رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيل المساواة فى يوم المرأة العالمى


كل عام وكل امرأة طيبة بمناسبة شهر المرأة الذى يبدأ العالم الاحتفال به يوم ٨ مارس من كل عام، حيث يكون فرصة سانحة لإلقاء الضوء على ما تحقق للمرأة فى العالم من مكتسبات وحقوق، وما تواجهه من معاناة ومشاكل وقهر، وما تتطلع إليه من أمنيات وأحلام ومطالب.. وبالنسبة لى، فإننى دائمًا ما أتوقف فى هذا الشهر للتركيز فى الكتابة عن المرأة، وما يواجهها من قضايا وتحديات ومصاعب، وما تتطلع إليه من تحسن فى أحوالها، كما أضع وجهة نظرى حول ما أتطلع إليه للنساء والفتيات فى بلدنا، وأُلقى الضوء أيضًا على تجارب دول سبقتنا، وغيرها من القضايا والأمور التى أرى ضرورة طرحها على القارئ.
فلدىّ اهتمام أصيل بأحوال المرأة، ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم، حيث كلاهما مرتبط بالآخر، ولأن التقدم الذى يحدث فى أى من المجالات المتعلقة بالمرأة فى العالم يكون فرصة سانحة لإحراز تقدم موازٍ فى بلدنا، ولما لمصر من موقع مهم فى العالم ودور رائد فى منطقتنا العربية.. وبنظرة سريعة إلى حال المرأة فى العالم سنجد أنه لا تزال هناك حالة تناقض فى أوضاعها، فرغم ما تحقق لها من تقدم، وتبؤوها مناصب عليا ورفيعة فى بعض الدول وفى عدة مجالات، وحصولها على دعم القيادة السياسية فى العديد من الدول المتقدمة، إلا أنها وفى هذه الدول نفسها لا تزال على مستوى القاعدة تعانى مشكلات وقضايا صعبة ومعقدة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا. بينما فى الدول التى لا تُعلى قيمة المرأة نجد أوضاعًا سيئة وخطيرة فى حاجة إلى دعم ومساندة ومساعدة، وخاصة فى مناطق الصراعات والنزاعات المسلحة وفى مناطق التشدد والتطرف والعنف.. فضلًا عن وجود تيارات التشدد والتطرف التى تستغل الدين بهدف الرجوع بها إلى الوراء وإلى عصور الظلام، وبخس حقوقها وتحقير شأنها.
إننا فى هذا العام فى حاجة ملحة إلى تعبئة الجهود، لدفع الأوضاع قدمًا نحو تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين وتحسين أوضاع المرأة، وفى هذا السياق وقع اختيار منظمة الأمم المتحدة على موضوع مهم ليوم المرأة العالمى هو «جيل المساواة.. إعمال حقوق المرأة».. انطلاقًا من أن المساواة بين المرأة والرجل هو أمل وهدف وتطلع لم يتحقق فى أى دولة حتى الآن.. ويتناسب موضوع الاحتفال هذا العام مع الحملة متعددة الأجيال للمنظمة والمسماة «جيل المساواة». كما يتواكب احتفال هذا العام مع مرور ٢٥ عامًا على إعلان مؤتمر بكين الذى يُعد خارطة الطريق الأكثر تقدمًا لتمكين المرأة والفتاة فى كل أنحاء العالم.. ومن يتابع أحوال المرأة عن قرب يدرك أن التقدم كان بطيئًا ومؤلمًا وما زال يتطلب نضالًا وكفاحًا متواصلًا.. وتواجهه عقبات كثيرة وخاصة من ناحية الثقافة المجتمعية والقوانين المطلوبة، وأيضًا لضرورة تفعيل القوانين القائمة على أرض الواقع، وهذه حقيقة واضحة للمهتمين بقضية تقدم المرأة. كما لا يزال يتبقى عمل مهم فى مجال تغيير القوانين والثقافة السائدة، لهذا ففى تقديرى أن عام ٢٠٢٠ هو فرصة سانحة لتركيز الجهود ومضاعفتها لتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل.
وإن نظرة سريعة على بعض الأرقام التى تم إعلانها منذ أيام تجعلنا ندرك أنه ما زال هناك عمل كبير، وتوضح حجم الجهد الذى لا بد أن يبذل فى اتجاه تحقيق المساواة:
إن ثلث نساء وبنات العالم عانت وتعانى من عنف أو انتهاك جسدى، وإن هناك ٢٠٠ مليون فتاة تعانى من ختان الإناث، وإن النساء يشغلن ٢٤٪ فقط من المقاعد البرلمانية فى جميع أنحاء العالم، وإن ما تكسبه النساء يقل بنسبة ٢٣٪ عما يكسبه الرجال على الصعيد العالمى.
وهكذا فإن هذه الأرقام فقط تعكس لنا أنه إذا كان العالم يحتفل بيوم المرأة العالمى هذا العام بموضوع محدد هو «المساواة»، فإنه من ناحية أخرى هناك فرصة سانحة لنا فى مصر أن نحرص على دعم فكرة المساواة بين المرأة والرجل، لأننا ما زلنا فى حاجة إلى جهد كبير فى تحقيقها على المستويين الثقافى والقانونى فى مجتمعنا.