رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى الرد على أفكار مطران لوس أنجلوس وأسقف الإسكندرية


انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى، ومن خلال البريد الإلكترونى، صور الصلاة بكنائس لوس أنجلوس فى ليلة ٢٥ ديسمبر الماضى، وهى شبه خالية تمامًا أو تكاد تكون منعدمة من المصلين، بينما فى ليلة ٧ يناير نفس الكنائس مكتظة بالمصلين، ما يثبت الرفض الشعبى للأفكار الخاطئة لكل من مطران لوس أنجلوس وأسقف الإسكندرية، الذى كان يقترح انتظار التجربة، الكنيسة أيها الأساقفة، بجميع رتبهم، ليست حقل تجارب ولن تكون.
من المؤسف أن بين المطارنة والأساقفة ممن لم يحيوا الحياة الرهبانية الجادة ولم يطلعوا على قوانين الكنيسة، ولم يقرأوا بتمعن كتب آباء الرهبنة، مثل كتاب بستان الرهبان أو كتاب بستان الفردوس، الذى وضعه الأسقف «بلاديوس»، بعد أن حضر إلى مصر وعاش وسط شيوخ رهبنة الكنيسة القبطية، وسجل الحكمة، التى نطقوا بها من خلال حياتهم النسكية العالية. لم يقرأ هؤلاء الأعمال الرائعة للقديس الأنبا صموئيل، الذى أعطته الكنيسة لقب «المعترف»، الذى رفض «طومس لاون»، ومن جراء ذلك فقد إحدى عينيه، ورأى أنه من الأفضل أن يفقد عينيه ولا يفقد كنيسته المحبوبة، وكان «لاون» الأول أو «ليون» الأول بابا روما قد أرسل كتابًا أو رسالة إلى «فلافيان»، بطريرك القسطنطينية، فى ١٣ يونيو ٤٤٩م، وقد رفضته الكنائس الأرثوذكسية القديمة، وبعد فترة توجه مندوب المقوقس البطريرك الدخيل فى مصر إلى رهبان دير أنبا مقار وقرأ عليهم «طومس لاون»، وطلب منهم الموافقة!! ولكنهم التزموا الصمت- كما هى عادة الخائفين- فانبرى من وسطهم الراهب صموئيل وأخذ «طومس لاون» ومزقه ورفض الاعتراف به، فتم القبض عليه وأوسعوه ضربًا، حتى فقد إحدى عينيه، لكنه أكمل مسيرة آبائه الشجعان. كنت قد تقابلت مع أصدقاء لى من إخوتنا الكاثوليك المحبوبين، وسألتهم عن سبب أنه فى كنائس الإسكندرية والقاهرة ووجه بحرى يحتفلون بعيد الميلاد المجيد فى ٢٥ ديسمبر، بينما إخوتهم فى صعيد مصر يحتفلون مع الأقباط الأرثوذكس فى ٧ يناير؟، فأخبرونى بأنه فى فكر وترتيب الكنيسة الكاثوليكية أن تسمح لكنائسها المختلفة بالاحتفال بما يناسب «الاحتياج الرعوى»- وهم أحرار فى تدابيرهم الرعوية- وهى نفس الكلمة التى استخدمها مطران لوس أنجلوس المخالف، وهلل له أسقف الإسكندرية، الذى لم يعش فكر آباء الكنيسة وعمق روحانيتهم!! واعتبرا ذلك مرونة فى الخدمة!! وهنا أتذكر أنه فى فترة الستينيات وجدنا البابا بولس السادس- بابا روما- أرسل برسالة إلى الكنائس الكاثوليكية فى الشرق بأن تحتفل مع الكنائس الأرثوذكسية بعيد الفصح «أو عيد القيامة». وهكذا من خلال كلمة «الاحتياج الرعوى» يحتفل الكاثوليك فى مصر مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ثم بلا وعى ولا انتماء صادق للكنيسة القبطية نهرول وراء كنيسة روما لنحتفل معها بعيد القيامة،. ضاربين بعرض الحائط قرارات مجمع نيقية المسكونى فى القرن الرابع الميلادى!! مهزلة حقيقية. أنا حاليًا فى قبرص، وتقابلت مع أصدقاء لى من إخوتنا الأرمن، فأخبرونى بأن الكنيسة الأرمينية فى قبرص تحتفل بعيد الميلاد فى ٦ يناير، كما هو متبع لديها فى تقويم الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية، بدون استخدام تعبير «الاحتياج الرعوى»!!. الأغرب من ذلك أن يطلع علينا مطران لوس أنجلوس المخالف بتعبير جديد، وهو أن عام ٢٠٢٠ هو «عام الاستنارة»!! أى استنارة هذه يا جناب المطران وقد شابهت فى سلوكياتك المشينة «أريوس الهرطوقى»، الذى تصدى له شماس صغير بالإسكندرية هو «أثناسيوس»، الذى تم اختياره بعد ذلك ليكون البطريرك العشرين باسم البابا أثناسيوس، الذى يحمل لقب «حامى الإيمان». نعم نحن أمام مخالفات صارخة فى تقاليد ونظام الكنيسة، تلك التى بدأت- للأسف الشديد- فى ٤ نوفمبر ٢٠١٢!! من لديه شجاعة للتصدى لتلك المخالفات الصارخة؟ مطران لوس أنجلوس المخالف لم يتمكن من مكاشفة أفكاره النيرة هذه فى فترة البابا شنودة الثالث، لكن بعد رحيل البابا شنودة أصبحت الساحة مستباحة بدون ضابط أو رابط!!،
فى رسالة مطولة سجلها شاب من شباب المهجر، معتز جدًا بتراث كنيسته وتقاليدها، سجل فيها رفضه الرائع لأفكار مطران لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية وبتأييد من أسقف الإسكندرية. وقد وصلتنى الرسالة للاطلاع عليها. وهنا أقتبس بعضًا من تلك الرسالة لنعرف خطورة ما يحدث فى أروقة الكنيسة القبطية، على الرغم من أن أسقف الإسكندرية يعتبر أن المصريين لديهم دائمًا «نظرية المؤامرة»!! أى مؤامرة يتحدث عنها ونحن نرفض المساس بتقاليد كنيستنا العريقة؟ مع كامل محبتنا لإخوتنا الكاثوليك والبروتستانت. وهل الوقوف ضد الخطأ يُعتبر مؤامرة؟ لو كان هذا صحيحًا لم يكن هناك أى مكان للثورات فى العالم ضد الفساد. ومطران لوس أنجلوس هذا له واقعة خطيرة حدثت بعد نياحة البابا شنودة الثالث- وما زالت الكنيسة بصفة عامة والأديرة القبطية بصفة خاصة- تعانى منها. ولم تكن لديه الشجاعة لأن يعرض أفكاره المدمرة هذه على البابا شنودة الثالث.. سوف أتعرض لها لاحقًا. قال مطران لوس أنجلوس: «توجد أسر قبطية فى إيبارشية لوس أنجلوس لظروف ما لا تستطيع أن تحضر قداس عيد الميلاد حسب التقويم والطقس القبطى الأرثوذكسى فى ٧ يناير، فقرر إقامة قداس يوم ٢٥ ديسمبر كاستثناء لهذه الأسر، بشرط دون كسر الصوم»، بمعنى أن قداس العيد يُصلى وبلحن الفرح والناس صائمون ويستمرون فى الصوم حتى ٧ يناير!! قمة المأساة الكنسية!! ويرى المطران أنه بهذا: «يحفظ الشباب من الجيلين الثانى والثالث الذين بسبب دراستهم أو عدم وجود إجازات لهم يوم ٧ يناير لا يقدرون أن يحضروا صلوات العيد، فبدلًا من أن يضيعوا ويضيع منهم الاحتفال بطقس قبطى أرثوذكسى يتم دمجهم فى الكنيسة بهذا القداس»!! وهل قداس واحد فى السنة سيدمج الشباب فى الكنيسة؟ فكان رد الشاب القبطى المحب لكنيسته، أن هذا القرار سيؤدى مع الوقت إلى إلغاء يوم ٢٩ كيهك «٧ يناير» أو سيصبح يومًا رمزيًا كعادة تتم، ولكن سيصير الاحتفال الرسمى فى إيبارشية لوس أنجلوس «إذا لم تتبعها أماكن أخرى» هو ٢٥ ديسمبر ويحدث انقسام فى الكنيسة، وسيكون الاحتفال غربيًا تمامًا. أيضًا هذا القرار سيدفع بأسر كانت تحتفل بيوم ٢٩ كيهك «٧ يناير» لاحتفال يوم ٢٥ ديسمبر.
فلو كانت هناك أسرة بعض أفرادها يعملون أو ما زالوا يدرسون فى جامعاتهم، فسيقوم هؤلاء الأفراد بالاحتفال فى ٢٥ ديسمبر، وبالتالى يشاركهم بقية أفراد الأسرة، وبذلك نكون قد دفعنا من يحتفلون بيوم ٧ يناير للاحتفال يوم ٢٥ ديسمبر، الأسر ستصحب بعضها وتتسع دائرة الاحتفال بيوم ٢٥ ديسمبر، وبمرور الوقت تتبقى قلة قليلة تحتفل بيوم ٧ يناير لفترة ثم ستختفى هذه القلة تمامًا مع الوقت، أو يحدث انقسام بين الفريقين ويتبادلان نظر الاتهامات لبعضهما البعض!! فكيف ستتم الرعاية هنا؟ أو أين هنا «الاحتياج الرعوى» وما نتيجته؟ إنه فعلًا «فقر روحى»، كما وصفه أسقف شجاع. والدينونة هنا تقع على عاتق مطران لوس أنجلوس وأسقف الإسكندرية المؤيد له على طول الخط!!. أود أن أخبر مطران لوس أنجلوس بأننا عشنا طوال حياتنا فى مصر- قبل أن يصدر الرئيس مبارك قرارًا باعتبار ٧ يناير عطلة رسمية فى الدولة- ولم نتذمر على كنيستنا، ولم نطالب بإجازة أو راحة من العمل، بل كانت فرحتنا وبهجتنا بالعيد فرحًا روحيًا حقيقيًا وصادقًا حتى ونحن فى مدارسنا أو جامعاتنا، لأن نفوسنا كانت ممتلئة بالتعاليم السامية لكنيستنا العريقة. يجب أن يكون لمجمع أساقفة الكنيسة دور حاسم فى تلك القضايا الإيمانية والحيوية، فئة قليلة جدًا من أعضاء المجمع متشبهون بالقديس الأنبا صموئيل المعترف، وهذا فخر لهم.. أخشى على كنيستنا من القيادات الحالية!!.