معارض تركي يكشف حقيقة علاقة «سليماني» بـ أردوغان
كان تعليق تركيا على مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في عملية عسكرية أمريكية، الأشد حدة، وعلى وجه الخصوص تصريحات كل من الرئيس رجب طيب أردوغان وشريكه التابع لتنظيم أرجنكون رئيس حزب الوطن دوغو برينجك.
وقال تورغت أوغلو المعارض التركي، إنه بحسب المنشور الخاص بالسفارة الإيرانية في أنقرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أردوغان أجرى اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الإيراني حسن روحاني عقب الهجوم مباشرة، وكان من اللافت وصفه لقاسم سليماني بـ"الشهيد"، كما أعرب عن بالغ حزنه لفقدان سليماني.
وخلال اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، قال أحد الصحفيين موجهًا حديثه لترامب: "لقد قلتم عن سليماني إنه "وحش"، ولكن صديقكم وصفه بالشهيد"، ليرد الأول: "هناك رأي عام يضطر إلى مراعاته، ولكنني فوجئت".
وأضاف: "وصْف سليماني بـ"الشهيد" لم يقتصر على أردوغان فقط، وإنما جاء في تصريح مشابه من رئيس حزب الوطن اليساري، دوغو برينجك، المعروف بأنه أحد الأذرع المهمة في الدولة العميقة داخل تركيا".
وقال برينجك: "إن مقتل صديقنا العزيز سليماني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية هو ضرب الحديد بالحديد. إن شهيدنا قاسم سليماني، في الوقت نفسه شهيد الإنسانية، وشهيد آسيا الغربية، وشهيد إيران".
وتابع:"محاولات إيران لخلق نفوذ لها في تركيا، شهدت تصارعًا كبيرًا بعد ثورة الخميني (الثورة الإسلامية الإيرانية) في عام 1979، حتى إنه ظهر أن أغلب الجرائم مجهولة الفاعل التي شهدتها تركيا في تسعينيات القرن الماضي، كان ورائها فيلق القدس الذي يتزعمه سليماني. وقد تم إثبات أنشطة فيلق القدس في تركيا، بالوثائق، من خلال العمليات الأمنية والقضائية التي أجريت في الفترة بين 1999-2000.
امتداد وذراع التنظيم في تركيا كان تحت اسم مشابه، وهو "منظمة جيش السلام والتوحيد والقدس". خلال هذه العمليات الأمنية، تم ضبط كميات كبيرة من السلاح والمواد المتفجرة، وتم كشف الأسماء النشطة التابعة له داخل تركيا؛ إلا أن الجرائم التي ارتكبها التنظيم، وسجلت مجهولة الفاعل، تم رفعها إلى الأرفف بموجب التعاون بين حزب العدالة والتنمية وتنظيم أرجنكون.
وأشار المعارض التركى إلى أنه على سبيل المثال؛ خلال حملات انتخابات المحليات في 30 مارس 2014، قال رئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان، بمدينة بتليس: "لقد تنصتت الشرطة على ولاة المدن، الحراس، الموظفين، رؤساء المدن من أحزاب العدالة والتنمية والشعب الجمهوري والحركة القومية، وزعموا أن هناك تنظيمًا يحمل اسم تنظيم السلام والتوحيد، لقد استمعوا لنحو 3 آلاف شخص لمدة ثلاث سنوات..."، وأبدى ردود فعل حادة على القضايا الخاصة بهذا التنظيم. وقد أعلن أردوغان أرقامًا مضخمة حول تنصتات الشرطة القانونية من أجل تمييع القضية.
حملات إيران للسيطرة على تركيا عبر جهاز الاستخبارات التركي، انكشفت بشكل واضح، من خلال المستندات التي سربها العميل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إدوارد سنودن في عام 2013. حسب الوثائق المنشورة في مجلة "دير شبيجيل" الألمانية، فقد تبين وجود علاقة لحكومة حزب العدالة والتنمية بإيران، ضمن التحقيقات المتعلقة بتنظيم السلام والتوحيد.
وثيقة أخرى بتاريخ 15 أبريل 2013، كانت تحمل ختم "سري للغاية"، تناولت العلاقات بين وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) وجهاز الاستخبارات التركية (MİT). الوثيقة سلطت الضوء على علاقة رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان بإيران، مشيرة إلى أن هذا الأمر يسبب إزعاجًا كبيرًا للإدارة الأمريكية. وفي السياق نفسه، نشرت وسائل إعلام أمريكية فيما بعد أخبارًا ومقالاتٍ وكتاباتٍ عديدة في هذا الشأن، الأمر الذي دفع أردوغان ليقول: "لن أضحي بهاكان فيدان"، الذي يصفه بـ"جعبة أسراري".
وكانت الشرطة التركية تنصتت على مكالمات شخص يدعى "أمين" ضمن القضايا الخاصة بتنظيم السلام والتوحيد، بشبهة أنه عميل لإيران، ثم تبين أنه الاسم المستعار أو الحركي لهاكان فيدان. إلا أن أردوغان وصف هذه القضية بأنها مؤامرة من حركة الخدمة وملهمها فتح الله كولن.
وفي 7 يناير الجاري، شارك رئيس تحرير قناة "Küdüs TV" التركية الموالية لإيران، نور الدين شيرين، في برنامج على قناة "TV5" المقربة من حزب السعادة الإسلامي في تركيا، وكشف الستار عن علاقة نظام أردوغان بقاسم سليماني بشكل واضح وصريح.
وقال شيرين خلال حواره التلفزيوني إن سليماني عمل أكثر من الجميع، من أجل إفشال محاولة انقلاب 15 يوليو 2016، قائلًا: "ماذا فعل سليماني، المولود في مدينة كرمان؟ لقد قال: لن تصلوا إلى هدفكم هذا في تركيا، طالما لم تدهسوا صدري".
ونشر موقع "The Intercept" المعروف بإذاعة تسريبات ووثائق سرية الخاصة بالحكومات، وثائق جديدة خلال الأيام الأخيرة، تظهر تشبيه قاسم سليماني نفسه بأحمد داود أوغلو، الذي شغل منصبي وزير الخارجية ورئيس الوزراء، وكذلك هاكان فيدان، الذي يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات.
وقال المعارض التركي إن الموقع أوضح حصوله على معلومات سرية من داخل إيران عبر تقارير استخباراتية سرية مكونة من 700 صفحة، ثم قدم الصورة التي كان يظهر بها سليماني داخل الاستخبارات الإيرانية.
الجزء الأكثر إثارة للجدل، هو الخاص بكل من أحمد داود أوغلو وهاكان فيدان؛ إذ يرد في أحد التقارير الاستخباراتية التي نشرها الموقع المذكور: "هناك صداقة قوية بين سليمان وداود أوغلو؛ فقد كان سليماني يعقد مقارنات بين دوره في السياسات الخارجية الإيرانية ودور داود أوغلو في السياسات الخارجية التركية".
وكشف المعارض التركى أن قاسم سليماني بدأ يرى نفسه في وقت لاحق: "رئيسًا للاستخبارات ومسؤولًا عسكريًا يمكن مقارنته بهاكان فيدان" أكثر من داود أوغلو، وذلك اعتبارًا من عام 2014 حيث زاد دور إيران في مكافحة تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق.
واختتم تورغت أوغلو، أن قاسم سليماني شكل شبكة علاقات سرية وعميقة في كل دول الشرق الأوسط تقريبًا، من ليبيا إلى سوريا، ومن لبنان إلى العراق، ولا تزال علاقته بتركيا تخيم عليها الضبابية حتى الآن، بسبب الضغط الذي يمارسه أردوغان داخليًا؛ ولكن هذه المستندات موجودة في أرشيفات وسجلات الدولة التركية، وسيأتي اليوم الذي تظهر فيه الجرائم التي نفذها سليماني في تركيا أيضًا، بالإضافة إلى علاقاتها في الداخل التركي، فهو كان يعتبر أكثر الأسماء دموية في الشرق الأوسط.