رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوعي واللاوعي بفيروس كورونا


إننا نعيش هذه الأيام مشهدًا استثنائيًا يذكرني بأفلام الخيال العلمي المخيفة للسينما العالمية وكأننا نعيش أحداثًا لا تحدث في الواقع.. إنه كابوس مربك وفي حاجة إلى قرارات كبيرة وتدابير شجاعة ويتطلب ضرورات ملحة.. كما يتطلب درجة عالية من الوعي الجماعي.

إن فيروس كورونا الذي اجتاح العالم بسرعة صاروخية مذهلة قد جعل العالم كله في وضع مهيب وجديد ومختلف، تتساوي فيه دولة غنية ودولة فقيرة.. وانطلقت تفسيرات وتخمينات من كل صوب هي أيضا زادت المشهد ارتباكًا، كن الأمر المؤكد أننا نعايش الآن ومنذ أيام مشهد ذعر استثنائي نادرا ما عرفته البشرية من قبل ولم تختبره لأنه فيروس مستجد فيروس كورونا.

فلقد انتشرت أنباء هذا الوباء بين يوم وليلة حيث بدأ في الصين وفي أيام قليلة انتشر وتصاعدت أرقام الإصابات به، ثم تصاعد أيضًا عدد الوفيات بسببه ولم يعرف له علاجا فعالًًا حتى الآن وإن كان جاري البحث عنه.
ومع السماوات المفتوحة وإسقاط الحواجز بين الدول وتعدد وسائل السفر والمواصلات الحديثة وسهولة التواصل بين الناس في العالم انتشر الفيروس وملأ الدنيا واجتاح أوروبا ثم وصل إلى أمريكا التي هي أقوى دولة في العالم وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي مباشر على الهواء حالة الطوارئ في الولايات المتحدة الأمريكية.. ولأنه كان قد استقبل رئيس فنزويللا صباح نفس اليوم فإن ذلك اقتضي إجراء تحليل الفيروس له حيث صرح بعدها أنه سلبي وأعلن في نفس المؤتمر الصحفي الذي شاهدناه على الهواء أن أمريكا تجري اختبارات علميه لاكتشاف علاج له في أسرع وقت.
أما في مصر أم الدنيا ورغم أن الوباء كان لدينا في البداية بعدد محدود ومحصور فإننا هنا في مصر نعيش مشهدا مزدوج فمصر دائمًا حالة خاصة جدا وبالنسبة لوباء كورونا رأينا حالة تمزج بين الوعي واللاوعي في نفس الوقت.
فعلى مستوى القيادة السياسية فإنه قد تم اتخاذ حزمة من التدابير الاحترازية السريعة بهدف حماية الشعب المصري ومحاصرة الفيروس قبل أن يستفحل وحتى لا ينتشر.. وهكذا فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي في ظل محنة فيروس كورونا التي تجتاح العالم أسرع بإصدار قرارات سريعة احترازية للحفاظ على الشعب المصري خاصة الأطفال والأبناء والطلاب حيث وجه بتعطيل المدارس والجامعات لمده أسبوعين.. كما أصدر د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء عده تدابير احترازية ضرورية ومنها على سبيل المثال لا الحصر حظر التجمعات الكبيرة حرصًا على صحة الشعب.
كما تم تأجيل الجلسات بالمحاكم لمدة أسبوعين.. وقام الجيش المصري بالمساعدة في مواجهة الفيروس المستجد بنشر وحدات الحرب البيولوجية الكيميائية بتعقيم المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وهكذا شهدت مصر حالة وعي عالي ويقظة وتعاون على مستوى الدولة بين الوزارات والجهات المعنية المسئولة على قدر مستوى المشكلة المتصاعدة التي تجتاح العالم بسرعه صاروخية.. وفي نفس الوقت ومن ناحية أخرى حاول المتربصون بالوطن استغلال المشكلة ونشر حالة من الرعب من الإصابة وذلك بتصعيد هوجة من الإشاعات وأخبار كاذبة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي مما أسفر عن حالة من اللاوعي في شكل سلوكيات عشوائية من قبل بعض الفئات من المجتمع.. مثل التكالب على شراء السلع من السوبر ماركت والمولات، والذعر العشوائي لدي بعض الأسر والذي يعقد الحياة ويحدث حالة ارتباك في البيوت.

ووجدت نفسي ومنذ أيام أتلقى سيلا من المكالمات التليفونية تسأل عن إشاعات مغرضة وكاذبة أطلقها جماعة الظلاميون مثل أنه سيتم إعلان حظر التجول يوم الثلاثاء وأن المياه سيتم قطعها لمدة ثلاثة أيام متواصلة عن محافظتي القاهرة والجيزة.. وفي نفس الوقت ومن ناحية أخرى انتشرت حالة من الوعي بين غالبية الشعب حيث قرر غالبية المواطنين البقاء في البيوت في الأيام الأولى للإجراءات الاحترازية مما يعكس الثقة بالرئيس والحكومة.. وأتمنى أن نظل على الالتزام بهذه الإجراءات الاحترازية.

إننا من الضروري أن ندرك أن محاصرة فيروس كورونا تحتاج إلى درجة عالية من الوعي ولا بد أن يشارك فيها كل فئات المجتمع من أجل تجاوز هذه المرحلة الحرجة ومن أجل حماية الأسر المصرية.. كما أنه لا بد أن يشارك الكل ويتعاون في تحقيق منظومة وعي حتى نعبر الفترة الصعبة. بحيث لا ينتشر الفيروس في أنحاء الوطن خلال هذين الأسبوعين.. وتبدأ منظومة الوعي بوسائل الإعلام والكتاب والمفكرين والقيام بدورهم في رفع درجة وعي الشعب لتبصير المواطنين أولا بأول بكيفية الحماية من هذا المرض المستجد.
وهنا أطالب المرأة المصرية بأن تتصدر المشهد كما تصدرته من قبل حيث أن عليها دورا مهما وفعالا في محاصرة الفيروس المستجد كأم وكمسئولة عن أسرتها وعليها تبصير أبنائها بسبل الوقاية دون أن تسبب له الفزع وعليها حماية بيتها وتوعية كل من حولها بأهمية الخطوات الضرورية للوقاية منه والتعقيم الضروري والالتزام بالبعد عن أماكن الزحام.
إن هذا الدور أطالب المرأة المصرية أن تقوم به لتجتاز بلدنا الفترة الحرجة والتعاون مع الدولة في حماية الوطن وهي أهل لذلك وقادرة على هذه المهمة الصعبة.. كما سبق لها النجاح في كل الأوقات التي احتاج الوطن فيه إلى دورها ووقفتها الجادة لتفادي خطورة انتشار الوباء.
ولأن مصر كانت دائما وعبر تاريخها قادرة على عبور الصعب والانتصار على المحن، فإن تعاون الشعب مع الدولة والالتزام من جانب المواطنين بالإجراءات الاحترازية والوعي بأهمية اجتياز هذه المحنة بسلام، فانني اعتقد أننا يمكن أن ننتصر في مصر على وباء الكورونا المستجد الذي ينشر الخوف والفزع في كل أنحاء العالم.