رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضحايا كورونا.. وانحطاط قطر


على قلة عدد سكانها، والمقيمين فيها، تصدرت دويلة قطر قائمة الدول العربية من حيث عدد الإصابات بفيروس كرونا المستجد أو «كوفيد- ١٩». وهناك مخاوف من تحولها إلى بؤرة ثانية لتفشى الوباء فى المنطقة، بعد حليفتها إيران. ومع ذلك، ما زالت العائلة الضالة التى تحكمها تتجاهل تلك الكارثة، وتواصل لعبها القذر ضد عدة دول عربية، أبرزها مصر، فى محاولة جديدة لتحقيق أهداف ومخططات، فشلت وستفشل فى تحقيقها.
لا يمكن مقارنة مساحة دويلة قطر وعدد سكانها بمساحة وعدد سكان الهند، ثانى أكبر دول العالم سكانًا، وأكثرها ازدحامًا، وسابع أكبر دولة من حيث المساحة الجغرافية، ومع ذلك، لم يكسر عدد المصابين فيها حاجز الـ٥٠٠ الذى كسرته قطر، أمس الأول، الإثنين، وهناك ما يقطع بأن الرقم أكبر من ذلك بكثير. والأكثر من ذلك هو أن تلك الدويلة الصغيرة قامت بتصدير المصابين إلى الدولة الكبيرة. وطبقًا لما نقلته جريدة «هندستان تايمز» عن براديب داس، مدير معهد راجندرا التذكارى لأبحاث العلوم الطبية، فإن أول حالة وفاة بفيروس كورونا المستجد فى شرق الهند، كانت لمواطن هندى (٣٨ سنة) من مقاطعة بيهار، كان عائدًا من قطر قبل يومين من وفاته.
أمس الثلاثاء، انضمت صحف «الشرق»، «العرب» و«لوسيل»، إلى صحيفتى «الراية» و«الوطن»، معلنةً احتجاب نسخها الورقية، حتى إشعار آخر، بسبب المخاوف من تفشى فيروس كورونا الجديد. وزعمت هذه الصحف أن هذا القرار يأتى التزامًا بالإجراءات الصحية التى تنتهجها الدولة (الدويلة) لمكافحة فيروس كورونا الجديد، أو تماشيًا مع التدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس. بينما يقول الواقع إن طباعة تلك الصحف لم يعد ممكنا لأن مطابعها تقع فى المنطقة الصناعية التى تخضع للحجر الصحى بعد اكتشاف عدد كبير من الحالات بها. ويؤكد ذلك أن جريدة «العربى الجديد»، التى تصدر فى لندن بتمويل قطرى، قررت تعليق صدور نسختها الورقية فى قطر، لكنها لم تفعل ذلك فى تركيا أو بريطانيا!.
تقع المنطقة الصناعية، المكتظة بالعمال الأجانب، جنوب غرب العاصمة الدوحة. ومع انتشار الوباء فيها قيدت السلطات القطرية حركة سكانها، وأحاطتها بنقاط تفتيش ووحدات لتطهير السيارات المستخدمة فى توصيل الإمدادات. وإلى الآن لم تذكر السلطات عدد الأشخاص المحاصرين فى المنطقة. وكانت وكالة «بلومبرج» الأمريكية قد ذكرت، الأربعاء، أن العمالة الوافدة بقطر تواجه أوضاعًا مأساوية داخل الحجر الصحى، الذى فرضته السلطات القطرية على مخيمات العمال بسبب تفشى كورونا، ما أدى إلى إصابة مئات العمال الآخرين بالفيروس التاجى. وأوضحت الوكالة أن الوباء تفشى بين العمال الوافدين «نظرًا لتدنى مستوى معيشتهم، وافتقار مناطق سكنهم للخدمات الصحية والآدمية». وأشارت الوكالة إلى أن مكتب الاتصال الحكومى القطرى لم يرد على أسئلتها بشأن عدد العمال المصابين.
بالتزامن، حاول المدعو حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس الوزراء القطرى الأسبق، بمنتهى الرُّخص، أن يبتز دول مجلس التعاون الخليجى، مستغلًا الأوضاع التى تشهدها بعد ظهور فيروس كورونا الجديد، أو ما بات يُعرف باسم «كوفيد- ١٩». وفى سلسلة تغريدات على «تويتر» تمنى المذكور «أن يستخلص قادتنا فى عالمنا العربى والخليجى بالذات العبر والدروس، ويعرفوا ضخامة المسئوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهم وما يترتب عليهم من عمل كبير لتخفيف أعباء التبعات السلبية، وبالأخص فى المجال الاقتصادى». ثم ناشد ملوك وأمراء دول مجلس التعاون، «بالذات»، بأن يضعوا خلافاتهم، التى أضرت بهم جميعًا جانبًا، وأن يجلسوا على مائدة واحدة لوضع الاستراتيجيات التى تخفف على شعوبهم «ما ستواجهه من تبعات قد تطال وتغير كثيرًا من الثوابت والمحرمات التى كان يحترمها المواطن الخليجى ويلتزم بها».
الأهم من التهديد الضمنى أو الصريح، هو أن المذكور أخذته العزة بالإثم، ولم يشر إلى تعاظم حجم الأزمة الاقتصادية التى تعيشها الدويلة التى شارك فى تخريبها. وهنا تكفى الإشارة إلى أن الاتحاد الدولى للنقل الجوى (إياتا) ذكر، الخميس، أن فيروس كورونا يهدد ٣٣ ألف وظيفة بقطاع الطيران فى قطر. كما كشفت السلطات الفلبينية، منذ أيام، عن قيام الخطوط الجوية القطرية بتسريح ٢٠٠ موظف فلبينى دون سابق إنذار. وطلب ديفيد ديسكانج، ملحق العمل الفلبينى فى الدوحة، من السلطات القطرية توضيح السبب، مشيرًا إلى أن العمال فوجئوا بقرار الاستغناء عن خدماتهم، الذى بدأ سريانه اعتبارًا من الثلاثاء الماضى.
حقارة، وضاعة، وخسّة العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، ليست جديدة. لكن تغليبها للّعب القذر على أرواح الشعب القطرى، وأرواح رعايا الدول الأخرى المقيمين فى دويلتهم، وأرواح كل شعوب المنطقة إجمالًا، كشف عن مستوى الانحطاط، غير المسبوق، الذى نزلت إليه تلك العائلة والأبواق التابعة لها والغلمان الذين تستعملهم.