"بعد التصعيد"... هل تتجه إسرائيل لشن عملية عسكرية على غزة؟
بعد الأيام الأخيرة كانت ممتلئة بالنشاط العسكري لإسرائيل، في القدس حدثت عملية دهس أصيب فيها 14 جنديًا من لواء جولاني؛ إطلاق نار في البلدة القديمة أدى إلى إصابة شرطى وقتل مُطلق النار؛ في جنين قتل فلسطينيان أثناء تبادل لإطلاق النار؛ مع استمرار إطلاق البالونات الحارقة، والصواريخ من القطاع على بلدات غلاف غزة، كماهاجم سلاح الجو الإسرائيلى عدة مواقع تابعة لحماس.
فيما ألقت قوات الأمن الإسرائيلية القبض على مرتكب عملية الدهس في القدس بعد 18 ساعة من ارتكابها، وتم اعتقاله في منطقة جوش عتسيون، وتبين أنه من سكان حي الطور في القدس الشرقية.
"الساحة الفلسطينية" المتوترة بشكل واضح، دفعت الجيش الإسرائيلي إلى رفع حالة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، فقام بتعزيز قواته في الضفة الغربية وعلى طول منطقة الحدود مع قطاع غزة، وعلى امتداد خط التماس، وفي القدس، ومن جانبه أكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلى جلعاد إردان بعد جلسة لتقييم الأوضاع عقدها مع قيادة الشرطة، أن المكان الأكثر حساسية هو"الحرم القدسى الشريف".
كما نشر الجيش الإسرائيلي منظومة ليزر جديدة فى المناطق الحدودية مع قطاع غزة للتصدى للبالونات المفخخة التي تطلق من القطاع بعد إجراء عدة اختبارات عليها وُصفت بأنها ناجحة.
التقديرات العامة تشير إلى أن "خطة ترامب" للسلام هي سبب التوتر، ولكن بفحص الأوضاع بالتفصيل يتضح أن أسباب الاشتعال في الضفة تختلف عن غزة.
التوتر في الضفة وفي القدس، كما يبدو أنه رد فلسطيني على خطة السلام الأمريكية، ورفضهم لها بالطريقة التي يحبها الفلسطينيون وهي المقاومة.
أما في "غزة" فالأسباب ليست فقط "خطة السلام الأمريكية"، فكما يبدو أن التصعيد في إطلاق الصواريخ والبالونات المفخخة من قطاع غزة نحو إسرائيل في الأيام الأخيرة يجري بتشجيع من حركة "حماس" ومصادقتها، حيث تحاول "حماس" ممارسة الضغط على إسرائيل من أجل استكمال التسوية بين الطرفين قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة يوم 2 مارس 2020.
حماس ترى أن إسرائيل لا تطبق التسوية بالوتيرة المطلوبة مثلما حددها الوسطاء الدوليون، ولم تدفع إسرائيل قدمًا بمشاريع بنى تحتية في القطاع أو تشغيل المنطقة الصناعية المشتركة في معبر "كارني".
بالإضافة إلى ذلك قلصت إسرائيل مساحة صيد الأسماك في قطاع غزة من 15 ميلاً إلى 10 أميال، وذلك في إثر استمرار إطلاق القذائف والبالونات المفخخة على بلدات غلاف غزة، كما قرر وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، وقف إدخال الأسمنت إلى القطاع، وإلغاء 500 تصريح دخول إلى إسرائيل.
حتى هذه اللحظة، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعارض عسكرية ضد غزة من أجل معالجة إطلاق الصواريخ والبالونات المفخخة، فمن جانبها هذا ليس سببًا كافيًا لاندلاع حرب، ولكن تظل جميع الخيارات مفتوحة أنه إذا كانت هناك إصابات في الطرفين، وقتها يمكن للوضع أن يتدهور.
أما المؤسسة السياسية فلديها ذات الانطباع بعدم وجود جدوى لعملية عسكرية على غزة، ورغم ذلك، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهدد بشن عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة قبل الانتخابات التي ستجري يوم 2 مارس المقبل، إذا ما استمر إطلاق الصواريخ والبالونات المفخخة من القطاع.
وقال "نتنياهو" لرؤساء سلطات محلية في المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة خلال اجتماع عقده معهم، إن هناك احتمالاً بأن يقوم الجيش الإسرائيلي بعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة قبل الانتخابات.
وكان "نتنياهو" قد دفع بعملية عسكرية على غزة قبل الانتخابات الماضية في سبتمبر الماضي، ولكن لم تلق قبولاً داخل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، ووصفت في حينه إنه كان ينتقم من صواريخ حماس التي بسببها قطع خطابه الانتخابي، وسببت خسارته لعدد كبير من أصوات الناخبين بلدات غلاف غزة.
وهو ما يطرح تساؤلاً: هل سيلجأ نتنياهو لتكرار محاولة "انتقامه السابق" ؟
بشكل عام، تبدو المؤشرات أنه لا توجد نيه لعملية عسكرية على غزة قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات، خاصة أنه ليس هناك مصابون في الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن نتنياهو كما هو معروف عنه حذر جدًا في كل ما يتعلق بالقطاع. وهو لا يسارع إلى التورط في حرب لا يوجد لها هدف واضح بالنسبة له، بل يوجد لها فقط ثمن كبير معروف مسبقاً.