رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علم قطر.. أسود و«بأستك» من فوق!


الكومبارس المتكلم، الذى يلعب دور وزير الخارجية القطرى، هرول زاحفًا إلى طهران، قبل مرور ٢٤ ساعة على قيام الولايات المتحدة بتصفية قاسم سليمانى، قائد «فيلق القدس» وعدد من كبار عملاء إيران، فى العراق، بطائرة مسيرة انطلقت من قاعدة «العيديد» الأمريكية فى قطر.
قيل إن ذلك الكومبارس، المدعو محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، ذهب إلى العاصمة الإيرانية يحمل تحذيرًا أمريكيًا، أو استجداءً قطريًا، أو لتقديم العزاء فى «سليمانى» الذى لم تجرؤ دويلته على إدانة تصفيته، أو الترحيب بها، واكتفت خارجيتها، ببيان، مائع أو عائم، ناشدت فيه «جميع الأطراف ضبط النفس». وما رجح أحد تلك الاحتمالات، أو كلها، هو أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى كتب فى حسابه على تويتر، أنه وجه الشكر لقطر، خلال مكالمة تليفونية مع وزير خارجيتها لـ«تضامنها فى وجه النفوذ الإيرانى الخبيث».
التكهنات أو الترجيحات حول أسباب الزيارة وتوقيتها أزيحت جانبًا، وحلت محلها نكات وسخريات من تحول اللون «العنابى» فى العلم القطرى إلى اللون الأسود، فى الصورة التى جمعت ذلك الكومبارس مع وزير الخارجية الإيرانى، والتى نشرتها وكالة الأنباء القطرية الرسمية، ونشرتها أيضًا حسابات الخارجية القطرية على شبكات التواصل الاجتماعى.
بزعم أن تلك الدويلة، قدمت دماء كثيرة فى حرب خاضتها فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر، تم وضع اللون «العنابى»، لون تلك الدماء، فى علمها الوطنى، يخترقه اللون الأبيض، رمز السلام، بينما تشير الرءوس التسعة النافذة فى الجزء العنابى، إلى أن تلك الدويلة هى تاسع الإمارات الخليجية المتصالحة. ومن العنابى الغامق، إلى الفاتح، تغير لون ذلك العلم، سنة ٢٠١٢، بقانون أصدره الحاكم بالوكالة السابق، والد الحاكم بالوكالة الحالى.
الصورة المشار إليها، خلت من العنابى الغامق أو الفاتح. وبينما استنتج البعض، ساخرين أو مندهشين، أن يكون ذلك حدادًا على «سليمانى»، نقل موقع «سى إن إن» تخريجة غريبة عن شخص زعمت أنه «خبير فى شئون البروتوكولات والمراسم»، لكن الواضح أن لديه خبرة أكبر فى التبرير والتدليس وخلافه. فبعد إقراره بأن قطر غيرت درجة لون علمها من اللون العنابى المائل للبنى إلى «اللون العنابى الأخف قوة من ناحية الطول الموجى للون»، زعم أن العديد من إدارات البروتوكول، حول العالم، لم تقم بتعديل لون ذلك العلم فى قاعدة معلوماتها وفى مخازنها. واستنتج أنه «مع تقادم الزمن وطول فترة التخزين كان من الطبيعى أن يتغير اللون»!.
لو افترضنا صحة هذه التخريجة، التبريرة أو التدليسة، ولو حدث فعلًا أن لون العلم تغير بسبب سوء التخزين أو لقيام الفئران بالتبول عليه، فإن ذلك لا ينفى وجود جريمة يعاقب القانون القطرى من ارتكبها ومن لم يحل دون ارتكابها. إذ يوجب القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠١٢، احترام العلم القطرى وعدم تعريضه للمهانة بأى طريقة كانت. ويحظر رفعه أو عرضه أو تداوله، إذا كان تالفًا أو مستهلكًا أو باهت الألوان أو بأى طريقة غير لائقة. وعاقب بالحبس أو بالغرامة من قام «بإتيان فعل أو الامتناع عن فعل» يعبر عن عدم الاحترام الواجب للعلم.
من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام. والمعنى الذى قصده «المتنبى»، هو أن الألم الناتج عن الهوان، الذل أو المهانة، يزول بالاعتياد. وهذا بالضبط هو حال العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة. وحدث، مثلًا، فى يونيو ٢٠١٦ أن قام جنود أمريكيون يعملون ضمن قوات بلادهم المتواجدة على أراضى قطر، بتصوير مقطع فيديو يسخرون فيه من العلم القطرى ويوجهون إهانات بالغة للإمارة كلها.
مع انتشار مقطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعى، زعمت الخارجية القطرية، فى بيان، أنها استدعت دانا سميث، السفيرة الأمريكية «وقتها» لدى الدوحة، وطلبت منها توضيحات. وبعد أيام كتبت السفيرة تغريدتين فى حسابها على تويتر، أشارت فى الأولى إلى أنها «وجهت رسالة إلى القيادة العسكرية الأمريكية للتحقيق فى هذه الواقعة واتخاذ إجراءات تأديبية»، وقالت فى الثانية إن «هؤلاء الجنود كانوا يسخرون من أنفسهم وليس من دولة قطر»، زاعمة أنها تكن لدولة قطر ولأهلها كل الاحترام والتقدير. وبعد التغريدتين، نام الموضوع أو مات، ولم نسمع شيئًا عن معاقبة الذين سخروا من الدويلة وعلمها، الذى ظهر بلونه العنابى، لا الأسود، فى مقطع الفيديو.
لم يجد سرحان عبدالبصير، أو عادل إمام فى «شاهد ماشافش حاجة»، ما يصفه فى ملابس القاتل، غير «شرابه»، أو جوربه، الذى قال إنه «أخضر وبأستك من فوق». وهذا بالضبط هو حال دويلة قطر التى تحولت، كما تحول علمها الوطنى، إلى مجرد جورب «أسود.. وبأستك من فوق» فى أقدام محتليها.