رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوزير الجديد سوف يملأ الكأس الفارغة


تطرق الحوار خلال لقاء على القناة الأولى إلى المشهد الإعلامى وتحديدًا الفجوة بين الإعلام الغربى وما يرد من نماذج مزيفة فى بعض منابره، مقابل دور الإعلام الوطنى فى عرض الحقائق بالأدلة أمام العالم، بالإضافة إلى المهمة التى تقع على عاتقه فى تشكيل وإنارة الوعى العام عبر استعادة ثقته.
المؤكد أن التطرق إلى ملف فى خطورة الإعلام- سواء المقروء أو المرئى- لا يستدعى الحساسية المفرطة بقدر ما يقتضى الدقة والموضوعية.. رؤية مهنية قادرة على تناول مصر بما يليق بمكانتها بين الدول. الشق الإيجابى لحالة الحوار التى تتناول «أمراض» الإعلام، أنه يطرح بشفافية وصراحة علنًا مواطن العلل ومقترحات العلاج كخطوة تمهيدية للإصلاح.. فى المقابل لا يخلو الإعلام الغربى من نبرة غطرسة تصل إلى اعتبار أن ما يبثه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! بينما قائمة تاريخ فضائحه الإعلامية لا حصر لها، بل تكاد تتجاوز كل المآخذ المتداولة حول الإعلام المصرى.
بعد هدوء ردود الأفعال المتعاقبة حول عودة وزير الإعلام وإجماع المعنيين بالشأن الإعلامى على أن اختيار أسامة هيكل بارقة أمل بما تحمله من بوادر إيجابية، خصوصًا أن وزير الإعلام هو المنوط به وضع وتنظيم السياسات الإعلامية، بينما الهيئات دورها تنظيمى. المشهد الإعلامى لم يعد يحتمل غياب وزير يضبط المسار الإعلامى كأهم أدوات الدفاع عن المصالح القومية، بناء وعى المواطن فى مواجهة أصوات «نشاز» ما زالت أسيرة أوهام مسمومة تصور لها إمكانية تهديد أمن واستقرار مصر، إعادة جسور الثقة بين المشاهد وماسبيرو بكل عراقته، واستعادة ريادته كمنبر إعلامى فى بناء الوعى العام. حجم هذه المسئولية يفرض فتح قنوات تنسيق مع مختلف مؤسسات الدولة، وفق الصلاحيات التى يتمتع بها الوزير لإدارة التنسيق بما يحقق الهدف الوطنى العام. عودة تلقى المواطن ما يحدث، سواء فى مصر أو المنطقة العربية من الإعلام المصرى كمصدر موثوق للمعلومة بدلًا من الانسياق خلف حجم الزيف الممارس عبر سموم قنوات لم تجد مكانها ضمن الفضائيات، إلا اعتمادًا على نقاط ضعف أصابت الإعلام خلال العقود الماضية، وفق قاعدة أن كأس الإعلام الفارغة إذا لم تملأها أنت، فسيملؤها غيرك.. ثغرة تسللت منها قنوات الدماء والكراهية التى استغلت جشع مرتزقة لفظتهم مدرسة ماسبيرو بعد فشلهم فى الحصول على درجة أعلى من الصفر. مصادر الآفات، سواء مالية أو إدارية معروفة للجميع.. تراجع عنصر الإبداع مقابل سيادة النمط الوظيفى أضعف داخل ماسبيرو أهم مقومات المنبر الإعلامى. الإعلام حالة من الحراك السريع والتحولات الخاطفة ما يفرض على قوانينه التطور، والتشويق، والتغيير الدائم.. إيقاع تزايدت شراسة المنافسة على مهارة عزفه فى إطار زخم فضائى تتبارى قنواته لإثبات الوجود. التحدى الأهم الذى لم يعد ماسبيرو يملك رفاهية الوقت للعمل على مواكبته ويشغل أولويات أسامة هيكل.. تحديد مكانة متصدرة للإعلام المصرى فى مرحلة «حبلى» بتحديات كبيرة مصريًا ودوليًا، مع مواكبة ثورة الاتصالات، إعلام الفضاء الإلكترونى، حروب الجيل الرابع. مدرسة ماسبيرو العريقة قدمت كفاءات مهنية عالية- وما زالت تحتضن عددًا كبيرًا من أقدر الإعلاميين- تعتمد عليها القنوات الخاصة والعربية. على الطرف الآخر، المتلقى لديه رغبة فى أن يصبح جزءًا من إنجازات الدولة عبر معرفة المزيد عن تفاصيلها، خصوصًا بعدما أصبحت إيجابية هذه الإنجازات واقعًا ملموسًا استحوذ على إشادة حتى أكثر وسائل إعلام الغرب تحفزًا تجاه مصر. كيفية التواصل مع المتلقى تقتضى نهجًا إعلاميًا مختلفًا يتبنى طبيعة الإعلام بكل ما يحمله من شروط عصرية كالتشويق، الصدق، المواكبة الفورية للحدث.. تغطية مهنية قادرة على إقناع المتلقى عبر التحرر من كل قيود البيروقراطية وجمود النمط الإدارى. على صعيد الإعلام العالمى، أمام كل تحديات العقد الماضى التى واجهتها مصر بنجاح رغم كل مظاهر التحفز الذى قوبلت به من بعض دول الغرب، دون أن تمنح نفسها حتى مهلة التحقق مما يجرى على أرض مصر، لم يعد من المقبول عدم إشراف وزارة الإعلام على الهيئة العامة للاستعلامات وتحريرها من كل القيود النمطية التى تعوق فتح أفق جديدة لعملها.. رسم سياسة إعلامية تضاعف قدرات الهيئة على التعامل مع الإعلام الخارجى والرد على تقارير ومقالات يصوغها إعلام «ضرير» يفترض الحقيقة فى أى مادة تقدم له دون أى اعتبار لمصادرها، تحديدًا فيما يخص الشأن المصرى. الإعلام المصرى يملك شجاعة الاعتراف بالسلبيات قبل الإيجابيات، ولم يتخذ موقف الكثير من وسائل إعلام الغرب المعاندة للحقائق أو التجمد داخل برج عاجى مشيد من قوالب إعلامية نمطية تتمسك بالتصورات المغلوطة، ممارسًا انتقاداته لما يزعم قيود حرية التعبير فى الإعلام المصرى، دون الأخذ فى الاعتبار ديكتاتورية إعلامه أو تدخله المباشر وغير المباشر فى القضايا المصرية والعربية، دون رؤية عميقة للحدث. هيئة الاستعلامات قد تصبح قناة مثالية للرد على «التنظير» الغربى الأجوف من خلال التواصل مع هذه المنابر الإعلامية الغربية- وهى معروفة- لفرض نشر مقالات وردود الكتّاب القادرة على التصدى لهذه النغمة النشاز بالحقائق، خصوصًا أن مبادرات الكتّاب الفردية لنشر ردود بهدف تصحيح ما يرد حول مصر، قوبلت بالرفض من الصحف الأمريكية والبريطانية.
أسامة هيكل بادر بإظهار قدرة فورية على تجاوز كل ما أثير من محاولات تفريغ منصب وزير الإعلام من أساسيات المهام التى تنتظره إلى متاهات فرعية عديمة الجدوى، بالإضافة إلى أن حالة الاتفاق العام حول تاريخ إنجازات الوزير تمنحه الثقة والقدرة على تحقيق معالجة جادة لكل الملفات العالقة بكل تراكماتها، معتمدًا على بعث روح الإبداع والمعاصرة بين جدران أعرق المنابر الإعلامية.