رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تبرير أمريكى لتسليح الإرهاب



الإرهابيون فى سوريا، وفى غيرها، يقاتلون بأسلحة أمريكية، حصلوا عليها من الولايات المتحدة بشكل مباشر، أو عبر وسطاء. واستباقًا لاتهام المصدر أو الوسطاء، بدعم الإرهاب، أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تقريرًا زعمت فيه أن أسلحة ومعدات عسكرية قيمتها ٧١٥ مليون دولار كانت موجهة إلى حلفائها فى سوريا لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابى، إلا أنها ضلت طريقها بسبب أخطاء إدارية، مثل عدم تسجيلها، سوء التخزين، ضياع الفواتير أو غيرها!.
التقرير الصادر عن مكتب المفتش العام بالبنتاجون، المكلف بإجراء تحقيقات داخلية، زعم أن القوات المشتركة لعملية «العزم الصلب» فى سوريا، لم تحتفظ بقوائم للمعدات العسكرية التى تسلمتها، بالإضافة إلى أنها لم تقم بتخزين تلك المعدات وفق الإجراءات السليمة. وضمن ما ذكره التقرير، أن نحو ٤١٠٠ قطعة سلاح، منها قاذفات قنابل يدوية وأسلحة آلية، تم وضعها فى حاويات شحن معدنية، فى ظروف مناخية غير مناسبة، ما عرّضها للحرارة والرطوبة والتلف!.
أى تاجر خردة، كالحاج عبدالغفور البرعى، مثلًا، سيضرب كفًا بكف، حين يقرأ تقريرًا كهذا، وقد تصل ضحكته إلى أبعد نقطة فى شارعه أو حارته، حين يجد مفتش عام البنتاجون يوصى، فى نهاية تقريره، بضرورة تطوير مخزن مركزى لقوات العمليات المشتركة، بحيث يضم جميع الوثائق والمستندات المطلوبة. وقد يصرف الحاج عبدالغفور «نور الشريف فى مسلسل لن أعيش فى جلباب أبى» مكافأة لفهيم أفندى «فاروق الرشيدى»، لو عرف أن التقرير طالب قائد قوات العمليات بإجراء مراجعات وتفتيشات بصفة دورية للمخازن أو منشآت التخزين!.
الترجمة المباشرة لهذا التقرير، هى أن وزارة الدفاع الأمريكية تريد أن تقول إن تلك الأسلحة والمعدات العسكرية، التى كانت تستهدف محاربة الإرهابيين فى سوريا، ضلت طريقها ووقعت فى أيدى التنظيمات الإرهابية، بنية حسنة. مع أن الثابت، بأدلة قاطعة وقطعية، هو أن تلك التنظيمات ربطتها علاقات قوية ووثيقة بالسلطات التركية، القطرية... و... والإسرائيلية. وبسهولة، يمكنك استنتاج أن هذه العلاقات تمت بأوامر الولايات المتحدة الأمريكية، أو على الأقل برعايتها ما يعنى أن الأسلحة والمعدات لم تضل الطريق.
يؤكد ذلك، أن تحقيقًا جرى سنة ٢٠١٦ بشأن مبيعات الأسلحة إلى أفغانستان والعراق، أظهر عدم وجود سجلات إلّا لـ٧٠٠ ألف قطعة سلاح، أى أقل من نصف الأسلحة التى بيعت خلال ١٤ عامًا من الحرب على الإرهاب. ويؤكده أيضًا، وجود اعترافات واضحة لإرهابيين، تم إلقاء القبض عليهم، بأن المصدر الرئيسى للأسلحة التى حصل عليها «داعش»، كانت قيادات ما يوصف بـ«الجيش السورى الحر»، الذى تُدرجه الإدارة الأمريكية ضمن ما تصفها بـ«المعارضة المعتدلة المسلحة». وهى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التى موّلتها ودربتها وسلحتها الولايات المتحدة، والأنظمة التابعة لها، وتُدار بـ«الريموت كنترول» من المخابرات المركزية الأمريكية.
الإرهابيون، وهم قياديون بارزون فى تنظيم «داعش»، اعترفوا أيضًا بأنهم قاموا بالتنسيق مع السلطات التركية لإدخال من وصفوهم بـ«المهاجرين» عبر الحدود إلى العراق وسوريا، للقتال فى صفوف التنظيمات الإرهابية. وبأنهم قاموا بالتنسيق مع الأتراك أيضًا، لنقل الإرهابيين المصابين لتلقى العلاج فى المستشفيات التركية. وبأن السلطات القطرية قدمت دعمًا كبيرًا للتنظيم فى سوريا، وكانت ترسل، عبر الشيخ خالد سليمان، مليون دولار شهريًا. وهناك تأكيدات أيضًا أن جهات إسرائيلية قامت بإرسال أموال إلى المقاتلين، وأنها قامت بالتنسيق مع الإرهابيين لعلاج المصابين داخل مستشفيات إسرائيلية.
قد ترى الصورة أكثر وضوحًا، لو كنت قرأت أو سمعت أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أمر بوقف البرنامج «السرى» الذى تديره الـ«CIA» لتدريب ما وصفها بـ«جماعات المعارضة السورية». وهو البرنامج الذى قيل إنه تم إطلاقه سنة ٢٠١٣ بقرار من الرئيس السابق، باراك أوباما، بينما تقول شواهد كثيرة إنه بدأ قبل سنتين، على الأقل، من هذا التاريخ. وهناك شواهد أكثر تقول «بل وتؤكد» إن الولايات المتحدة دعمت برامج شبيهة فى ليبيا، اليمن، ومصر، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، عملاء أو وكلاء، كـ«مجنون إسطنبول» و«العائلة الضالة» التى تحكم قطر بالوكالة، وذلك الإرهابى الذى يرأس الحكومة الإسرائيلية.
وقت نجاح مصر، منذ ثلاث سنوات تقريبًا، فى استصدار قرار من «مجلس الأمن» يرحب بالإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى ووضعه موضع التنفيذ- قلنا إن العبرة ليست باعتماد وثيقة جديدة، تُضاف إلى وثائق وقرارات مجلس الأمن السابقة، وإنما بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.. وبمرور الأيام، اتضح أن القرار والمجلس الذى أصدره، لا يساويان جناح بعوضة، وتكون كريمًا وطيبًا زيادة على اللازم، لو قيّمتهما بأكثر من ذلك، مع عدم وجود إرادة حقيقية أو آليات فعالة وفعلية «دولية أو أممية» لردع الدول الداعمة للإرهاب، سواء الظاهرة منها أو تلك التى تحاول إخفاء ذقنها بـ«زمّارة».