رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سنة جديدة بروح جديدة


يطل علينا اليوم أول أيام سنة جديدة نبدأ معها عقدًا جديدًا نتمنى أن نبدأه بروح متفائلة، وأن نقبل فيه على الحياة بشكل إيجابى، فلعله عقد يحمل معه الخير لنا ولبلدنا، كما أتمنى أن يكون أفضل من العقد السابق، الذى شهد تغيرات كبرى متلاحقة، وأحداثًا خطيرة تتابعت على بلدنا ومنطقتنا العربية، وأصبحنا شهودًا على صراعات متعددة، وحروبًا دموية تندلع من حولنا، وأخذنا نحاول فهم ألغاز الأحداث المتغيرة التى تأخذ تعبيرات جديدة تم تخطيطها فى الخارج وتصديرها إلينا كى تبدو فى ظاهرها خيرًا، بينما هى فى باطنها خطط شيطانية يُراد منها وبها هلاك شعوبنا العربية مثل: الربيع العربى، والفوضى الخلاقة، والحرية، والديمقراطية، والنشطاء وغيرها الكثير من المسميات الخبيثة، التى سرعان ما كشفت عن حقيقتها التآمرية العالمية التى تهدف إلى نشر الدمار والتدمير والتفتيت وزعزعة الاستقرار فى منطقتنا العربية، ولا تزال تلك المؤامرة- مع الأسف الشديد- مستمرة بأشكال مختلفة.
مع أول إطلالة من السنة الجديدة، تحضرنى هنا أحلام أدرك أنها صعبة التحقق على أرض الواقع، ولكنى رغم ذلك لن أمنع نفسى من الحلم دائمًا، لأنه قد يتحقق يومًا ما، أضف إلى ما سبق أن بعض هذه الأحلام هى أمانٍ يمكن أن تتحقق، وأن تُنفذ على أرض الواقع إذا ما توافرت لها النوايا الطيبة لتنفيذها، فقد أرى كـ«كاتبة» أننى أعيش عالمًا مختلفًا عن الآخرين، عالمًا أحس فيه بمشاعر الناس من حولى وأحلامهم وأحزانهم وقضاياهم وواقعهم وأحاسيسهم، أيضًا معاناتهم وآلامهم وأفراحهم وعلاقاتهم وتغيراتهم، أى أن قدرى أراد لى أن أضع نفسى دائمًا فى محاولة للتعبير عن الناس وعن الحقيقة وعن الواقع ما أمكننى ذلك، والتعبير عن غير القادرين على الكلام أو التعبير عن أنفسهم وتوصيل مشاعرهم وقضاياهم ومشاكلهم إلى حيث يريدون، كما أن الكتابة فى رأيى هى فعل فيه شجاعة وجرأة وقدرة على التعبير، ولقد حاولت طوال مسيرتى مع القلم والكلمة أن أكتب بصدق وبتجرد وبشفافية ابتغاء وجه الحقيقة وإبداء الرأى، وصولًا إلى وضع أفضل أو تغيير أفضل أو نقد بناء لأوضاع ما، أو حتى مجرد كتابة قصة قد تؤثر فى من يقرأها.
وعن نفسى لا بد أن أقول مع بداية السنة، الحمد لله على نعمة الأمان والاستقرار بمصر فى ظل قيادة وطنية وجيش وشرطة وحكومة مصريين وطنيين، يعملون بإخلاص وجهد لتحقيق التنمية والتقدم ومشروعات قومية كبرى تنطلق بسرعة لتحقق أهداف التنمية المستدامة، ومن ناحية أخرى يبقى لى حقى أنا كـ«كاتبة» فى التعبير بحرية ما دامت من منطلق وطنى وحرص على مصلحة الوطن، وأمل فيما هو أفضل.
ويغمرنى مع اليوم الأول ومع التعديل الوزارى الجديد تفاؤل كبير وأمانٍ كثيرة معظمها لوطنى وبعضها على المستوى الشخصى، فالسنوات الأخيرة جعلتنى لا أنفصل عما يحدث فى وطننا، وأصبحت شديدة التعلق والمتابعة والتحليل لمجريات الأمور، حيث أصبح قلمى مرافقًا للأحداث الكثيرة والتغيرات الكبرى المتلاحقة التى تقع لنا دون هوادة ودون هدوء على ساحة الأحداث جميعها، سواء الداخلية منها أو الخارجية، التى تؤثر فى الداخل بشكل مباشر، ولم يعد الشخصى عندى منفصلًا عن العام.
فقد أدركنا أنه يتم تصدير الفوضى لنا والصراعات والمشاكل والأزمات والفتن يومًا بعد يوم، وذلك بغرض إضعاف مصر الحبيبة، والتى هى القلب والحب والأم والميلاد والبيت والأسرة والعرض والأرض والعمل والقلق، وأيضًا الفخر والسعادة، وهى الانتماء والولاء والاستقرار والأمان، ومنها نستمد كل شىء وأى شىء، أدركنا أهمية الوطن حينما عايشنا محاولات إضعافه، وعايشنا قيمة الوطن حينما رأينا الأوطان من حولنا تضعف وتتمزق وتتفكك ويتقاتل أبناؤها، ويصبحون دون أمان ودون بيوت ودون جدران تحميهم، أو يصبحون فى مهب الريح، تتقاذفهم الطرق ويتحولون إلى لاجئين فى العراء أو فى بلاد أخرى لا ترحب بهم، لذا فإنه لعار على كل من لا يدرك قيمة الوطن، وسلام لكل من يتمسك باستقراره ويشارك فى مسيرة تقدمه.
ومع السنة الجديدة، فإن حلمى لوطنى الحبيب هو أن تتصدر القيم النبيلة والأخلاق العالية والهوية المصرية المشهد اليومى فى سلوكياتنا وفى تعاملاتنا وفى شوارعنا وفى مدننا وفى جامعاتنا وفى مدارسنا، وأن تختفى البلطجة والعنف والتشدد والتطرف والفوضى والزحام والنقاب والفساد من المشهد اليومى، وأن يعود المواطن المصرى والمواطنة المصرية إلى أصول طبيعة الشعب العريق الذى لطالما عرف بالشهامة والكرم والجدعنة والسماحة وحب الفنون والطيبة، وأن تتكاتف الجهود المخلصة لإيجاد آليات ووسائل لذلك، وأن يصبح هذا الحلم من أهداف المجتمع المصرى والدولة المصرية والإعلام المصرى فى المرحلة القادمة.
أما عن الأمنيات، فإنها كثيرة ومتنوعة، تشمل العديد من المجالات، لكننى أذكر بعضها بسرعة ودون دخول فى تفاصيل، فأنا أتمنى أن يحرص كل مواطن على استقرار بلدنا وأن يتسيد القانون فى حياتنا وأن نعمل ونقدّم كل جهدنا للمشاركة فى بناء وطننا وتحسين أحواله، وأن نكون فى ظهر أبطال جيشنا وشرطتنا حتى يستكملوا مهمتهم الشاقة فى حماية الأرض والعرض، فبينما نجلس نحن فى بيوتنا بحثا عن الدفء من صقيع شتاء قارس، فهناك جنود من خيرة شباب مصر يقفون فى العراء، وفى شدة الصقيع لحماية بلدنا الحبيبة من كل سوء ومن كل شر ومن خائن ومن كل عدو يتآمر علينا، فلا يزال التآمر مستمرًا والخطر موجودًا ومتربصًا بنا.
ومن الأمانى التى أتمناها مع التعديل الوزارى الأخير أن تتحسن أحوال المواطن البسيط وألا تستمر عملية تجريف الطبقة المتوسطة، وأن ينظر فى مسلسل الضرائب المستمر على المواطنين، إذ لا بد من رفع المعاناة غير الضرورية، فلقد عانى الشعب المحب لمصر، وآن أوان جنى ثمار الإصلاح الاقتصادى بعد أن صبروا صبرًا عظيمًا على قرارات الإصلاح الاقتصادى الصعبة فى السنوات الماضية، كما عانى الجميع وصبروا صبرًا عظيمًا على أيام الفوضى مع أحداث يناير ٢٠١١ وعام الظلاميين الأسود.. إلى أن جاءت ثورة الشعب فى يونيو ٢٠١٣ وما تلاها من إصلاحات عديدة ومحاربة للإرهاب والعنف والفتن.. أتمنى أيضًا أن يجد كل شاب جاد عملًا شريفًا ليشارك فى عملية الإنتاج والصناعة والتقدم.. وأتمنى أن تحدث صحوة صناعية تستحقها بلدنا لنصبح مصدرين للمنتجات المصرية ومنافسين فى السوق العالمية بصناعة مصرية جيدة نفتخر بها، أتمنى أن تعود القاهرة إلى رونقها القديم فى عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى.. واختفاء الزحام الخانق والفوضى العارمة فى شوارعها وإزالة القمامة والتلوث أيضًا وعودة النظافة إلى قاهرة المعز.
أتمنى أيضًا أن يتم الاهتمام بشكاوى المواطنين فى التعامل مع سوء الخدمات الحكومية كالشهر العقارى واستخراج البطاقات وغيرها من محافظاتنا، وأن يكون لدينا قدرة على مضاعفة أعداد السائحين وتأمينهم وحسن معاملتهم وإسهام السياحة فى الدخل القومى بما يتناسب مع ما نملكه من آثار تاريخية عظيمة ومقومات سياحية لا توجد فى أى بلد آخر فى العالم.. أتمنى إنهاء الفساد فى كل موقع، خاصة فى المحليات، حيث إنه لا يزال منتشرًا فى مكاتبها، أتمنى أن يكون نقاشنا فى مجالسنا من منطلق البناء لا الهدم، ومن منطلق الأفضل لمستقبل بلدنا وأن يتصدى لترويج الشائعات المستمر، أتمنى أن نشهد صدور قوانين تجرم الفتاوى المتطرفة والمتشددة التى تقال وتبثها بعض الفضائيات لدعاة يعيشون فى مصر ولا يكفون عن الفتاوى المتخلفة.
وأتمنى كذلك اختفاء العنف والبلطجة والألفاظ النابية من شوارعنا.. أتمنى أن تجد كل أم معيلة دخلًا يكفيها وعملًا شريفًا يجعلها تتمكن من تربية أبنائها والإنفاق عليهم بشكل كريم.. أتمنى أن تجد الدولة حلًا لمشكلة التعليم، حيث التعليم الخاص يتطلب مبالغ طائلة غير معقولة والتعليم الحكومى به تكدس، ولا بد من أن تجد الدولة حلولًا، لأن التعليم هو أساس بناء المواطن الصالح والشخصية السوية، ولا بد من إدخال الفنون والرياضة فى كل المراحل وبناء مدارس جديدة بها فصول صحية ومدرسون يتمتعون بالعقل المتفتح، وألا يصبح إيجاد مكان فى مدرسة حكومية معضلة للأسرة المصرية، أتمنى حملات لتوعية المواطنين بخطورة المشكلة السكانية ووضع حلول لها، وأتمنى أيضًا أن تعود قوه مصر الناعمة وأن يجد المثقفون اهتمامًا يليق بهم وألا يصبح أصحاب الفكر مجرد ديكور فى المجتمع لا يؤخذ برأيهم ولا يتم الاهتمام بمشاكلهم وقضاياهم وعلاجهم، أتمنى أن تتدفق الاستثمارات فى بلدنا وأن نيسر الإجراءات ونشجع الاستثمارات الجادة التى يقدمها المستثمرون الجادون، بحيث تعود بالرخاء ونحس بمردودها الإيجابى على المواطنين.
وأتمنى من ناحية أخرى أن ينصلح حال خدمات صحة المواطنين وحال المستشفيات العامة، وأن يجد المواطن علاجًا صحيحًا وبسعر مناسب ودواء متوافر وفى متناول يده، أتمنى أيضًا أن تتوقف الأسعار عن الصعود، وأن يرتفع مستوى معيشة المواطن المصرى، وأن يستمر توفير السلع بأسعار مناسبة فى متناول اليد، بحيث تتناسب مع الدخول الصغيرة والمتوسطة. إنها بعض الأمنيات وليست كل الأمنيات، وكل عام وأنتم بخير، وأسرتى الصغيرة بخير ووطننا الحبيب بخير وفى تقدم وازدهار وأمان واستقرار وسلام، وفى أعلى مكانة بين الأمم المتحضرة إن شاء الله.