رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة بيع طفايات حريق «99 حربي» المغشوشة فى مصانع «بير السلم»

جودة مزيفة
جودة مزيفة

تحقيق/ هاني سميح - سمر محمدين - كمال عبد الرحمن - نادية عبد الباري - إيمان ماهر

◄ أحد التجار المتضررين: أغلب التجار يستخدمون بودرة مغشوشة في ترويج طفايات "99 حربي"
◄ «الدستور» تعقد اتفاقًا على شراء كمية من طفايات "99 حربي" المضروبة
◄ اعترافات مسجلة على لسان تجار الطفايات المغشوشة
◄ الحماية المدنية: "99 حربي" هو أكثر الأنواع التي يتم غشّها بسبب ثقة الناس فيها
◄ نقابة المهندسين: نفحص المنتجات المصرية للتأكد من توافر معايير التصنيع
◄ الإنتاج الحربي: ليست لدينا فروع أخرى.. وضبطنا مصانع بير سلم بالفعل



انتشرت طفايات حريق مغشوشة في الأسواق المصرية خلال الفترة الأخيرة، ولم يكتفِ من يروجها باستخدام بودرة سيئة الصنع وتعبئتها داخل أسطوانات الحريق التي تحمل العلامات التجارية المعروفة فقط، بل تمادوا في تزوير تلك المواد الكيميائية التي يحتاج إليها أي مشروع تجاري، وتمثل له مصدر أمان من الوقوع في حوادث خطرة.

طلبات إحاطة عدة تقدم بها العديد من نواب البرلمان حول تلك الظاهرة التي تمثل خطرًا داهمًا على المواطنين، ولم تخلُ الشكاوى المقدمة للجهات المعنية من الوقوع في ضرر بسبب الطفايات المغشوشة، حتى ظهر تطور جديد في هذه القضية، وهو استغلال تجار طفايات الحريق عبوات تحمل العلامة التجارية لـ"99 حربي"، وبيعها في الأسواق على أنها أصلية، وتابعة للشركة.ما حكاية هذه "الطفايات المغشوشة" واستغلال العلامة التجارية "99 حربي" لترويجها؟، ولماذا يتعمدون بيعها بأسعار أقل من نصف ثمنها الحقيقي؟، وكيف تتعامل وزارة الداخلية ومصانع الإنتاج الحربي مع ذلك؟.
"الدستور" اقتحمت في هذا التحقيق عالم الاتجار في طفايات الحريق التابعة لمصنع "99 الحربي" وغشها بالمخالفة للقانون والمواصفات القياسية، وبيعها على أنها طفايات رسمية تحمل العلامة التجارية والمواصفات القياسية.

صاحب محل متضرر: أغلب التجار يستخدمون بودرة مغشوشة في ترويج طفايات "99 حربي"

وقف حسن خليل أمام جميع الجهات المعنية بظاهرة انتشار طفايات الحريق المغشوشة، ليطرق أبوابهم بحثًا عن استغاثة بعد تفشي عدد كبير من محال طفايات حريق تغلف منتجاتها المغشوشة بالعلامات التجارية التي تحمل رقم "99" إنتاج حربي، وهو أحد المصانع المعتمدة والتابعة لوزارة الإنتاج الحربي.

"يستخدمون تلك العلامة خصيصًا كي تمنح المصداقية وتحقق الانتشار"، يقولها "خليل"، صاحب محل طفايات معتمد من مصانع الإنتاج الحربي، مؤكدًا أن تلك العبوات مخالفة لمواصفات السلامة والأمان التي تُصنع لأجلها، إلى جانب مصانع "بير سلم" التي تحمل علامات تجارية مصرية ودولية تعجز عن الإنقاذ في حال حدوث حريق، حيث تحتوي على مواد مخالفة للمعايير.

ويتابع "خليل"، أنه قام بافتتاح محل لبيع الطفايات بمحافظة الفيوم، بعد حصوله على الأوراق التي تتضمن مطابقته مواصفات البيع وسلامة المنتج الذي يقوم بتوزيعه، وبعد أن بدأ بتوزيع المنتج داخل المحافظة والإعلان عن الأسعار الرسمية، وُجهت له بعض التهديدات من شركة "الفيومي لطفايات الحريق"، التي أجبرته على غلق المحل في ذلك الوقت، مما دفعه للاستغاثة برئاسة قسم الشرطة التابع لمحل الإقامة، وجاءت قوة أمنية تحت إشراف رئيس المباحث، وقاموا بفتح المحل بعدما تأكدوا من سلامة التراخيص والأوراق التي تُفيد باعتماده من مصنع الإنتاج الحربي الأصلي.

افتتاح الفرع الثاني لبيع الطفايات الخاص بـ"خليل" كان بمثابة عرقلة لشركة الفيومي الشهيرة بتجارة الطفايات والأدوات الآمنة، وذلك لأن هذه الشركة تقوم ببيع الطفايات المضروبة، التي تختلف تمامًا عن المنتج الأصلي "99" حربي، وذلك حسبما أكدّ "خليل"، في حديثه لـ "الدستور".

حصل "خليل" على طفاية مضروبة تحمل رقم "99"، من شركة "الفيومي لبيع الطفايات"، عبر أحد الأشخاص المقبلين عليه في المحل، وتوجه بها إلى مصنع "99" حربي، وأثبتت التحريات هناك أنَّ الطفاية لا تحمل مواصفات المصنع الحربي ولا تمتلك أي جودة نهائيًا، بالإضافة إلى أنَّها مكوّنة من عدة مواد مخلوطة من البودرة التي يستخدمها العديد من أصحاب الشركات "المُزيّفة" في تعبئة المنتج، موضحًا أنَّ 90% من شركات مصر لا تتبع المواصفات الآمنة التي أقرّتها مصانع الإنتاج الحربي.

مصنع الإنتاج الحربي أصدر تقريره الرسمي الذي يُفيد بأنَّ الطفاية التي تقدمت له والخاصة بشركة الفيومي "مضروبة"، ولا تنتمي لتصنيع الطفايات الخاصة بها، والتي على إثرها قام محامي "99" بتقديم التقرير لوزارة التموين.

وكشف "خليل" أنَّ الطفايات المضروبة ترجع إلى أسباب، منها: أنَّ البودرة التي تتم تعبئة الطفايات بها فاسدة أو مضروبة تمامًا، والسبب الثاني هو أنَّ صناعة هذه الطفايات لم تتم الموافقة عليها من "الأيزو" أو "وحدة القياس"، موضحًا أنَّها من الممكن أن تنفجر في الأشخاص بسهولة جدًّا، ويرجع ذلك إلى أنَّها مضغوطة بغاز النيتروجين.

وتابع: بعض الشركات تقوم بتعبئة الطفايات بما يُسمى "الإسبداج"، وهي مادة تُستعمل في تلميع الزجاج، مضيفًا أنًّ: "الإسبداج" لا تقوم بإطفاء الحرائق، وسريعًا ما تنفجر في وجه من يستعمل الطفاية التي تحوى على هذه المواد المغشوشة.

"الطفايات المضروبة تتسبب بضرر بالغ يلحق بالموزعين والشركات المعتمدة، وأول هذه الأضرار هو تضارب العلامة التجارية الخاصة بـ99 حربي، وتداولها بشكل غير رسمي، بالإضافة لتقليل قيمة البيع التجارية التي تتعاقد بها الشركات المعتمدة مع المصانع الحربية، ما يجعل نسبة البيع لديهما ضعيفة للغاية"، كما يقول "خليل.

واختتم "خليل" حديثه بأنَّ الطفايات المضروبة تحقق أرباحًا هائلة، ومكسب الطفاية الواحدة يتراوح ما بين 400 و500 جنيه، وهذا ما يعمل عليه الكثير من أصحاب الشركات لاكتساب أكبر قدر ممكن من الأرباح "المُزيّفة".

وأوضحت تقارير هيئة التنمية الصناعية، وهي الجهة المسئولة عن تراخيص المنشآت الصناعية، أن هناك ما يقرب من 17 مصنعًا رسميًا لتصنيع طفايات الحريق، بالإضافة إلى وجود ما يزيد على 3000 تاجر، لكن هذا لم يكن العدد الحقيقى لتجار الطفايات في مصر، فقد أصبحوا متواجدين في كل مكان، يبيعون الوهم للمواطنين، دون أي مراعاة لما قد يحدث بسبب طمعهم في بعض المال.


"الدستور" تخوض رحلة البحث عن طفايات "99 حربي" المغشوشة

بدأت "الدستور" رحلتها متجهة إلى شارع الجمهورية الذي يقع بالقرب من ميدان رمسيس، والذي عرف أيضًا بـ"شارع طفايات الحريق"، لذا كان وجهتنا الرئيسية في هذا التحقيق لتتبع حقيقة بيع طفايات حريق مغشوشة تحمل علامة "99" التابعة للإنتاج الحربي، وهذا ما كشفناه بالفعل بعد رحلة بحث داخل 10 محلات، خمسة منهم عرضوا علينا الطفاية المذكورة بأسعار متفاوتة عن بعضهم البعض، بل أقل بكثير من سعر المنتج الأصلي في الشركة.

في البداية تقابلنا مع أحد أصحاب المحال المتواجدين على ناصية الشارع، والذي أوضح أنه لا يبيع طفاية "99 حربي" داخل المحل الخاص به، بسبب سمعتها السيئة التي انتشرت في السوق من حوله، بعد ترويج عدد كبير مغشوش منها، ورصد شكاوى عدة من قبل المستهلكين حول ذلك الأمر، ما جعل أغلب التجار في حالة حذر من التعامل في هذا المنتج خصيصًا.

لم يختلف رأي المحل التالي كثيرًا فقد استنكر تعامله في هذا المنتج من الأساس، ونصحنا بعدم الانسياق خلفه، لنستخدم نوع أخر بدلًا من الوقوع في فخ التجار، والحصول على طفايات مغشوشة الصنع، وعن سؤاله بإمكانية الحصول عليها في السوق "معظم المحلات في السوق بتبيعها.. بلاش تشتروها عشان بيشتروا العبوات فاضية ويملوها كربون مضروب".

لم تمر خطوات أخرى حتى وجدنا ما نبحث عنه في أحد المحال الكبيرة داخل الشارع، حين طلبنا شراء طفاية حريق "99 حربي" بغرض الاستخدام الظاهري فقط، غير باحثين عن الاستخدام الكيميائي من المادة المضافة بداخلها من بودرة لإطفاء الحرائق، وبالفعل سرعان ما تجاوب معنا التاجر "الطفايات موجودة وسعرها 500 جنيه من غير شهادة ضمان".

طلبنا من التاجر رؤية الطفاية والتأكد من أنها تحمل رقم "99" قبل شرائها، لكن رده كان بالرفض التام، مدعيًا أنه يحضرها إلى المحل على حسب الطلب، وإنها ليست للعرض بل للبيع فقط بعد الاتفاق على الكمية والسعر، حتى قررنا تركه والتوجه إلى محال أخرى، وجدنا بها جميعها الطفايات المغشوشة "99 حربي" تُباع بشكل طبيعي.

تكرر الحال مرة أخرى في المحل التالي، وعقدنا حينها اتفاقية مسجلة على شراء 4 طفايات حريق تحمل اسم "99 حربي"، كانت الواحدة منها يبلغ سعرها 400 جنيه فقط، مقارنة بسعرها الأصلي في المصنع والذي يبلغ قدره 1000 جنيه.
وجهتنا الأخيرة كانت أمام أحد محال الطفايات حين التقينا سعيد المحامي، والذي تدخل في الحديث عندما سمع سؤالنا عن رغبتنا في شراء طفايات مصانع 99 حربي، فبادر ناصحًا ألا نشتري من هذا النوع إطلاقًا من أي محل تجاري في السوق؛ لأنه مغشوش ومقلد الصنع، كما أنه لا يمت إلى مصنع الإنتاج الحربي بصلة حتى ولو حمل العلامة التجارية الخاصة به.

استكمل حديثه قائلًا: "أنه في حال رغبتنا في شراء الطفايات من تصنيع الجيش، فعلينا التوجه إلى الشراء من المصنع ذاته والذي يقع في منطقة حلوان، فهذا أضمن وأفضل، وبعندما أخبرناه بأن المصنع مغلق منذ شهر، حسبما روى أحد التجار لنا، نفى تمامًا كون المصنع مغلق، مؤكدًا أنه لا يزال قائمًا وينتج العديد من الوحدات، كما أنه يوجد له منافذ بيع لإمكانية الشراء من المصنع نفسه بجميع الأوراق والفواتير اللازمة للانتهاء من ترخيص المحال أو المطاعم وفق المواصفات المطلوبة".
أسفرت حملات مباحث التموين خلال عام 2019، عن ضبط 400 طفاية حريق مغشوشة في محافظة القاهرة، أم في محافظة الجيزة فقد تم ضبط 280 طفاية، وكذلك كان الحال في محافظة البحيرة حين تم مصادرة أكثر من 600 طفاية، أما محافظة القليوبية كان لها النصيب الأكبر حين ضبط أكثر من 6000 طفاية مغشوشة.

ووفقًا للمواصفات القياسية المصرية رقم 734 لسنة 2008، فقد أوضحت هيئة المواصفات والجودة، أن طفايات الحريق اليدوية التي تعمل بمسحوق كيماوي جاف، تختص بتحديد الحد الأدنى لمتطلبات التصنيع، والأداء، والتداول، والاختبارات، والصيانة، وإعادة التعبئة لأجهزة إطفاء الحريق بجميع أحجامها المختلفة، وأن أجهزة إطفاء الحريق اليدوية تعمل بالمسحوق الكيماوي الجاف، كما أنها متوافقة فنيًا مع المواصفة القياسية الأوروبية والدولية ISO 71652004،DIN EN3-8 l 2008k DIN EN3-7l2007.
"يعبئونها ببودرة مغشوشة".. كيف يتم تصنيع طفايات حريق "99 حربي" المزيفة؟

اسطوانات ضغط نيتروجين جاف، بودرة حريق مجهولة المصدر، طفايات حريق فارغة، مكابس لتعبئة البودرة داخل الطفايات، تلك هي المواد المستخدمة في عملية تصنيع طفايات الحريق المغشوشة، وذلك ما أكده أحد التجار خلال حديثه مع "الدستور"، محذرًا من التعامل نهائيًا مع المحال والورش التي تبيع الطفايات التي تحمل علامة "99 حربي".

"يستخدمون استيكرات مدون عليها اسم المصنع لبيع الطفايات دون شكوك حول ماهيتها"، يقول التاجر إن المحال التي تبيع طفايات "99 حربي" المغشوشة تتعمد تجميع الطفايات الفارغة وتعبئتها داخل ورش في الخفاء، مستخدمين بودرة غير معلومة الماهية، لبيعها في الأسواق بأرخص الأسعار، ثم يلصقون تلك الاستيكرات على العبوة من الخارج، لإتمام عملية ترويجها بأسهل وأضمن شكل ممكن.

ورش تستخدم مواد مجهولة لتعبئة طفايات "99 حربي"

في منطقة حدائق القبة، توالت شكاوى المواطنين بشأن انتشار طفايات حريق مغشوشة داخل أحد المصانع غير المرخصة لشخص أربعيني، "أ. ع"، كان يتعمد تجميع الطفايات الفارغة وتعبئتها بمواد مجهولة المصدر من البودرة المغشوشة والضعيفة، ولصق علامات تجارية تابعة لمصنع "99 حربي"، بهدف الكسب غير المشروع، حتى تم القبض عليه قبل عدة أسابيع من قبل قوات الأمن، وكشفت التحريات استخدامه لمواد ليس لها أساس وغير مصحوبة بمستندات تدل على مصدرها.

هكذا كان الحال أيضًا في إحدى ورش تصنيع طفايات الحريق في منطقة دار السلام، حين تم ضبط طفايات حريق مدون عليها العلامة التجارية "99 حربي"، وجاهزة للبيع، بجانب تواجد طفايات أخرى تحت التجهيز ولم تعبأ بالبودرة المغشوشة بعد، وفي منطقة الزاوية الحمراء نجحت قوات الأمن في مداهمة مصنع لإنتاج طفايات الحريق المغشوشة، وأسفرت الحملة حينها عن ضبط برميل يحوي 15 كيلو من بودرة طفايات حريق، واستيكرات مدون عليها "شركة حلوان للصناعات الهندسية ".
منافذ تستخدم لافتة "99 حربي" لتبيع منتج مغشوش

الواقعة التي ضبط فيها منتجات "مصنع الفيومي" لم تنتهِ عند تصنيعه منتج مخالف للمواصفات والترويج له على أنه صادر كخط إنتاج جديد لمصنع "99" حربي يُصنع في محافظة الفيوم، لكنه بدأ في مهاجمة منافذ البيع الخاصة بشركات التوزيع معتمدة لدى وزارة الداخلية ومصنع 99 حربي.

فشهد يوم 29 نوفمبر 2019 واقعة تعدي واضحة على منافذ البيع المتواجدة في محيط إدارة مرور الفيوم، التي يتواجد بها عدد من الأكشاك والمحال الصغيرة المتخصصة في بيع الطفايات، حيث تتعاقد الداخلية مع عدد من المدنيين على بيع مستلزمات الإطفاء في إطار المرور لاسيما أنه شيء هام قبل ترخيص اَي مركبة.

خالد عيد، كان ضحية هذه الواقعة، وروى في حديثه لـ"الدستور"، قصة سرقة عدد من الموزعين للافتات يحملها منفذه وتحمل تصريحًا وسجلًا ضريبيًا واضحًا يشير إلى أنه منفذ معتمد لدى الداخلية ومصانع الإنتاج الحربي كي يتم يستخدمها كستار لبيع منتجهم المغشوش.

يردف أنه حين ضبطهم يقومون بذلك قاموا بالتعدي عليه بالضرب وطعنه بالسلاح الأبيض وسرقة متعلقاته الشخصية، مستخدمين بلطجية ومسجلين خطر، وسجلت الواقعة في محضر رقم ٣٩١٣٢ جنحة سرقة.
جمال: 99 حربي هو أكثر الأنواع تعرضًا للغش بسبب ثقة الناس فيها

ويعقب اللواء جمال حلاوة، مدير إدارة الحماية المدنية السابق، أن هناك حملات تفتيشية تقوم بها لجان من وزارة الدخلية على المحال والمنشآت التجارية قبل منحها تصاريح العمل لمزاولة نشاطها المنشأ لأجله، ويكون أول بنود فحص المكان هو التأكد من اتباعه شروط السلامة والأمان بتركيبها منظومة إطفاء كاملة خاصة.

استكمل "البعض يجهز وسائل الأمان بمستلزمات زهيدة الثمن ففي النهاية لن تعود عليهم بعائد مادي كبير، فهم يرونها كجزء من الديكور، ما يتسبب في وقوعهم في فخ الطفايات المصنعة بمصانع "بير سلّم"، التي لا تتوافق مع المواصفات والأكواد المصرية، ويكون الإجراء المتبع من جهة التفتيش هو إغلاق المكان على الفور تجنبًا لأي ضرر متوقع حدوثه".

وأوضح حلاوة، خلال حديثه مع "الدستور"، أن المنشأة تتدارك سريعًا وضعها وتسعى لتقويمه فتدفع غرامة مالية وتشتري مستلزمات مطابقة للمواصفات المعتمدة لكن دور الشرطة لا ينتهى عند ذلك، فالطفاية غير الصالحة تحال فورًا لجهات فحص تابعة لجهاز رقابة المصنفات الصناعية ومباحث التموين بوزارة الداخلية لتتبع دورة إنتاجها والتواصل لمكان تصنيعها، منوهًا أن أكثر نوعين كانا يتعرضان للغش هما الصادرين عن مصنع " ٩٩ " إنتاج حربي وباڤاريا باعتبار الطفايات الخاصة بهم معتمدة من قبل الجهات الرقابية.

نقابة المهندسين: نفحص المنتجات المصرية للتأكد من توافر معايير التصنيع

ووفقًا للدستور المصري فنقابة المهندسين هي الاستشاري الهندسي الأول للدولة طبقا للقانون أيضًا، لذلك ينبغي أن يكون لها اليد العليا في اتخاذ القرارات الخاصة بمواصفات اَي منتج يتم تصنيعه في مصر واعتماده لدى الجهات المعنية، ولهذا الشأن أبرمت النقابة بروتوكولات تعاون مشتركة مع الجهات سواء المصنعة أو الرقابية.

وهذا ما أكده المهندس أحمد حشيش، عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، مشيرًا إلى أن بالنقابة لجنة عليا للسلامة والصحة المهنية مهمتها تلقي الشكاوى والاستفسارات الخاصة بأي منتج للتأكد من مواصفاته القياسية واعتماده كافة المعايير المصرية والعالمية للتصنيع والجودة.

تمتلك مصر مواصفات قياسية مصرية بقانون رقم 734 لسنة 2013 والخاصة بأجهزة إطفاء الحريق، التي تعمل بالمسحوق الكيماوي وتشمل المسحوق وجسم الطفاية، حيث تنص المادة الأولى منه على أن تسرى أحكام قانون رقم 58 لسنة 1973 بشأن تنظيم صناعة أجهزة إطفاء الحريق وتعبئتها ومنتجاتها أو قطع الغيار الخاصة بها وعلى جهات تصنيع وتجهيز المواد الكيماوية بها، كما تنص المادة 12 من نفس القانون على ضرورة الالتزام بالمواصفات القياسية المصرية.

لكن الأزمة تكمن في التفاوت بين أسعار الأصلي والمغشوش لذا يلجأ بعض الأشخاص لشراء الأرخص باعتبارها أداة عديمة النفع عليهم يجلبونها لتمرير إجراءات التفتيش والرقابة وإنهاء تصاريح العمل فقط.

أما عن المصنعين غير المصرح لهم بإنتاج الطفايات فكل فكرتهم عنها أنها عبارة عن اسطوانة معدنية تحوي بودرة لها القدرة على كتم النار بغض النظر عن التركيبات الكيميائية وشكلها.

اختتم حديثه موضحًا أن النقابة ليست جهة فحص أو تفتيش إنما هي جهاز استشاري للصناعات لذا حينما يردها منتج مغشوش فإنها على الفور تخاطب أجهزة حماية المستهلك ووزارة الصناعة المصرية ووزارة الإنتاج الحربي لاتخاذ إجراءات حازمة تجاه مصدر تصنيع المنتج، وتتبع سير العملية حتى تتأكد من إنهاء عمله بالكامل.

الإنتاج الحربي: ليس لدينا فروع أخرى.. وضبطنا مصانع بير سلم بالفعل
من جهتها، أوضحت وزارة الإنتاج الحربي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مصنع "99 حربي" ليس لديه فروع أخرى ومنتج الطفاية الوحيد الذى يحمل اسم مصنع "99" يتم بيعه بمنافذ الإنتاج الحربي فقط بالمحافظات المختلفة أو من خلال التعاقد مع المصنع أو من خلال موزعين معتمدين بالمحافظات المختلفة، وعن الرقابة على طفايات "99" المغشوشة "طفايات الحريق تحتاج لتصريحات الأمن والسلامة المهنيه، فكل المصانع يتم تقييمها من لجنة الغش التجارى ومباحث التموين واختبارات الطفايات قبل طرحها بالأسواق لضمان سلامة المواطنين.

أضافت الوزارة أن المصنع (99) الحربي حاصل على شهادات الأيزو 14001 والأيزو 9001 وشهادة (ohsas-18001)، مشيرة إلى أنه هناك تنسيق مستمر لضبط مصانع بير السلم وغلقها، من خلال إخطار لجنة الغش التجاري ومباحث التموين بأى مخالفات يتم رصدها، وتقوم بالمعاينة وفي حال التأكد من مخالفتها يتم إغلاق المصنع واتخاذ الإجراءات القانونية، مؤكدة أن هناك مصنعين بمحافظتي القليوبية والبحيرة تم إغلاقهما بالفعل بعد إثبات تصنيعهم لتلك الطفايات بنسب مخالفة وغير مطابقة للمواصفات.

تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع "99" 750 ألف أسطوانة فى العام تقريبًا قابلة للزيادة حسب احتياجات السوق المحلى، ولا يتم التصدير للخارج فى الوقت الحالى ولكن حال وجود طلب سيكون هناك القدرة على التصدير، قالت الوزارة أن المصنع ينتج 9 أنواع من الطفايات مقسمة، وكل نوع يحوى سعات مختلفة حسب الاستخدامات بإجمالي عدد (35) سعة.