وثائق سرية تكشف هزيمة أمريكا فى أفغانستان
كشفت مجموعة هائلة من الوثائق الحكومية السرّية، أن الحكومة الأمريكية ضللت الرأي العام لسنوات بشأن حربها في أفغانستان، حيث دأب كبار المسئولين الأمريكيين على التصريح بإحراز تقدم في الحرب الأطول في تاريخها، رغم علمهم بمخالفة تلك التصريحات للحقيقة على الأرض، وإخفائهم أدلة "دامغة" على أن الحرب باتت "غير قابلة للانتصار فيها".
وتَعرض الوثائق- وهي نحو ألفيّ صفحة من نصوص مقابلات مع 400 مسئول مرتبط بالحرب في أفغانستان، انتقادات "غير مقيَّدة" لما آلت إليه الحرب الأمريكية المستمرة إلى الآن، وكيف أصبحت واشنطن منغرسة في صراع مسلح ممتد منذ نحو 18 عامًا ولا يزال مستمرًا، إذ بيّنت المقابلات شكاوى وإحباطات واعترافات "مكبوتة ونادرًا ما يُعبّر عنها بشكل علني" من جانب المسئولين الأمريكيين، وفقًًا لما جاء في الوثائق التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" بموجب قانون حرية تداول المعلومات، بعد نزاع قانوني امتد لـ3 أعوام.
وبحسب ما نشرت الصحيفة في ملف مطوَّل على موقعها الإلكتروني، اليوم الإثنين، تعود الوثائق إلى مشروع فيدرالي لفحص "الإخفاقات المتأصلة" في الحرب، وتتضمن مقابلات مع أشخاص لعبوا دورًا مباشرًا في الحرب، بدءًا من جنرالات الجيش والدبلوماسيين وحتى عمال الإغاثة والمسئولين الأفغان، وقالت الصحيفة، التي وصفت الأوراق بالـ"كنز": إن الحكومة الأمريكية حاولت إخفاء هويات الغالبية العظمة ممن شملتهم المقابلات الخاصة بالمشروع وإخفاء كل تصريحاتهم تقريبًا.
وأوضحت "واشنطن بوست"، أن المقابلات تُجسّد بوضوح، "من خلال مجموعة واسعة من التسجيلات الصوتية"، الإخفاقات الأساسية للحرب، وتبين كيف أن ثلاثة رؤساء أمريكيين: جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب، وقادتهم العسكريين لم يكونوا قادرين على تحقيق وعودهم بالانتصار على الحركات المسلحة في أفغانستان.
ومع تحدُّث معظمهم في المقابلات من منطلق أن تصريحاتهم لن تخرج للعلن، أقر المسئولون الأمريكيون بأن استراتيجياتهم الحربية كانت معيبة "بشكل قاتل"، وأن واشنطن "أهدرت مبالغ مالية هائلة في محاولة إعادة تشكيل أفغانستان كبلد حديث"، والتي لم تُجر الحكومة الأمريكية حتى الآن حسابًا شاملًا لها، لكن إحدى الدراسات المعتبرة قدرتها بما بين 934 و978 مليار دولار مع مراعاة معدل التضخم، ودون حساب الأموال التي أنفقتها مؤسسات أخرى كوكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي.إيه" ووزارة شئون المحاربين القدامى، والمسئولة عن الرعاية الطبية للمحاربين المصابين.
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، فقد أبرزت المقابلات المُفَصَّلة في الوثائق "المحاولات الفاشلة من جانب الحكومة الأمريكية للحد من الفساد المُستشري، وبناء جيش وقوات شرطة أفغانية مؤهَّلة ووضع حد لتجارة الأفيون المزدهرة في أفغانستان".
وفي إحدى المقابلات التي تضمنتها الوثائق، قال الجنرال دوجلاس لوت، الذي كان نائبًا لمستشار الرئيس للأمن القومي لشئون العراق وأفغانستان خلال حكم بوش وأوباما- وهو المنصب الذي يُعرف شاغله بـ"قيصر الحرب"- قال أمام محاوريه الحكوميين في 2015: "نفتقر إلى الفهم الأساسي لأفغانستان، لم نكن نعلم ما كنا نفعل... ماذا نفعل هنا؟ لم يكن لدينا أدنى تصوّر لما كنا نقوم به".
وأضاف لوت: "إذا عَلِم الشعب الأمريكي حجم هذا الاختلال الوظيفي... خسرنا 2400 روح"، مُلقيًا باللوم في مقتل الجنود الأمريكيين على التقسيم البيروقراطي المُختل بين اختصاصات الكونجرس والبنتاجون ووزارة الخارجية.