رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عالج مخاوفك بحسن الظن بالله «1»




القلق والخوف من أمراض العصر التى لا يتوقف الحديث عن خطورتها وأثرها على الفرد والمجتمع، هما من أبرز الأسباب التى تقود البعض إلى التخلص من حياتهم والانتحار يأسًا من تغيير حياتهم للأفضل، وهى أقصى مرحلة من مراحل اليأس لديه، التى يصل معها إلى نقطة اللاعودة.
صحيح أنه ليس كل الأمراض النفسية تتعلق بغياب الوازع الدينى لدى الإنسان، فقد يكون ملتزمًا، محافظًا على الصلوات، ومع ذلك يقع ضحية للقلق والاكتئاب، تحت تأثير ظروف وعوامل مختلفة من الضرورى عدم إغفالها.
وبشكل عام، فإن الإنسان الذى يمتلك حصانة إيمانية هو أقل عرضة من غيره الذى يسبح فى حالة من الفراغ الروحى، وما من شك أنه كلما توثقت صلة العبد بربه، زاده ذلك يقينًا وإيمانًا لا يتزحزح، ينعكس على حالته بشكل عام، فى علاقته بمن حوله، وفى رؤيته للحياة.
فالكثير مما يعانى منه الإنسان إنما هو من نزغ الشيطان الذى يخيفه من كل شىء، يجعله مهمومًا حزينًا، لا تكاد الابتسامة تعرف وجهه، ولا التفاؤل يعرف طريقًا إلى قلبه، وهو أقصى ما يتمناه للمرء، أن يعيش على هذه الحالة، فلا يهنأ بحياة، ولا يستمتع بعبادة، ويجعله أسيرًا لمخاوفه طوال الوقت.
حسن الظن بالله هو ما يجعل الإنسان ينجو من هواجس الشيطان المخيفة حول المستقبل، لأن الشيطان يكره الإنسان ويرغب دائمًا فى أن يظل خائفًا من المستقبل، فيظل يلقى المخاوف فى قلبه، حتى يصيبه بالحزن واليأس.
وكشأن أى إنسان، مررتُ فى محطات من حياتى بحالة من الخوف من المستقبل والقلق، لكنى لم أتمادَ طويلًا فيها، فسرعان ما كنت أعود لنفسى، متسائلًا: «طب وظنى بربنا إيه؟».
حسن الظن بالله هو ما يجعل الإنسان يمتلك ثقة كبيرة تظهر فى طريقة تفكيره وتصرفاته وتغير نظرته للأجمل، لأنه يعطيه جرعات من التفاؤل اللا محدود، ويحميه من السقوط فى أجواء الكآبة والحزن، فكلما أحسنت الظن بربك كان على قدر ظنك، وهو ما يجعل الإنسان يتوقع الجميل من الله تعالى فى كل أوقاته.
من تهاجمه المخاوف والأفكار المقلقة عليه أن ينظر إلى حياته كلها، فيرى ما فعل الله، سبحانه وتعالى، معه فيها، فقصة حياة كل إنسان من الولادة حتى الموت لهى أكبر دليل على أن الله تعالى ما يمنع شيئًا إلا ويبدله بما هو خير منه.
الإنسان وهو لا يزال فى بطن أمه، كان كل ما يحصل عليه من رزق هو الدم، فلما خرج من بطن أمه بكى، لأنه فقد مصدر رزقه الوحيد، ولم يكن يدرى أن الله يحضر له لبنًا جميلًا خالصًا، وحين فطم بكى، ليفتح الله بعدها عليه أبواب رزق أخرى من طعامين وشرابين، ولما فقد ذلك وهو يموت بكى، فلو كان عمله صالحًا، فتح الله له ثمانية أبواب للجنة يدخل من أيها شاء.