رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعاء رفع البلاء والكرب والغم «٢-٢»


لم يجد قوم «يونس» أمامهم، بعد مغادرته غاضبًا، سوى الذهاب إلى شيخ كبير، يساعدهم فى إخراجهم مما أصابهم، فأخذ بأيديهم إلى طريق التوبة إلى الله تعالى، فجمعوا كبيرهم وصغيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وحيواناتهم جميعًا، ثمّ جعلوا على رءوسهم الرماد، ولبسوا المسوح من اللباس، تواضعًا لله سبحانه، ثمّ أقبلوا عليه فى هذه الحال فى مشهد عظيم، ضارعين له أن يصرف عنهم العذاب، ويتوب عليهم، فتاب الله- تعالى- عليهم، وقبل إيمانهم بعد كل هذا الكفر والعِناد.
لحق يونس بقوم آخرين، وركب معهم السفينة، التى ما إن وصلت بهم جميعًا إلى عُرض البحر، حتى تمايلت واضطربت واهتزت، فلم يجدوا سبيلًا للخلاص إلا أن يلقوا بأحدهم فى البحر، تخفيفًا للحِمل، فاقترعوا على مَن يُلقى بنفسه فى البحر.
بعد أن أجروا القرعة، وقعت على سيدنا يونس ليلقى بنفسه فى البحر للمحافظة على السفينة، لكن الأمر لم يرق لأصحاب السفينة لما لمسوه فيه من الخير والصلاح، إذ حاولوا إبقاءه حيًا، فأعادوا القرعة ثلاث مرات، من أجل ذلك.
لكن القرعة كانت فى كل مرة تأتى بنبى الله فى المرات الثلاث فلم يجد يونس- عليه السلام- إلا أن يلقى نفسه فى البحر، وهو حسن الظن بالله تعالى، أنه لن يتركه يغرق، فأقبل إليه حوت مرسل من الله، والتقمه فى بطنه، فكان له الملاذ، وكان مصلاه، الذى لم يتوقف عن عبادة الله فيه.
وبينما كان يونس فى بطن الحوت، سمع يونس أصواتًا غريبة لم يفهمها، فأوحى الله تعالى له أنّها تسبيح مخلوقات البحر، فأقبل هو أيضًا يسبّح الله تعالى، قائلًا: «لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».
فجاءته الإجابة من الله تعالى: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ»، أمر الحوت الذى بقى فى طنه لمدة ثلاثة أيام أن يقذف به على اليابسة، فقذف به فى منطقة رملية، ليجد نفسه عريانًا مريضًا مغمومًا.
لكن الله أتم عليه من فضله ونعمه، أن أنبت الله له شجرة من اليقطين «القرع»، حيث أنه كان ملتصقًا بجسده عوالق البحر من القشريات، ورائحتها تجذب الذباب وهو أمر لا ينطبق على شجرة اليقطين وورقه، فهو الشجر الوحيد الذى ينفر الذباب منه، ولا يقترب منه، لأنه يصدر هورمون تنفر منه الحشرات الطائرة.
فالتسبيح وذكر الله فى الرخاء هما طوق النجاة للمسبحين وقت الضيق، وهما اللذين يجعل الله لهم بفضلهما نافذة تخرجهم من ضيق الحال إلى سعة النعمة والرخاء.
ما من أحد إلا وهو عرضة لأن يصيب قلبه همًا أو ضيقًا، قد تبدو الأسباب مختلفة، لكن يبقى العلاج واحدًا فى كل الحالات واحدًا: «لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين» تفرج الكرب والهم، وتجلى الصدر من الأحزان.
ومن يعانى همًا وضيقًا يظن أنه لا ينفرج، عليه ألا ييأس وقد جعل الله له مخرجًا فى الذكر والتسبيح، وكما نجا الله يونس بفضل تسبيحه وإقباله على الله فى بطن الحوت، كذلك كل مؤمن الله يزف إليه البشرى، ويعده بفرج قريب، ما دام مقبلًا عليه بكل جوارحه، لا ينفك أن يدعوه ليفرج عنه ما هو فيه.
ردد هذا الدعاء مائة مرة، وكن لديك يقين فى الله وثقة بأنه سيستجيب له، وستشعر بعدها براحة وطمأنينة بأن الله سينجيك ويرفع عنك البلاء.
أرسل هذا الدعاء لكل مهموم وكل صاحب ألم وكل صاحب بلاء، وقل له: رددها لأن ربنا هو الذى وعدنا بها وقال «وَكَذَلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِينَ»، ووعود ربنا لا تتغير ولا تتبدل، «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا»، «وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا»، «إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا».