رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطر فى منتدى المتوسط!




الإيطالى لويجى دى مايو، هو وزير الخارجية الوحيد بين نظرائه الأوروبيين، أو فى العالم، الذى لا يحمل شهادة جامعية. وربما كان عدم حصوله على التعليم الكافى هو سبب اعتقاده أن دويلة قطر، إحدى دول البحر الأبيض المتوسط، فدعاها إلى نسخة هذا العام من المنتدى الذى تستضيفه بلاده: النسخة الخامسة من منتدى روما للحوار المتوسطى.
المنتدى انطلق سنة ٢٠١٥ بمبادرة بين وزارة الخارجية الإيطالية والمعهد الإيطالى للدراسات الدولية، بهدف إطلاق نقاش رفيع المستوى بين دول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، حول سُبل مواجهة التحديات المشتركة، والفرص المتاحة للتعاون والتنمية بين الجانبين. وللسبب المشار إليه أو لغرض ما، شارك فى المنتدى هذا العام المدعو محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، ذلك الكومبارس الذى أسندت إليه عائلته الضالة التى تحكم قطر بالوكالة دور وزير الخارجية.
وكالات أنباء وصحف ومواقع إلكترونية أجنبية وعربية، زعمت أن المذكور ألقى كلمة، الجمعة، فى المنتدى. بينما قال الواقع، أو الفيديو الذى شاهدناه، إنه كان يجلس بين اثنين، سيدة ورجل، أدارا معه نقاشًا عبثيًا، استمر حوالى نصف ساعة لم تلتف خلالها الكاميرا إلى القاعة، ما يوحى بأنها كانت خالية. وما استوقفنا هو أن السيدة والرجل، كانا يتعاملان معه باحترام شديد وكأنه شخص ذو حيثية. كما بدا واضحًا أنهما يطرحان أسئلة متفقًا عليها، وتركاه يكذب بمعدّل ستين كذبة فى الدقيقة، دون أن يحاولا استيقافه أو مواجهته بواحدة من مئات بل آلاف المعلومات التى تفضح أكاذيبه، والتى كان أبرزها وأقواها زعمه أن دويلته لم تدعم جماعة الإخوان!.
الاثنان، السيدة والرجل، لا يمكن أن يختارهما عاقل لإدارة حوار مع وزير خارجية أو حتى مع كومبارس يلعب هذا الدور: برونوين نيسلن، جرى تعريفها بأنها الرئيس التنفيذى لشركة نيلسن ميديا. وهى «السبوبة»، التى أسستها سنة ٢٠٠٧، واختارت لها اسم والدها أو لقب عائلتها. ونقول «سبوبة» تأسيسًا على مجال تخصص الأستاذة وعلى خبرتها فى قناة «سى إن بى سى»، وهى لمن لا يعرف، قناة إخبارية اقتصادية مدفوعة «إعلانية» American pay television business news تابعة لمجموعة تملكها شركة «كوم كاست» الأمريكية.
فى اجتماعات ربيع ٢٠١٦ التى عقدها صندوق النقد والبنك الدوليان، بواشنطن العاصمة، فى أبريل ٢٠١٦، أدارت نيلسن، بصفتها رئيس تحرير CNBC Africa، جلسة عنوانها «إفريقيا أرض الفرص: تقليص مخاطر التمويل». وتحت عنوان «دور التجارة فى تحقيق التحول الاقتصادى»، أدارت الجلسة الرابعة فى «المعرض الإفريقى الأول للتجارة البينية» الذى استضافته القاهرة فى ١١ ديسمبر من العام الماضى. وجرى تعريفها بأنها مذيعة بقناة «سى إن بى سى إفريقيا».
برونوين نيسلن، كانت تجلس على يسار الغلام أو الكومبارس القطرى. بينما كان يجلس على يمينه نيكولاس بيلهام، الذى جرى تعريفه بأنه مراسل «الإيكونوميست» البريطانية فى الشرق الأوسط. ومن محاسن الصدف أن يكون هو نفسه الذى اختاره وضاح خنفر، مدير الجزيرة السابق، فى يوليو الماضى، ليدير جلسة نقاشية فى معرض «فلسطين إكسبو ٢٠١٩» عن الأوضاع فى الشرق الأوسط، وتأثير الربيع العربى على المنطقة. وفى تلك الجلسة تبارى الاثنان، خنفر وبيلهام، فى انتقاد دول خليجية واتهماها بالوقوف وراء ما زعما أنها ثورات مضادة.
إلى جانب عمله فى «الإيكونوميست»، يكتب بيلهام فى مجلة نيويورك لمراجعات الكتب وينشر مقالات، مدفوعة غالبًا، فى نيويورك تايمز. والأهم هو أنه يعمل فى «منتدى العلاقات العربية والدولية» وهو مركز أبحاث تأسس فى الدوحة سنة ٢٠١١، بزعم الإسهام فى دعم التنمية السياسية والثقافية، وتعزيز آليات الحوار بين الأطراف الفكرية المختلفة. وله كتاب عنوانه «الأراضى المقدسة: إحياء التعددية الدينية فى الشرق الأوسط»، أقام له مركز «بروكنجز» الدوحة ندوة فى ٢٣ مايو ٢٠١٦ شارك فيها مسئولون قطريون وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية فى تلك الدويلة.
فى هذا الكتاب زعم بيلهام أن الإمبراطورية العثمانية كانت بمثابة «فسيفساء من التعددية». وقام بتحميل الاستعمار الأوروبى مسئولية التصدعات فى نسيج المنطقة الدينى وتفتيت المجتمعات فى الشرق الأوسط. وخلص إلى أن العثمانيين «أى الأتراك» قدّموا لرعاياهم التطبيق الأمثل للتعددية، ووضعوا إطارًا لذلك، وطالب المنطقة بأن «تستخدم هذا الإطار الآن لتعزيز قيم التعددية والتسامح».
مأجور ومأجورة وبينهما كومبارس متكلم. وعليه، تكون مخطئًا لو توقفت أمام ما قيل فى هذا النقاش العبثى، مدفوع الأجر، وتكون مخطئًا، أيضًا، لو خرجت من تصريحات ذلك الكومبارس، أو من كل تصريحات العائلة الضالة، بشأن علاقاتها مع دول الرباعى العربى، بأى شىء غير أنهم يراهنون على وجود ضغوط أمريكية لإنهاء هذا الملف، ما يجعلهم أقرب للعاهرة التى تحتمى ببلطجى يقوم بتسريحها!.