رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نصيب الأسد».. هل تستفيد مصر من الاتفاق «الأمريكي-الصيني»؟

جريدة الدستور

رحب خبراء ومحللون بسوق المال، بالاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة الامريكية والصين، من واقع رؤيتهم أنه سيكون لمصر لها نصيب الأسد من ذلك الاتفاق والذي يتمثل في زيادة إيرادات قناة السويس نتيجة مضاعفة حجم التجارة البينية بين البلدين، فضلا عن استفادة مصر من تراجع أسعار البترول عالميا ما يحد من حجم الإنفاق وخفض فاتورة الواردات، علاوة على إزالة الضبابية في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة علي اقتصاد ناشئ مثل مصر خاصة التدفقات غير النفطية، وأخيرا تأثير مباشر على آداء أسواق المال العاليمة والعربية والإقليمية والذي سيصب في النهاية في مصلحة البورصة المصرية، التي عانت أكثر من مرة بسبب التراجعات التي ضربت أسواق المال العالمية على خلفية احتدام الأزمات بين الولايات المتحدة والصين.

ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاقا تجاريا مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، في خطوة وصفت بـ"التاريخية" بعد سنتين من حرب "الرسوم الجمركية" بين أقوى اقتصادين في العالم.

وتعهدت الصين شراء بضائع أمريكية إضافية بقيمة 200 مليار دولار خلال السنتين المقبلتين، بموجب الاتفاق الذي يتضمن أيضا بنودا تتعلق بحماية الملكية الفكرية استجابة لمطلب أمريكي آخر.

في المقابل، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على 120 مليار دولار من السلع، بنسبة تتراوح بين 50 و7.5%، إضافة إلى التراجع عن رسوم أخرى كانت مقررة.


قناة السويس

وفي هذا السياق، قال صلاح حيدر المحلل الاقتصادي، إن توقيع اتفاق التجارة بين الصين والولايات المتحدة يعد انتصارا لإدارة ترامب اقتصاديا، حيث استطاع بعد أكثر من عام من المناوشات والحروب التجارية سواء من خلال الرسوم الجمركية والقرارات الاقتصادية والاتهامات المتبادلة بين الدولتين حصل ترامب علي الاتفاق التجاري الذي وعد به الناخبين منذ تعيينه رئيسا للولايات المتحدة.

ويضيف حيدر، أن مصر ستتأثر إيجابيا من الاتفاق التجاري من عدة اتجاهات، أولها أن مضاعفة حجم التجارية بين الصين والولايات المتحدة سيكون له تأثير إيجابي على إيرادات قناة السويس، لن تكون بشكل كبير خاصة وأن جزءًا كبيرًا من التجارة بين أمريكا والصين لا يعبر عن طريقها.

ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن العامل الثاني م عوامل التأثير الإيجابي للاتفاق، هو نخفاض أسعار النفط عالينا، الأمر الذي سيحد من فاتورة واردات مصر، وسيحد من التضخم ومن النفقات العامة المرتبطة بدعم الطاقة.

إزالة الضبابية

من جهته، قال إسلام عبد العاطي، المحلل المالي لدى "بايونيرز كابيتال"، إن هدوء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين سيؤدي إلى إزالة الضبابية في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على اقتصاد ناشئ مثل مصر، خاصة التدفقات الأجنبية غير النفطية وستعمل على توضيح أفضل للتوقعات المستقبلية أمام المستثمرين الأجانب الذين يوجهون استثماراتهم إلى الأسواق الناشئة.

وأضاف: "ستنعكس جميع العوامل الإيجابية بشكل غير مباشر على آداء البورصة المصرية على المدي الطويل، خاصة وأن الحرب التجارية كانت تؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي وخاصة المتوجه إلى أسواق المال العالمية، إلا أن انتهاء تلك الحرب لا يعني عودة مباشرة ومكثفة لرأس المال الأجنبي، إلا أنه يفتح الباب أمام عودة قد تكون بطيئة نوعا ما.

الخبير الاقتصادي محسن عادل، يرى أن الاتفاقية بين الولايات المتحدة والصين تقضي على مستويات التوتر التي أحاطت بالاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية، مضيفا أن التوقيع تم بالفعل، ويبقى ضمن نطاق الاتفاقات المرحلية أو المبدئية أو الجزئية، لأنه لا يشمل كل القضايا العالقة بين الجانبين، الأمر الذي يطرح إمكانية استمرار المفاوضات لمدة طويلة أخرى من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي يحسم كل المشكلات العالقة، ويؤسس مجددا لعلاقة صحية بين أكبر اقتصادين في العالم، مشيرا إلى أنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية المتشددة حيال مصالح بلادها التجارية، تريد أن تظل المسارات المؤدية إلى الاتفاق مفتوحة، بصرف النظر عما هو عالق مع الحكومة الصينية.

ولفت عادل إلى أنه في أعقاب إعلان توقيع الاتفاق المبدئي، تلقت الأسواق العالمية دفعة قوية، وارتفعت السلع في أغلب الأسواق، وحقق اليوان الصيني تقدما ملحوظا، وسط هدوء هيمن على سوق العملات عموما، لأنه في النهاية مرتبط بحركة التجارة العالمية، وبقيم هذه العملات في حراك التصدير والاستيراد.

الرسوم الجمركية

وقال، إن الاتفاق الصيني - الأمريكي تضمن بعض النقاط الإيجابية التي يمكن البناء عليها، بما في ذلك تخفيض الولايات المتحدة بعض الرسوم الجمركية المضافة على البضائع الصينية، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة هي الأهم على صعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهي مرحلة لن تكون سهلة بعقباتها، مع استمرار تمسك واشنطن بمفهومها للتجارة العالمية، ولا سيما أن إدارة ترمب تنظر إلى نفسها دولة "مظلومة" في هذا الميدان، ليس مع الصين، بل حتى مع حلفائها الغربيين الذين يواجهونها بمعارك تجارية هم أيضا.

وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين قد أثرت على سوق العملات خلال الفترة الماضية، كما أثرت على حركة التجارة في العالم أجمع، مشيرا إلى أن التوصل لاتفاق ينهي الخلاف بين البلدين من شأنه أن يجعل الأجواء التجارية العالمية أكثر هدوء واستقرارا بما يمنح الفرص للأسواق الناشئة أن تشهد مزيدا من التطور خلال الفترة المقبلة.

وأضاف عبد العال، أن الاستقرار في حركة التجارة العالمية من شأنه أن يعزز سوق العملات الناشئة، التي شهدت مرحلة من عدم الاستقرار خلال الفترة الماضية، مشيدا ببنود الاتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي من شأنها أن تهدأ من حدة الصراع، ما يعمل على تحسين المؤشرات الاقتصادية.

السيوفي: الأسواق الناشئة الرابح الأكبر من الاتفاقية

من ناحيتها، قالت رضوى السيوفي رئيس قسم البحوث بمركز "فاروس"، إن تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين له تأثير إيجابي غير مباشر على العالم أجمع، موضحة أن الدولتين من أكبر الدول من حيث معدلات النمو وبالتالي فإن ذلك يؤثر على معدلات النمو العالمي، وفيما يتعلق بالأسواق الناشئة فإن تنشيط حركة التجارة يضغط على الدولار بما يصب في صالح الأسواق الناشئة.

ولفتت السيوفي إلى أن الاتفاقية تؤدي إلى تحسن أسعار السلع العالمية بما يؤثر على بعض المواد الخام والسلع في مصر، ونشاط حركة التجارة العالمية يؤدي إلى زيادة إيرادات قناة السويس، والتي تعد من أكبر مصادر الدخل الأجنبي لمصر، مشيرة إلى أنه على المدى القريب يؤثر ذلك على شهية المستثمرين التي تصبح إيجابية بشكل عام للأسواق في حال استقرارها.

ومن جهته، قال الخبير المصرفي أحمد شوقي، إن بدء تهدئة الحرب التجارية بين الصين وأمريكا والتي استمرت أكثر من عام ونصف يعتبر أهم الخطوات لبدء تحسن الأوضاع الاقتصادية على مستوى الاقتصاد العالمي، والتي ظهرت في عام 2018 من خلال فرض رسوم جمركية بين أكبر كيانين اقتصادين في العالم بهدف تحقيق منافع اقتصادية لكل منهما، وحماية الصناعة الوطنية ورفع معدلات التصدير، والتي تتجلى بشكل أكبر في فرض الهيمنة الاقتصادية عالميًا.

وأضاف، أنه بتحليل آثار تحسن الأوضاع بين أكبر دولتين أو اقتصادين على مستىي العالم وتهدئة الأوضاع بينهما سيساهم في العديد من تحول بعض الآثار السلبية إلى إيجابية، والتي تمثلت في تحسن معدل النمو الإجمالي للاقتصاد العالمى في العام 2020 بسبب انخفاض حدة مخاطر التوترات التجارية وانتعاش معدل نمو التجارة الدولية ومعدلات التصنيع وزيادة التدفقات النقية من روؤس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة في العديد من الدول، ومنها مصر، مع تحسن مؤشرات أسواق المال والبورصات في الدول الناشئة والدول الكبري، إذ شهدت العديد من أسواق المال حالة من التراجع الشديد في مؤشراتها، وتراجع أسعار أهم معدنين البترول والذهب خلال تداولات الأسابيع الماضية، مع بدء رواج السلع والمواد في الأسواق حيث شهد العام 2019 حالة من الركود في العديد من السلع بالعديد من السلع، كذلك انخفاض معدلات البطالة لبدء انخفاض التحديات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاديات الناشئة حول العالم والتوجه نحو زيادة معدلات التصنيع، وتحسن الآداء المالي للعديد من الشركات وبدء جني المزيد الأرباح، إذ هناك الدول التي يرتبط اقتصادها بالدول المتصارعة اقتصاديًا.

وأشار إلى أن هناك دورًا كبيرا لمنظمة التجارة العالمية في حل مثل هذة المشكلات وتلاحظ أنها لم تتمكن بشكل كبير في حل هذة المشكلة، ويجب أن تبحث عن الآليات اللازمة للتغلب على مثل هذة المشكلات في المستقبل ومنها العمل على وضع آليات المتابعة وإصلاح لجنة فض المنازعات وتفعيل عمل لجنة فض المنازعات بشكل اكبر وملزم بين الدول.

و من جهته، قال خبير أسواق المال أحمد نجم، إن معدلات النمو العام الماضي سجلت أدنى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أنه بعد الاتفاقية من المتوقع ان تتحسن مستويات النمو، موضحا أنه من المتوقع أن تستقر أسعار النفط عند 60 دولار للبرميل، بما يؤثر إيجابا على جميع اقتصادات العالم، لافتا إلى أن معدلات النمو في مصر من شأنها أن تتأثر بتحسن معدلات النمو العالمي، وبالتالي تحقيق تحسن ملحوظ.