رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل 4 سنوات من التسريبات حول «خطة السلام»

ترامب
ترامب

يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طرح الشق السياسي للخطة الأمريكية من أجل السلام، المعروفة إعلاميًا بـ«صفقة القرن»، الساعة السابعة مساء بتوقيت فلسطين والقاهرة، بحضور بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي المنتهية ولايته وزعيم حزب الليكود، وبيني جانتس رئيس حزب «أزرق أبيض» الإسرائيلي، ورؤساء مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

ومرت الخطة الأمريكية بعدة مراحل على مدار أربع سنوات، وبدأت تحديدًا في 2017، العام الذي تولى فيه ترامب رئاسة الولايات المتحدة، لتبدأ معه رحلة تسريبات البنود المتوقع أن تضمها الصفقة، وتحديد موعد إعلانها رسميًا.

وفي تسريبات عشوائية مقصودة لـ«جس النبض» لدى المجتمع الفلسطيني والعربي والدولي، بشأن بنود صفقتهم المزعومة، كشفت الإدارة الأمريكية ملامح الصفقة، حتى تم اعتماد صيغتها النهائية العام الجاري، ومن ثم إعلانها المتوقع، اليوم.

وعلى مدار هذه التسريبات، كان الرفض الفلسطيني والعربي، خاصةً مصر والأردن، وكذلك الدولي، العدو الأول لهذه الصفقة، تجاه أبرز بنودها، مثل محاولة أن تكون سيناء بندًا منها، وهو ما أعلنت القاهرة عن رفضه لها بشكل نهائي، وكذلك رفضت أن يكون لإسرائيل سيادة على المقدسات داخل مدينة القدس.

وترصد «الدستور» أبرز التسريبات التي أثيرت حول «صفقة القرن» الأمريكية، على مدار الأربعة أعوام السابقة.

2017
بدأت التسريبات حول «صفقة القرن» في 2017، بعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، وشرع فريقه برئاسة صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر، في دراسة أهم بنود الخطة، وعقد لقاءات مع مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين وإقليميين، للوقوف على أهم النقاط التي يمكن لدونالد أن يستثمرها في خطته.

وكانت التسريبات في هذا العام تدور حول المحاور الرئيسية أو العامة التي ينوي الرئيس الأمريكي محورة الخطة حولها، وأبرزها عدم الالتزام بمبدأ حل الدولتين، ومحاولة توسيع قطاع غزة المحاصر داخل سيناء المصرية، مقابل مشاريع اقتصادية، ودفع الدول الخليجية إلى تمويل الصفقة، ومنح الاحتلال السيطرة على القدس الشرقية.

وفي عام 2017، تحديدًا شهر نوفمبر لهذا العام، بدأ الحديث عن الخطة الأمريكية، وأن ترامب ينوي الاعتراف بمدينة القدس المحتلة بأنها عاصمة لإسرائيل، ومن ثم يتخذ قرارًا بنقل سفارته لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

وبعدها بنحو شهر فقط، أعلن ترامب، في ديسمبر عام 2017، اعترافه رسميًا بالمدينة المحتلة عاصمة لإسرائيل، فيما أرجأ قرار نقل سفارته إليها، وهو ما قوبل برفض عربي ودولي، وتحذيرات من تأجيج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

2018
كان لعام 2018 النصيب الأكبر فيما يخص تسريبات «صفقة القرن» الأمريكية، وأن إدارة ترامب تعمل على الصياغة النهائية لها، بالإضافة إلى تحديد العديد من المواعيد لنشرها، دون أن يحدث، ويرجع ذلك إلى الرفض الفلسطيني للتعاطي أو الاطلاع على الخطة الأمريكية، وكذلك الرفض العربي، وتحديدًا المصري والأردني، لأي حل لا يقوم على مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

وكانت أبرز التسريبات تتركز على اختيار مدينة «أبو ديس» عاصمة لدولة «فلسطين الجديدة»- كما سيطلق عليها في بنود الصفقة- والإبقاء على محاولات إقحام سيناء في الخطة، وتحييد قضية قطاع غزة عنها، بل وفصله عنها بشكل كامل.

وفي شهر مايو لهذا العام، أعلنت واشنطن عن نقل سفارتها لدى الاحتلال الإسرائيلي من تل أبيب إلى القدس، كاعتراف بسيادة إسرائيل على المدينة المحتلة كاملة، وهو ما أثار مظاهرات واسعة واشتباكات عنيفة مع جنود الاحتلال، سواء في الضفة الغربية أو على حدود غزة.

وأجرى كوشنر جولة إلى عدة دول عربية، ورفض حينها أبومازن استقباله، فيما تضمنت الجولة مصر، حيث التقى «جاريد» بالرئيس عبدالفتاح السيسي،ـ في 21 يونيو 2018، حينها أكد الأخير أن القاهرة لن تدعم سوى تسوية شاملة وعادلة للصراع.

وبعد هذا اللقاء بيومين، في 23 يونيو، أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن مصر ترفض إتمام الخطة الأمريكية، وتحديدًا أن تصبح «أبوديس» عاصمة للدولة الفلسطينية، قائلة: إن القاهرة موقفها رافض بشكل قطعي، ومعرقل لأي محاولات من شأنها سحب قضية القدس الشرقية من على طاولة المفاوضات، وتصر على أن تكون الأخيرة هي العاصمة.

وتابعت: "مصر ترفض أن تكون الخطة الاقتصادية الخاصة بغزة بديلة عن خطة دبلوماسية يقبلها الفلسطينيون، ولا تقبل المبادرة الأمريكية بشكل كامل".

وتتابعت التسربيات بعد هذه الجولة، لتشمل أن خطة ترامب ستضمن قيام دولة فلسطين على أراضي غزة ومنطقتي «أ-ب» وجزء من المنطقة «ج»، وتوفير غطاء مالي تدفعه الدول العربية لتدشين بنية تحتية وإقامة مطار وميناء في القطاع المحاصر، على أن يتم تأجيل التباحث حول وضع القدس، وإمكانية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وفق «حق العودة»، وإجراء مفاوضات للسلام بين الدول العربية وإسرائيل.

2019
فيما شهد 2019 تسريبات أقرب لما تم بلورته من جانب الإدارة الأمريكية في خطتها للسلام، وأنها تنحاز إلى الجانب الإسرائيلي بشكل واضح، مقابل دحر أي حق للفلسطينيين، حيث كان ينظر إلى التقارير التي تتحدث عن بنودها على أنها بداية الإعلان بشكل فعلي عنها من جانب واشنطن.

وبدأت التسريبات لهذا العام، بالحديث بشكل أكثر توسعًا عن إقامة دولة فلسطينية بمسمى «فلسطين الجديدة»، وعدم تقسيم مدينة القدس، وأن تكون مشتركة بين الدولتين، ولكن لن تكون عاصمة لدولة فلسطين، والإبقاء على مخططهم لقطاع غزة، وضم أراضٍ من سيناء له من أجل إقامة مشاريع اقتصادية فوقها، دون السماح للفلسطينيين في السكن داخلها، وأن أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج وافقت على تمويلها.

وشملت التسريبات أن تكون «فلسطين الجديدة» منزوعة السيادة، على أن يتولى الاحتلال مهمة الدفاع عنها في حال أي عدوان، بالإضافة لأن تكون الدولة الجديدة منزوعة السلاح أيضًا وليس لها جيش، وأن السلاح الوحيد الذي سيكون متاحًا لديها هو الذي يحتاجه جهاز الشرطة فقط.

وفي 9 أبريل لعام 2019، أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، زيارة إلى واشنطن، التقى خلالها ترامب، وأكد- خلال ذلك اللقاء- أن القضية الفلسطينية هي أولوية لمصر، وأن القاهرة لن تدعم سوى حل عادل لهذا الصراع وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.

وبعد تلك الزيارة بـ10 أيام، كان أول تعليق لواشنطن بشكل رسمي على أحد البنود المسربة من الصفقة، إذ نفى جيسون جرينبلات المبعوث الأمريكي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط وأحد مهندسي الصفقة، التقارير التي تتحدث عن أن سيناء ستكون جزءًا من الخطة الأمريكية للسلام، قائلًا: "سمعت تقارير عن أن خطتنا تشمل تصورًا بأننا سنقدم جزءًا من سيناء إلى غزة، هذا كذب".

وفي مايو، تطرق كوشنر للحديث عن أن الخطة الأمريكية تكرس أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل، وأن «صفقة القرن» لا تقوم على مبدأ حل الدولتين، زاعمًا أن تل أبيب ستقدم تنازلات هي الأخرى، دون الإفصاح عنها.

وبعدها بدأت إدارة ترامب الحديث عن عدة مواعيد لطرح الشق السياسي للصفقة، وأنها ستكون بعد الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في سبتمبر الماضي، ولم تسفر عن حكومة مستقرة لدى الاحتلال، ما اضطر الرئيس الأمريكي إلى تأجيلها.

2020
بداية من العام الجاري، درست إدارة ترامب إماكنية طرح الصفقة قبل تشكيل حكومة إسرائيلية، بعد فشل نتنياهو وجانتس في تكوينها، والذهاب لانتخابات الكنيست الثالثة على التوالي، للمرة الأولى في إسرائيل، والمقرر لها في 2 مارس المقبل، وكذلك لضرورة طرحها قبل الانتخابات الرئاسية في أمريكا.

وجاء في التسريبات لبنود الصفقة، المقرر طرحها اليوم، أن ترامب سيمنح مهلة تحضيرية لتنفيذها مدتها أربع سنوات، أملًا في أن يظل الباب مفتوحًا أمام الفلسطينيين، الرافضين للخطة، وأن يقبل من يخلف «أبومازن»، بها، ومن ثم قرر عدم إغلاق الباب أمام إمكانية عودة الفلسطينيين للمفاوضات.

وتنص الخطة، وفق التسريبات، على أنه خلال فترة التحضير سيتم تجميد البناء في جميع مناطق المساحة «ج»، التي تخضع للسيادة الإسرائيلية، ما يعني أن إسرائيل ستكون قادرة على البناء داخل مناطق المستوطنات الموجودة حاليًا، دون التوسع خارج الحدود الحالية، والسماح لها بضم ما بين 30% و40% من تلك المنطقة، على أن يسيطر الفلسطينيون على 40% من المنطقتين «أ- ب»، وهو ما يعني أن هناك نحو 30% من المنطقة «ج» غير واضحة لمن ستخضع.

وتسعى واشنطن إلى إقناع الأردنيين والفلسطينيين بأن الـ30% داخل «ج» سيتم ضمها لاحقًا إلى الـ40% التي تخضع للسيطرة الفلسطينية، ما يعني أن فلسطين ستمتلك حوالي 70% من الضفة الغربية، كما أن الولايات المتحدة تريد الانتظار لبضعة أسابيع لرؤية ماذا سيقول الفلسطينيون عن الخطة، قبل أن تبدأ إسرائيل في تطبيق السيادة على نصف المنطقة «ج».

ووفق التسريات، يسعى ترامب إلى الضغط على الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، أملًا في أن تكون نهاية المفاوضات بإعلان دولة فلسطينية دون جيش أو سيطرة على المجال الجوي، وكذلك دون سيطرة على المعابر الحدودية، وعدم منحها الحق في إقامة تحالفات مع دول أخرى.

وشملت التسربات أن الصفقة تنص على إخلاء 15 مستوطنة إسرائيلية كبند لإرضاء الفلسطينيين، بإجلاء 60 موقعًا استيطانيًا تم بناؤها بشكل غير قانوني، ويعيش فيها حوالي 3 آلاف مستوطن، بالإضافة لعدم تقسيم القدس، وأن تبقى تحت سيادة الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، على أن تكون إدارة الأماكن المقدسة مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ونقل كل شيء خارج الجدار الفاصل في القدس إلى الفلسطينيين، بشرط الموافقة على جميع بنود الخطة، والاعتراف بيهودية إسرائيل كدولة، وأن يختاروا عاصمة الدولة الفلسطينية في القدس، ولكن خارج الجدار الفاصل، على أن تكون العاصمة داخل مخيم «شعفاط».

وتتضمن بنود «صفقة القرن» إنشاء ممر آمن بين غزة والضفة المحتلة، واستعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع، ونزع سلاح حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وتفكيكهما.