رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل خورشيد يكتب: رسائل من قلب الأماكن

جريدة الدستور

نادرون هم الذين يصلون إلى المكان القصيّ، القريب للبعض، وقريب جدا جدا من أحدهم.

الأماكن ليست تختار زوارها دوما، هي فقط تُظهر ما عندها، وتنتظر القادم، بعضهم يبقى، وبعضهم يرحل، بعضهم تفتح له الأبواب، والنادرون النادرون هم من يسكنون.

الساكن مع الوقت يصير جزءا من المكان، لون جديد يدخل للنسيج فيمنحه بهاءً.

تشابك الأرواح، يجعل المصير واحد، يعود للماضي ويجول فيه كأنما كان هناك، سيرتك تكون سيرتكما، وماضيك ماضيكما، أنتما كنتما معا قبل زمن، ولكن تأخر مجال الإدراك فقط، هذا الذي يحيي الحاضر، ويكون نصف المستقبل.

للمستقبل احتمالات كثيرة، لا نعرفها، لنا نصفه ولهم الآخر، ومع هؤلاء النادرين، أنت تسير في دربك الصحيح، من المحظوظين الذين اختارتهم الحياة وأهدتهم زينتها. تمضي كما خطط لك القدر، حينما اختار لك الساكن الصحيح.

الأماكن أحيانا تفتح أبوابها، تعلق كل الإشارات لزائر محدد، ولكنه لا يأت أبدا، تبقى مهجورة مهما وصلها من آخرين، مهما كان شأنهم، تبقى روح الجدران هامدة، تنتظر، تشيخ وتنتظر، حتى تقنع وتؤمن أن لا أحد سيأتي.

سيدخل آخرون، سيقدمون ما يملكون، ولكنهم لن يصلوا أبدا لقلب المكان، سيقتربون، ولكن شيء ناقص يحول بين هذا وذاك. ليس ذنب المكان، وليس ذنبهم، طبيعة الأماكن أن تُسكن، ولكن ليست دوما الخيارات بأيدينا.

الذي لم يأت سيسكن بيتا غير البيت، وتكون النهاية، مكانين لن يكتملا أبدا.

ساعي بريد القلب يسأل.. إلى أين ترسل الرسائل؟!، إذا كان السكان في أماكن غير الأماكن.. فالعنوان خاطئ.