«الجنرال الصامت» يرحل بعدما أدار أهم ملفات السلام بالسودان
"عازمون على استكمال عملية السلام قبل حلول التاريخ المحدد لها في ٩ أبريل المقبل"، كانت تلك العبارة ضمن آخر تصريحات لوزير الدفاع السوداني الراحل الفريق أول ركن جمال الدين عمر، الذي وافته المنية صباح اليوم الأربعاء إثر أزمة صحية مفاجئة ألمت به في جوبا.
أمضى وزير الدفاع السوداني آخر ليلة في عمره، منخرطًا في مفاوضات، مثل فيها حكومة السودان، مع "الحركة الشعبية _ شمال _ جناح مالك عقار"، للاتفاق على الترتيبات الأمنية في المنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق)، وبعد الجلسات الشاقة نالت مشاركته ثناء شركاء التفاوض خلال مؤتمر صحفي عقد مساء أمس، وسط تفاؤل وساطة المفاوضات من دولة جنوب السودان، بإسدال الستار اليوم الأربعاء على ملف الترتيبات الأمنية في المنطقتين ومسار "دارفور الجبهة الثورية"، علمًا بأن هذا الملف يعد من أهم وأعقد ملفات مفاوضات السلام.
وبحكم منصبه العسكري البارز، لم يكن وزير الدفاع الراحل كثير الظهور والحديث، لكن مشاركته في الجلسات الحاسمة ضمن مفاوضات السلام وحديثه لوسائل الإعلام بعدها، أظهرت جانبًا من شخصيته الهادئة، وعكست تصريحاته رغبة صادقة في الوصول إلى سلام، فطالما كرر التأكيد على الاستعداد لدفع استحقاقات السلام.
ووزعت القوات المسلحة السودانية نبذة عن الفريق أول ركن جمال الدين عمر، وصفته فيها بأنه "الجنرال الصامت"، الذي ولد في ولاية نهر النيل، وتلقى تعليمه الإعدادي والثانوي بها، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية، ليتخرج فيها، وبعدها تدرج في سلم المؤسسة العسكرية إلى أن وصل إلى قيادة هيئة الاستخبارات، وهى أكثر المواقع حساسية في مؤسسة الجيش، ثم أمينًا عامًا لوزارة الدفاع.
وأوضحت القوات المسلحة أن من سمات الجنرال الراحل التي ساعدت على تكوين شخصية متميزة، أنه هادئ، قليل الكلام، ما دفع زملاءه لتسميته بـ"الصامت وكاتم الأسرار"، فضلًا عن أنه ملم بتفاصيل العمل العسكري.
وظل الراحل منذ تخرجه ضابطًا، يتنقل بين الإدارات بوزارة الدفاع وهيئة الأركان، إلى أن وصل لمنصب رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، وفي أبريل عام 2019، تمت ترقيته لرتبة الفريق أول ركن وتعيينه رئيسًا للجنة الأمن والدفاع بالمجلس العسكري، حيث أدارها بحنكة وإقدار، في مرحلة أمنية بالغة التعقيد شهدها السودان، واختير وزيرًا للدفاع، في أول حكومة مدنية بعد نجاح السودانية.