رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من كوالالمبور إلى الدوحة.. والعكس!



لم يذهب «الفتى تميم» إلى القمة الخليجية التى استضافتها العاصمة السعودية الرياض. وكان لافتًا، كما انتهينا أمس، أن تذكر وكالة الأنباء القطرية، ظهر الثلاثاء، أى خلال انعقاد القمة، أن مَنْ وصفته بـ«سمو أمير البلاد المُفدى» سيستقبل، صباح الخميس، أى اليوم، بالديوان الأميرى، مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، الذى يصل البلاد الأربعاء، فى زيارة رسمية.
ما لفت انتباهنا، أيضًا، وأثار دهشتنا وتعجبنا، كان عدم إشارة الوكالة إلى أن «قمة كوالالمبور ٢٠١٩»، أو ما وصفوها بـ«القمة الإسلامية المصغرة»، ستكون بين الموضوعات التى سيتناولها ذلك «المُفدّى» وضيفه، مع أن الفتى سيكون أحد «الستة» المشاركين فى تلك القمة، التى لا نعرف سببًا لإصرارهم على وصفها بـ«القمة الخماسية»، فى حين يقول الواقع إن الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، سيكون سادسهم.
القمة التى ستنعقد الأربعاء المقبل، سيشارك فيها الرئيس الإيرانى، و«الفتى تميم»، والرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وعمران خان، رئيس الوزراء الباكستانى، ومعروف مأمون، نائب الرئيس الإندونيسى، بالإضافة إلى مَنْ وصفوهم بأنهم «من القادة والمفكرين والمثقفين من العالم الإسلامى»، والذين ستدرك أنهم إخوان تابعون أو مركوبون، لو عرفت أن أبرزهم راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإخوانية، الذى يرأس الآن البرلمان التونسى.
كعادتهم، حاول المستعملون، بفتح الميم الثانية، إقحام سيرة مصر فى الموضوع، مع أنها لا ناقة لها فيه أو خروف. وظهر مَنْ يسأل: «هل تنجح قمة إسلامية دون مصر؟». والسؤال كان عنوان مقال للمدعو محمد ناصر نشره موقع إلكترونى، تحت مستوى الشبهات، يملكه الأردنى ذو الأصل الفلسطينى وضاح خنفر. نعم، كاتب المقال هو نفسه محمد ناصر، ذلك المعتوه الذى يظهر على قناة «مكملين» الممولة من المخابرات التركية، القطرية، وربما الإسرائيلية، وهى الأجهزة نفسها التى تستعمل خنفر وتحركه، وسبق أن أوكلت له إدارة قناة الجزيرة منذ سنوات.
فى المقال، أمعن المذكور فى التطبيل حتى انفجرت الطبلة فى صدره، وفى صدور من يستعملونه، فزعم مثلًا أن الداعين إلى القمة «لم يرثوا المناصب»، متعاميًا عن أن الفتى تميم ورث عن أبيه «أو عن أمه»، حكم دويلة لم تشهد أى انتخابات على الإطلاق منذ تأسيسها، ولا يزال مواطنوها ينتظرون أن ينعم عليهم، فى ٢٠٢١، بحق انتخاب ٣٠ شخصًا يمثلونهم فى مجلس شورى بلا صلاحيات، ويتم تعيين أعضائه الـ٤٥، منذ إنشائه، بقرار أميرى!.
بعد هذا السهم الطائش، انطلقت المذكور سهامه صوب القمة الإسلامية، قمة منظمة التعاون الإسلامى، مستعرضًا ما رأى أنها نقاط ضعفها، فى مواجهة نقاط قوة القمة المرتقبة. وفات ذلك المعتوه أن الدول الخمس أو الست، بما فيها الدولة التى تستعمله وتؤويه، أعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى. ما يعنى أنه وجّه سهامه إليها أيضًا. ولن تستبعد أن يتورم قفاه بعد انفجار طبلته، لو عرفت أن ياسين أقطاى، مستشار الرئيس التركى، حمّل مسئولية المقارنة بين القمتين لما وصفه بـ«جيش الذباب الإلكترونى» فى مقال منشور بـ«الجزيرة نت»، نفى فيه أن تكون قمة كوالالمبور بديلة لقمة منظمة التعاون الإسلامى، واتهم «الإعلام السعودى» بإطلاق حملة مجنونة ضد الأولى منذ إذاعة خبر انعقادها!
سبق أن وصفنا تلك القمة، قبل أن يلتفت إليها الإعلام السعودى أو غيره، بأنها «قمة مصغرة للإرهاب». وتأكيدًا لهذا الوصف، أوضح أقطاى، أو اعترف، بأن قمة كوالالمبور ليست هى القمة الأولى، بل ستكون الخامسة، مشيرًا إلى أن القمة الأولى انعقدت سنة ٢٠١٤ فى كوالالمبور، التى استضافت الثانية أيضًا، ثم كانت الثالثة فى الخرطوم، تلتها الرابعة فى إسطنبول. ولا تفسير لما ذكره مستشار أردوغان غير أن تلك «القمة الإسلامية المصغرة» هى نفسها «منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة»، الذى تأسس سنة ٢٠١٤، وقيل وقتها إنه «مؤسسة فكرية عالمية، غير حكومية، يديرها نشطاء فى العمل الإسلامى».
بالفعل، استضافت إسطنبول فعاليات ذلك المنتدى فى أبريل ٢٠١٨، الذى انعقد تحت عنوان «الانتقال الديمقراطى»، وكان أبرز المشاركين فيه على العريض، أمين عام حركة النهضة التونسية الإخوانية، ورئيس الوزراء التونسى الأسبق، وجمال العوى، مسئول الإعلام والاتصال بالحركة نفسها، ممثلًا لراشد الغنوشى، رئيس الحركة، والقيادى الإخوانى السورى عبدالكريم بكار، وأسامة حمدان، القيادى فى حركة «حماس» الإخوانية، بالإضافة إلى غالبية «كلاب السكك» الإخوان والتابعين الذين تؤويهم قطر، تركيا، بريطانيا وغيرها.
هل أقول لك نكتة؟
فى الكلمة الافتتاحية للقمة التى انعقدت فى نوفمبر بقاعة الصداقة فى الخرطوم، تحت عنوان «الحكم الرشيد» جرى وصف التجربة السودانية، أى تجربة عمر البشير، بأنها «محط نظر فى عدد من البلدان»، وأن مناقشات القمة ومداخلاتها، ستسلط عليها أضواء كاشفة، تُفيد فى بسط التجربة وإهدائها إلى العالم الإسلامى!