رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعاء الفتح فى مشروعات الحياة «٢-٢»


لماذا «أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق»؟ لأن البدايات هى الخطوة الأهم فى حياة الإنسان، فالحياة عبارة عن مجموعة من الخطوات الجديدة، ينتقل إليها الإنسان من خطوات قديمة، وهكذا يظل الإنسان فى حراك دائم، ينتقل من حال إلى حال، سواءً فى حياته الشخصية، أو مشروعاته العملية، يظل يسأل نفسه: كيف ستكون البداية؟
وكما قيل قديمًا: «من صحت بدايته صحت نهايته»، و«مدخل صدق» هو المدخل الصحيح، الذى لا كذب فيه أو التواء، حتى لا أقع ضحية لإنسان يحتال أو ينصب على، أو أرزق بزوج غير مناسب لى، أو أدخل فى شراكة مع شخص نيته سيئة، فهو دعاء ينير لك الطريق ليوضح لك من يخدعك.
«أخرجنى مخرج صدق»، فكم من أشخاص كانت بداياتهم صحيحة، لكنهم سرعان ما تاهوا، وعجزوا عن إيجاد المخرج الصحيح لأزماتهم، وهو سر اقتران «مدخل صدق» بــ «مخرج صدق»، فكلاهما يرتبطان ببعض.
الإمام الشيخ محمد متولى الشعراوى- رحمه الله- فى خاطرته حول هذه الآية يفسر لماذا قدم القرآن «المدخل» على «المخرج»، بالقول: «الدخول هو غاية الخروج، ولأن الخروج متروك والدخول مستقبل لك، إذن: الدخول هو الأهم فبدأ به».
أما معنى «مخرجَ الصدق»، و«مدخل الصدق»، فهو أنك لا تدخل أو تخرج بدون هدف، فإن خرجت من مكان إلى آخر، فليكن مخرجك مخرج صدق، يعنى: مطابقًا لواقع مهمتك، وإن دخلت مكانًا فليكن دخولك مدخل صدق. أى لهدف محدد تريد تحقيقه.
إذن المعنى المقصود أن يكون دخولك لله وخروجك لله، وهكذا خرج رسول الله من مكة ودخل المدينة، فكان خروجه لله، ودخوله لله، فخرج مخرج صدق، ودخل مدخل صدق.
فما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة إلّا لما آذاه قومه واضطهدوه وحاربوا دعوته، حتى لم تعد التربة فى مكة صالحة لنمو الدعوة، وما دخل المدينة إلا لما رأى النصرة والمؤازرة من أهلها.
فالصدق أن يطابق الواقع والسلوك ما تكنه نفسك، فلا يكن لك قصور فى نفسك، ولك حركة مخالفة لهذا القصد.
«واجعل لى من لدنك سلطانًا نصيرًا»، طلب من الله العون والمعونة والتسديد والحكمة، وهو ما لا يمكن أن نستغنى عنه فى حياتنا حتى ننجح وننال ما نتمناه فى كل أمورنا.
لذا على المسلم أن يردد هذه الدعاء عند الإقدام على أى أمر جديد، وأن نعلمه لأبنائنا ونتفكر فى معانيه حتى يستجيب الله تعالى ببركته لنا.
يقول الإمام ابن القيم- رحمه الله: «وهذه الدعوة من أنفع الدعاء للعبد، فإنه لا يزال داخلًا فى أمر وخارجًا من أمر، فمتى كان دخوله لله وبالله وخروجه كذلك كان قد أُدخل مدخل صدق وأُخرج مخرج صدق».
فإذا كنت مبتدئًا على عمل جديد قل يارب: «ادخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق»، فمن ابتغى من الله صدق المدخل والمخرج رزقه، ومن سأله حسن العمل وفقه إليه، ومن ابتغى رضاه هداه لذلك، فلا يفوتك هذا الدعاء القرآنى، واجعله فى قلبك على الدوام، ينطق به اللسان، ويثق القلب فى حسن تدبير الله، فما كان لك سوف يأتيك، ومن لم يكن لك فيه نصيب، فيصرفك عنه إلى غيره بحكمه وعلمه.