رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ع الأصل ما تدورش



«ع الأصل دور»، هكذا نصحنا الأستاذ محمد طه فى مواويله، إنما طه ما جابش النصيحة دى من عنده، الانشغال بـ «الأصل» فكرة «أصيلة» عند العرب، ويمكن عند غيرهم من الأجناس، بس أوروبا والدول المتقدمة، بطلت التفكير فى مسألة الأصل الواحد لـ الأشياء، بقالها قرون دلوقتى، وإحنا لسه.
المهم، فيه ناس بـ تقول: إنه دا، الانشغال بـ الأصل والبحث عنه، من صنع النحاة العرب، ناس بـ تقول: من صنع السياسة، ناس بـ تقول: من صنع الإسلام، إنما ما أراه، إن العرب انشغلوا بـ قصة الأصل و«اللسان العربى» الواحد قبل كل دا.
القرآن نفسه بـ يتكلم عن نفسه بـ اعتباره «لسان عربى مبين»، صحيح دا جى فى سياق الدفاع عن حاجة تانية خالص، إنما أهو «موجودة» عندهم فكرة اللسان المبين، وتعتبر «ميزة» كبيرة لـ أى كلام.
مش بس كدا، دول أضافوا لـ «العروبة» مصطلح تانى، وهو «الفصاحة» فـ بقت «اللغة العربية الفصحى»، جت منين كلمة «عربى»، وجت منين كلمة «فصحى».
الإعراب هو الوضوح والإبانة، يقول لك: «أعرب عن» قلقه= أظهر قلقه وأوضحه وبيّنه. فـ مفهوم العربى، هو واضح النسب وبـ التبعية واضح اللسان. «الفصاحة» بقى جاية من اللبن، وكان العرب يقولوا فى الشعر:
وتحت الرغوة اللبن الفصيح.
اللبن الفصيح هو النقى الخالى من أى شوائب. فـ «اللغة العربية الفصحى» أولًا، هى لسان عربى «مبين»، ثانيًا، خالية من أى شوائب أو تأثيرات.
طيب، نلاقيها فين «اللغة العربية الفصحى» دى؟ أو «اللسان العربى المبين»؟ وإحنا عندنا قبائل كتير بـ تتكلم لغات مختلفة؟
علشان نجاوب عن هذا السؤال، نسأل نفسنا الأول: هو مين اللى اشتغل على القضية دى؟ يعنى هل كل عربى وعربية اتوجد فى هذا المكان، انشغل ثم اشتغل على قضية اللغة الأصل دى؟ هل الراجل اللى عنده عنزتين قاعد يربيهم ويحلبهم ومش بـ يسيب مكانه دا هـ يشتغل على موضوع اللغة الأم؟
هل الست اللى ما تعرفش فى الدنيا غير خيمة جوزها، هـ تشتغل على موضوع اللغة الأم؟
أكيد لأ، صحيح المفهوم عند الجميع تقريبًا، مهم عند الجميع تقريبًا، لكن «الشغل» هو مسئولية النخبة، يعنى اللى بـ يسافروا وبـ يروحوا وييجوا، ويتاجروا ويظهروا فى الأسواق ويخطبوا ويكتبوا أشعار هم دول المرتبطين بـ الموضوع وتنظيمه، أكتر من عوام الشعب، من هنا، ارتبط موضوع اللغة العربية الفصحى دا بـ النشاطات اللى من هذا النوع، لا سيما الخطابة والشعر.
يعنى، مش فارق أوى، الناس فى كلامها «العادى» و«المحكى»، بـ يتكلموا لغة عربية فصحى، ولا بـ يتكلموا بـ لغات قبايلهم، ولا بـ يعملوا أى حاجة، إنما حضرتك خطيب أو شاعر، ما ينفعش غير إنك تبقى «عربى فصيح».
هل أى حد معدى ينفع يبقى خطيب أو شاعر؟ لا، دا موضوع صعب جدًا، ومميز جدًا جدًا، ومحتاج تعليم وتربية وتثقيف، علشان كدا كان البهوات والبشوات، بـ يبعتوا ولادهم فى مراكز مخصوصة تعلم الأطفال وتدربهم.
كان معروف منها قبل الدعوة المحمدية بـ ييجى خمسين سنة ديار «بنى سعد»، والنبى محمد نفسه راح اتعلم فى بنى سعد بداية حياته، لـ ذلك كان بـ يقول عن نفسه: «أنا أفصح العرب، بيد أنى من قريش واسترضعت فى بنى سعد»، اللى هو أنا مولود فى قريش المشهورة بـ الفصاحة، لكنى كمان نشأت فى بنى سعد.
«سيبك من بيد أنى دى ليها كلام منفصل إنما هنا بـ معنى (لأننى)».
إذن، بقى عندنا حاجتين: اللغة العربية الفصحى، اللى هى لغة الخطابة والشعر، واللغة المحكية اللى هى لغة «عوام الناس» فى القبيلة، دى لازم نتعلمها ونتدرب عليها، ودى جاية بـ شكل طبيعى وتلقائى، الفروق بين الحاجتين دول، أكبر من إجمالهم فى كام سطر.. فـ خلينا نخصص لهم المقال الجى.
وابقوا معنا.