رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ستون عامًا.. المرأة المصرية تحت قبة البرلمان


خاضت المرأة المصرية نضالًا طويلًا من أجل الوصول لحق الترشح والانتخاب وبدأ ذلك منذ قرن من الزمان بعد مشاركة المرأة فى ثورة ١٩١٩ من أجل استقلال الوطن، وعندما تشكلت لجنة الثلاثين لوضع الدستور فى أبريل ١٩٢٢ بدأت المرأة فى التصدى لتجاهل وجود سيدات داخل اللجنة، ثم كانت الصدمة الثانية بصدور دستور ١٩٢٣ دون الإشارة لحق المرأة فى الترشح والانتخاب.
بدأت مسيرة كفاح طويلة لنيل الحقوق السياسية للمرأة المصرية وتكون الاتحاد النسائى المصرى ١٩٢٤ من السيدة هدى شعراوى وزميلاتها، ومنهن «منيرة ثابت» التى كان لها دور كبير فى المناداة بحق المرأة فى الترشح والتصويت، وحقها فى عضوية جميع المجالس والهيئات النيابية والمساواة مع الرجل خاصة فى العمل. وتكتمل المسيرة مع السيدة «درية شفيق» المناضلة ضد الوجود البريطانى ورمز من رموز رائدات حركة تحرير المرأة فى النصف الأول من القرن العشرين، وكان لها الفضل فى حصول المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح فى دستور مصر الصادر عام ١٩٥٦. ولدرية شفيق مسيرة مضيئة من الكفاح، ففى شهر فبراير عام ١٩٥١ تحركت على رأس مظاهرة كبيرة من قاعة «إيوارت» بالجامعة الأمريكية ومعها ١٥٠٠ امرأة ودخلت إلى مجلس النواب واستمرت التظاهرة ٤ ساعات، واضطر نائب رئيس المجلس إلى استقبالها مع وفد نسائى، وللمرة الأولى يطالب الوفد تحت قبة البرلمان بحقوق للمرأة، منها السماح للنساء بالاشتراك فى الكفاح الوطنى والسياسى وإصلاح قانون الأحوال الشخصية بوضع حد لتعدد الزوجات، وتقنين الطلاق ومساواة المرأة بالرجل فى الأجور خلال العمل المتساوى. وعند تشكيل اللجنة التأسيسية عام ١٩٥٤ لوضع دستور جديد للبلاد أضربت درية شفيق عن الطعام لعدم وجود سيدات فى اللجنة، ولم توقف الإضراب إلا بعد وعدها بأن الدستور الجديد سيشمل الحقوق السياسية للمرأة، وبالفعل صدر دستور ١٩٥٦ وبه حق المرأة فى التصويت والترشح فى الانتخابات لأول مرة فى مصر. ومن الجدير بالذكر أنه فى انتخابات مجلس الأمة ١٩٥٧ خاضت ٦ سيدات الانتخابات، ودخلت لأول مرة امرأتان البرلمان: راوية عطية عن دائرة الجيزة، وأمينة شكرى عن الإسكندرية. ومنذ ذلك الحين كان تمثيل المرأة فى البرلمان يتراوح بين ١.٥٪ و٢٪، وزاد عدد السيدات إلى ٩٠ امرأة، بنسبة ١٥٪، من إجمالى أعضاء مجلس النواب عام ٢٠١٥، والآن وبعد التعديلات الدستورية الأخيرة وصل عدد السيدات فى أى انتخابات مقبلة فى البرلمان والمحليات ٢٥٪ على الأقل. وبمناسبة مرور أكثر من ستين عامًا على وجود المرأة المصرية فى البرلمان عقد الاتحاد النوعى لنساء مصر، الذى ترأسه الدكتورة «هدى بدران»، مؤتمرًا حول المرأة والحياة النيابية فى ستين عامًا، مع تقييم أداء النائبات فى برلمان ٢٠١٥، وكانت جلسة الختام حول «دور البرلمانيات فى تحقيق أهداف بكين + ٢٥». تم عقد المؤتمر بالتعاون مع مجلس النواب المصرى والمجلس القومى لحقوق الإنسان واللجنة المصرية للتضامن الأفروأسيوى. دارت الحوارات والنقاشات حول حق المرأة فى أن تكون نسبة التمثيل٥٠٪ فى المجالس النيابية المنتخبة وفى كل مؤسسات الدولة، وبخصوص هذه النقطة أكد الأستاذ جورج إسحاق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن بناء دولة مدنية حديثة يتطلب أن تكون هناك منافسة عادلة تخوضها المرأة مع الرجل، وفقًا للكفاءة فى المعركة الانتخابية، كما أكد الحاضرون إصدار قانون عادل للأحوال الشخصية لصالح المرأة والرجل والطفل «الزوج والزوجة والأبناء» مما يؤدى إلى استقرار الأسرة، وبالتالى استقرار الدولة وتقدمها. كما أشار الحضور إلى أهمية الإسراع فى إنشاء مفوضية عدم التمييز، ومن جانبى أضيف أنه من الأهمية مناقشة مجتمعية واسعة للقوانين الخاصة بالمحليات والانتخابات المقبلة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ وفقًا للتعديلات الدستورية الأخيرة مع أهمية الانتخابات على أساس «القائمة النسبية المفتوحة»، حتى يمكن تمثيل جميع القوى والأحزاب والتيارات السياسية وتشجيع ودعم المرأة والشباب على ممارسة العمل العام والوصول لمجالس نيابية منتخبة تعبر تعبيرًا حقيقيًا عن أطياف الشعب المصرى. وأشارت الدكتورة فاطمة خفاجى، المنسقة الإقليمية لبكين +٢٥ والمساواة الجندرية فى ختام البرلمان، إلى أن العالم سيحتفل فى سبتمبر عام ٢٠٢٠ بمرور ٢٥ عامًا على مؤتمر بكين للمرأة ١٩٩٥، الذى حضرته ٥٠ ألف امرأة من جميع دول العالم، وصدر عنه «منهاج عمل بكين» الذى تضمن حقوق النساء فى الصحة والتعليم والحقوق السياسية، والوصول إلى أن تكون نسبة النساء ٥٠٪ فى العمل والمناصب القيادية فى مجالس الإدارات، كما أشارت إلى أن متوسط التمثيل النسائى فى البرلمانات فى العالم ٢٤٪ فقط، وأن غالبية نساء العالم تعانى من القوانين التى تميز ضد المرأة، وفى ٣٠ دولة من دول العالم ثلث الفتيات من ١٥- ١٦ سنة تم ختانهن، وفى٤٠٪ من دول العالم لا تحصل النساء على حقوق الملكية. وفى الختام صدر عن المؤتمر عدة توصيات مهمة منها:
- إلغاء جميع القوانين التى تميز ضد المرأة.
- زيادة عدد النساء فى المواقع القيادية.
- تغيير النظرة النمطية للمرأة وتغيير العادات والتقاليد الضارة وتغيير الثقافة المجتمعية التى تنظر نظرة دونية للنساء.
- مساندة المرأة للدخول فى الحياة السياسية فى المجال العام مع إزالة جميع معوقات المشاركة.
ومن جهتى سأستمر فى المطالبة بتوقيع مصر والدول العربية على الاتفاقية ١٩٠ الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف فى عالم العمل.
إن للمرأة فى البرلمان دورًا مهمًا فى تشريع وتفعيل وتنفيذ القوانين الخاصة بهذه التوصيات، هذا غير الدور الرقابى الذى لم يتم من قبل أعضاء وعضوات مجلس نواب ٢٠١٥.
إننا نأمل فى بداية عام جديد أن تتم مناقشة وإصدار قانون عادل للأسرة المصرية، وإنشاء مفوضية عدم التمييز لبناء الدولة المدنية، دولة المواطنة، دولة القانون.