من الطبيعي الامتثال لبقية البنود الاحترازية؛ متحملاً أو محتملاً التضحية المادية الجسيمة خاصة لبعض أصحاب المحال التجارية والمقاهي والكافيتريات لأنهم أصحاب الرزق "يوم بيوم"؛ ولكنهم تقبلوا هذه التضحيات لإغلاق الباب أمام عصابات االمتنمِّرين الذين ينتظرون انهيار المنظومة من جذورها.. ولكن هيهات !

إننا بكل المشاعر الوطنية الحقيقية؛ تتوجه بالشكر وعظيم الامتنان؛ إلى القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوجيهاته الفورية؛ وإلى كتيبة مجلس الوزراء برئاسة رجل المهام الصعبة د. مصطفى مدبولي؛ التي أدارت دفة الأزمة بحكمة علمية واقتدار أشاد به القاصي والداني في أنحاء العالم شرقه وغربه .

إنها ـ بحق ـ مصر المحروسة بقلوب وعقول ابنائها الشرفاء ؛ الذين يحملون حياتهم على أكفِّهم وسط الأخطار في مدن وقرى ونجوع خريطة الوطن، فيصير الكل في واحد قيادة وشعبًا وجيشًا وشرطة؛ يتقدمهم العلماء في مجالات الحياة كافة؛ لأنه بغير العلم لن تُبحر بالإنسان سفينة الحياة إلى بر الأمان .

* أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون