رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم المرأة المصرية.. زينب الكفراوى ودرية شفيق



كل التحية للمرأة المصرية ومسيرة كفاح تزيد على المئة عام من أجل العالم الأفضل والعدالة الاجتماعية والمساواة، وعدم التمييز من أجل تحسين ظروف العمل من أجل الاستقلال ومواجهة الاحتلال الإنجليزى، بالمشاركة فى ثورة ١٩١٩ رافعين علم مصر حاملين الهلال مع الصليب، من أجل الدفاع عن الوطن.. كل التحية للمرأة المصرية ولمسيرة كفاحها منذ وضع دستور ١٩٢٣ من أجل حق الترشح والانتخاب، مسيرة عطرة وملحمة بطولية سطرها التاريخ بحروف من نور وبدماء شهيدات ثورة ١٩١٩ فى ١٦ مارس.
دعونى فى هذا اليوم أوجه تحية خاصة لسيدتين من مصر لهما دور كبير فى مسيرة كفاح المرأة المصرية زينب الكفراوى ودرية شفيق.
سأحدثكم عن عاشقة الوطن الفدائية البورسعيدية زينب الكفراوى، التى انضمت لصفوف المقاومة الشعبية التى عمت مدن القناة عقب العدوان الثلاثى «إنجلترا وفرنسا وإسرائيل» على مصر فى أكتوبر ١٩٥٦، عقب قرار تأميم قناة السويس فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦ من أجل تمويل مشروع بناء السد العالى بأموال مصرية، وبنائه بسواعد المصريين، وواجه الفدائيون فى مدن القناة العدوان بكل شجاعة؛ دفاعًا عن وطنهم وأرضهم وقناتهم التى حُفِرت بأيدٍ مصرية، وسقط فيها أثناء الحفر ١٢٠ ألفًا من المصريين، «الجيش المصرى» بمشاركة ودعم كتائب المقاومة الشعبية من النساء والرجال والشباب والأطفال دحروا العدو فى ٢٣ ديسمبر وتحقق النصر العظيم.
انضمت ابنة بورسعيد الباسلة إلى المقاومة الشعبية للاحتلال البريطانى فى سن صغيرة، ولعبت دورًا شجاعًا، وهى لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها فى حرب ١٩٥٦، حين أراد رجال المقاومة نقل أسلحة وذخائر من مكان سرى إلى تجمعهم فى مكان آخر، فما كان من تقدم الفدائية زينب الكفراوى لهذه المهمة الخطرة، وذهبت مع أبطال المقاومة إلى المخبأ السرى، وحملت عددًا من القنابل والأسلحة ووضعتها أسفل عربة أطفال، ووضعت فوقها مرتبة للطفل وأحضرت طفلًا رضيعًا وهو ابن أختها، وسارت به من أمام كمين للضباط الإنجليز بأعصاب حديدية وبكل شجاعة وأكملت المهمة، وأوصلت السلاح للفدائيين.. كما شاركت فى تخبئة ضابط إنجليزى تم اختطافه حتى لا يعرف مكانه العدو من أجل أن تساوم كتائب الفدائيين به جنود العدو، كل التحية للمرأة الشجاعة الجسورة الفدائية ابنة بورسعيد زينب الكفراوى التى رحلت عن دنيانا منذ أسبوعين.. تحية لروحها مع الشهداء والشهيدات وأمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد.. أمانة عليك أمانة لتبوسلى كل إيد.. حاربت فى بورسعيد.
ولنكمل حديثنا فى يوم المرأة المصرية عن السيدة درية شفيق التى أكملت تعليمها وحصلت على الدكتوراه فى الفلسفة من جامعة السوربون بفرنسا، وهى فى سن ٣٢ عامًا وعادت إلى مصر لاستكمال مسيرة نضال المرأة المصرية، وأسست فى أواخر الأربعينيات اتحاد بنات النيل، والتى قامت من خلاله بتعليم النساء العاملات من جميع الطبقات وقامت بفتح فصول محو الأمية، ونشر التوعية بين النساء بحقوقهن ومنها حق الترشح والانتخاب وتولى المناصب.
فى ١٩ فبراير ١٩٥١ جمعت درية شفيق حشدًا من ١٥٠٠ امرأة فى قاعة بالجامعة الأمريكية من أجل عقد مؤتمر نسائى، وخرجت بهن إلى البرلمان المصرى، واستمرت بالتظاهرة مدة ٤ ساعات حتى تعهد رئيس المجلس بالنظر فى مطالبهن الخاصة بتولى المناصب والترشح والانتخاب.
وعند كتابة دستور ١٩٥٤ أضربت درية شفيق عن الطعام من أجل انضمام النساء للجنة وضع الدستور للمشاركة فى كتابته، وبعد ١٠ أيام من الإضراب تدهورت حالتها الصحية وتم نقلها إلى المستشفى، ولم ترجع عن الإضراب إلا بعد أن وعدها رئيس الجمهورية وقتها محمد نجيب بأن تحصل النساء على كامل حقوقهن، وبالفعل صدر دستور ١٩٥٦ بعد ذلك؛ ليحمل حق الترشح والانتخاب وأصبح أول دستور مصرى يكفل للمرأة مباشرة حقوقها السياسية من خلال ما نصت عليه المادة ٦١، والتى على إثرها تم تشريع قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم ٧٣، والذى قرر على كل مصرى ومصرية بلغ من العمر ١٨ عامًا أن يباشر بنفسه حقوقه السياسية، وتم جنى ثمار كفاح درية شفيق وزميلاتها فى وصول أول امرأتين لمجلس الشعب فى انتخابات ١٩٥٧، حيث تم فتح باب الترشح فى ١٨ يوليو وترشح ٥ سيدات ذلك العام من بين ١٧٤٨ مرشحًا ومرشحة وهن زينب مراد وشهرتها «سيزا نبراوى» عن دائرة مصر القديمة، ونظلة الحكيم عن دائرة بلقاس دقهلية، وزينات عابدين عن دائرة كرداسة بمحافظة الجيزة، وراوية عطية عن دائرة قسم الجيزة، وأمينة شكرى عن دائرة باب شرق بالإسكندرية. ونجحت أول امرأتين ودخلتا مجلس الشعب فى برلمان ١٩٥٧ وهما راوية عطية وأمينة شكرى.
نوجه كل التحية للمرأة المصرية والمرأة العربية المستمرة فى ملحمة الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، ومن أجل مواجهة العنف والتمييز ضد المرأة، ومن أجل قانون عمل يحقق الأمن والأمان للرجل والمرأة ومن أجل قانون عادل للأسرة المصرية يتماشى مع المتغيرات التى طرأت على المجتمع، ويحقق الاستقرار للأب والأم والأطفال.
إن بناء ونمو وتقدم المجتمع يعتمد على جناحين هما المرأة والرجل.