رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صفاء عبد المنعم: أكتب القصة القصيرة مثلما أتنفس

صفاء عبد المنعم
صفاء عبد المنعم

يتنوع إنتاجها الأدبي ــ الغزير ــ ما بين فن القصة القصيرة والرواية٬ بجانب الكتابة للأطفال. فمن رواياتها: من حلاوة الروح٬ امرأة الريح٬ التي رأت٬ في الليل لما خلي٬ قال لها يا إنانا. بالإضافة إلى المجموعات القصصية: أشياء صغيرة وأليفة٬ الليالي٬ بشكل أو بآخر٬ الألعاب الخطرة٬ حكايات جدتى، تلك القاهرة، بنات فى بنات، أنثى الخيال٬ أحضان بيكاسو، حديث مع كافكا. وتشارك هذا العام بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بعملين جديدين وهما: المجموعة القصصية "عادي جدا طبعا" والصادرة عن دار النسيم٬ ورواية "فوق الشجرة طاووس" والصادرة عن دار ابن رشد. إنها الكاتبة الكبيرة صفاء عبد المنعم. قاصة وروائية وباحثة بالأدب الشعبي. "الدستور" التقتها وكان هذا الحوار حول فن القصة القصيرة وقضاياه٬ والكتاب الذين أثروا وعيها فأصبحت الكاتبة المبدعة صفاء عبد المنعم.



ــ من كتاب القصة القصيرة الذين قرأت لهم؟

- تشيكوف ويوسف أدريس، هما أكثر من أثر فى طريقة كتاباتى خصوصا قصة (موت موظف) لتشيكوف، وقصة (نظرة) ليوسف إدريس، والانحياز الكامل للبسطاء (ملح الأرض) كما سماهم السيد المسيح.

ــ ما الذي لفتك اللي الاهتمام بالقصة القصيرة؟ وكيف بدأت تجاربك الأولى في كتابتها؟

بدأت تجربتى الأولى فى نوفمبر 1982 بالصدفة حدث موقف معى فى الشارع وكتبته كما حدث بالضبط، وكان قصة (يوم عاصف) 1982، وعندما قرأتها فى ندوة جذور التى كانت تعقد بمركز شباب المنشية الجديدة بشبرا الخيمة فى ذلك الوقت، أثنى الزملاء عليها كثيرا ونشرت فى جريدة القليوبية، ثم نشرت بعد ذلك ضمن مجموعة (حكايات الليل) عام 1984.

ــ هل قرأت شيئا عن أصول هذا الفن القصصي أو طرائق كتابته ؟

- نعم، عندما عرفتُ أننى أكتب قصة بشكل جديد ومختلف فى ذلك الوقت، قرأت كتاب دكتور سيد حامد النساج القصة القصيرة، ثم كتاب القصة القصيرة يحيى حقى بعد ذلك وتوالت القراءات. وأشعر أنها تعبر عما بداخلى بشكل جيد، وأصدرت أربع مجموعات قبل أن أكتب أول رواية لى.
المجموعات هى (حكايات الليل عام 84، تلك القاهرة تغرينى بسيقانها العارية 90، أشياء صغيرة وأليفة 96، بنات فى بنات 2000 ) وإلى الآن مازلت أعشق القصة القصيرة جدا وتقريبا أكتب قصة كل يوم.



ــ ما الذي تهدف القصة القصيرة عندك إلى توصيله للقارئ؟ وهل تتمثلين قارئك وأنت تكتبين ؟ ومن قارئك ؟

الهدف أولا يكون بداخلى شحنة عاطفية سواء بالسلب أو الإيجاب أو شاهدت موقف وقمت بكتابته، قارئ هو من يبحث عن نص جديد ومختلف، يبحث عن نصى تحديا ويفضله وينتظره حتى لو كانوا عدد محدود، قارئ يتربى مع النص، يبحث عنى كما أبحث عنه، لكن لحظة الكتابة لا أتخيل قارئ بعينه، لأن لكل نص له قارئ.


ما مدى الزمن الذي تستغرقه كتابتك لإحدى القصص القصيرة ؟ وهل تواجهين أحيانا بعض الصعوبات في أثناء الكتابة؟ مثل ماذا ؟

القصة يمكن أن تكتب فى لمحة بصر٬ فى الشارع فى العمل فى المواصلات، وأحيانا يكون هناك نص عاصى يظل عالقا يرفض الخروج أتركه، وأحيانا يخرج فى وقت مختلف وتكون أنت ككاتب غير مهيأ لاستقباله، وأحيانا أجلس كى أكتب نص معين، يخرج لي نص مختلف تماما.
الصعوبات أحيانا تكون عدم الرعاية للمبدع والإبداع، وأحيانا عدم التفرغ للكتابة، فيهرب النص منى.


هل استطعت من خلال ممارستك لكتابة القصة القصيرة أن تستخلصي لنفسك بعض العناصر الحرفية التي تسعفك عند الكتابة ؟ مثل ماذا ؟

نعم كل يوم أتعلم حرفة جديدة وتقنية مختلفة فى كتابة القصة، أضع إطار سردى، وأحيانا أكتب الشخصية فقط (وصف) وأحيانا تتعالى اللغة وتسيطر على المشهد.



ــ هل تهتمين في كل قصة قصيرة تكتبينها بأن يكون لها مغزى بالنسبة إلى الأوضاع الاجتماعية المعاصرة؟

- نعم، المغزى الإجتماعى هام وضرورى وفى أحيان كثيرة يكون واضحا وله دور فعال فى النص، وأحيانا يكون مسيطرا على المشهد كاملا.


ــ كيف يكون مدخلك إلى القصة القصيرة ؟ وهل يتجه اهتمامك إلى الحدث أم إلى الشخصية ؟

الحدث أو الشخصية هو الذى يفرض نفسه، أنا لا أقوم بالاختيار أو التعمد، مثلا أنا لا أجلس وأكون جاهزة ذهنيا وأقول أنا سوف أكتب عن كذا أو عن الشخص الفلانى، لا القصة تخرج كما تريد ويحلو لها، ومن الذي يحتل المشهد.


ــ هل تعينين الزمان والمكان للحدث (أو الأحداث) التي تتضمنها القصة القصيرة أم تتركينها بلا تعيين ؟

المكان والزمان، أحيانا أنا أحب فكرة (الزماكانية) المسيطرة بمعنى المكان متداخل فى الزمن والزمن داخل المكان له خصوصيته حتى بعيدا عن الزمن الخارجى، وأحيانا النص يكون فيه أكثر من زمن، وربما أكثر من مكان حسب الحالة الشعورية التى عليها الشخصية، أو ربما الكاتب لو يسرد بصفة الأنا، فالأنا الساردة أحيانا تختلف عن أنا الكاتب نفسه (شخصه). الزمان والمكان فى النص أحيانا فى حالة التباس، وأحيانا فى حالة تهميش، ليس هناك قصدية متعمدة.



ــ هل ترين فيما أنجزت حتى الآن من قصص قصيرة أنه يمثل مراحل تطور متعاقبة ؟ فإن كان فكيف ترين نتيجة هذا التطور ؟

نعم، هناك تطور كبير داخل النصوص عندى، فأول نص كتبته عام 82 (يوم عاصف) يختلف كثيرا عن آخر نص كتبته أمس (دولاب صغير لنعمات) 2019، لأنه أصبح هناك نضج، هناك قراءات متعددة، ووعى، ودربة، أنا عندى حوالى (1000) قصة قصيرة أو أكثر لو دمجنا معها النصوص القصيرة على شكل سطر أو سطرين فهى جزء من النص المفتوح.

لكل كاتب نص كبير يكتب داخله جميع نصوصه المتعددة، ونص هذا الكاتب هو نص كبير داخل نصوص كثيرة كبيرة ومتعددة لكتاب آخرين، بداية من النص المقدس، والأساطير، والحكايات الشعبية، والشعر الجاهلى، وكل إبداع، إلى هذه اللحظة، ومستمر ومتطور.أنا أكتب القصة مثلما أتنفس، كل يوم تقريبا.

إذا كنت قد انصرفت عن كتابة القصة القصيرة إلى غيرها من الأجناس الأدبية فمتى حدث هذا ؟ ولماذا ؟

الكتابات الأخرى المتعددة، أنا كتبت الرواية منذ عام 2000 وكتبت الدراسات الشعبية، وقصص الأطفال، وأتمنى أن أكتب مسرحيات، حقيقى تراودنى هذه الفكرة، وأكتب السيناريو، لأن كله أدب ولا يوجد انفصال واضح الآن بين الأجناس، أحيانا اقرأ كتب فى الإجتماع وعلم النفس وغيره أجدها ترقى إلى أسلوب الأدب، ليس هناك انفصال واضح وصارم وحاد.

أنا لا أفعل شيئا فى حياتى سوى القراءة والكتابة (كل يوم اقرأ كتاب) وعندى تنوع فى القراءة فهو ليس قاصرا على الأدب فقط، أنا أقرأ فى كل شىء الطب والعلم، والأبحاث النفسية..الخ
تعلمت كتابة القصة للأطفال عندما فرغ مخزونى من القصص والحكايات الشعبية التي كنت أحكيها لهم قبل النوم، ومن هنا أصبحت أحكى لهم من الخيال، ثم كتبتها بعد ذلك ونشرت. وعندى حوالى (10) كتب للأطفال، (10) روايات، (2) فى الدراسات الشعبية.



ــ كيف ترين مستقبل هذا النوع الأدبي ؟

القصة القصيرة بكل روافدها (قصة قصيدة، النص المفتوح، قصيدة النثر، القصة الومضة..الخ) سوف تحتل الصدارة فى المستقبل لأن الإيقاع السريع لنمط الحياة، والميديا، والواقع الافتراضي على النت وغيره، أصبح يناسبه تماما فكرة (القص) أكثر من السرد الطويل، وقريبا سوف يقل التهافت على الروايات، وزمن الرواية والحشو واللغو، والسرديات الكبرى، وغيرها، لأن الواقع الآن والمعاش لن يعد يحتمل هذه الكم، رواية من 700 صفحة مثلا يمكن أن يكون هناك نصا من صفحتين أو أكثر دال، وأكثر تاثيرا.
وأنا شخصيا أحب القص لأنه يشبه قص الأثر، ولا أحب الانشغال بالتصنيفات الكبرى، في القصة هى المستقبل وهذا رأى.