رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات ظلم الرؤساء لنجيب محفوظ.. مبارك غشه والسادات منعه من الكتابة

جريدة الدستور

كان الأديب نجيب محفوظ يكتفي برواياته في التعبير عن آرائه ومواقفه السياسية، لكن حدثت بعض المواقف التي كادت أن تدخله في صدام مع الرؤساء إلا أن القدر أنقذه منها.

عكاشة أنقذه من عبدالناصر
نشر الأديب نجيب محفوظ في جريدة الأهرام قصة قصيرة بعنوان "سائق القطار" فظن بعض المثقفين أنه يقصد بالسائق الذي يتسبب في كارثة في قصته بأنه الرئيس "عبدالناصر"، لذا توقعوا اعتقاله، حتى إن صديقه الكاتب محمد عفيفي اتصل به في منتصف الليل ليطمئن عليه وجوده في منزله.

شعر "محفوظ" وقتها بالخطر، لكن رئيس تحرير مجلة "الثقافة" الكاتب محمد فريد أبوحديد أنقذه من هذه الورطة، وكتب مقالًا في افتتاحية المجلة، يوضح فيه أن "محفوظ" يقصد في قصته الصراع بين الشرق والغرب الذي قد يؤدي إلى تدمير الكرة الأرضية التي أشير إليها في القصة بالـ"القطار".

أما الأزمة الثانية التي حكى عنها نجيب محفوظ في مذكراته التي كتبها الناقد الراحل رجاء النقاش، كانت بسبب رواية "ثرثرة فوق النيل"، فبعد نشرها توعد المشير عبدالحكيم عامر معاقبة "محفوظ" بسبب النقد الذي وجهه في الرواية للمجتمع.

الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اتصل بثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك، وطلب منه أن يبدي رأيه في رواية "ثرثرة فوق النيل"، وإثر عودته من إيطاليا، دافع "عكاشة" عن الرواية، وأكد للرئيس جمال عبدالناصر أن "محفوظ" ليس لديه أي سوء نية في مهاجمة نظام الحكم.

وفي كتاب "محفوظ يتذكر" للأديب جمال الغيطاني، حكى "محفوظ" عن اللقاءات التي جمعته بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر وكانت ثلاث مرات، اللقاء الأول كان عندما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، والمرة الثانية عام 1957، والمرة الثالثة في جريدة الأهرام، وسأله "عبدالناصر": إزي ناس الحسين بتوعك بقالنا زمان ما قريناش لك قصة، فرد الصحفي محمد حسنين هيكل: لا دي بكرة طالعله قصة، نعمل إيه، قصصه تودي الليمان، فرد "عبدالناصر": لا دي تودي رئيس التحرير".

وفي مذكرات "أنا نجيب" للكاتب الصحفي إبراهيم عبدالعزيز، قال نجيب محفوظ، أن موقفي من "عبدالناصر" موضوعي، فلقد اعترفت بكل الإيجابيات ولم أرحم السلبيات، ولا أظن أن هناك إنسانًا منصفًا ينكر سلبيات العصر، فقد وجهت في رواية "ميرامار" أكبر نقد للانتهازية ممثلة في بعض أعضاء الاتحاد الاشتراكي في فترة الناصرية، وفي قصة "روبابيكيا" وجهت نقدًا للمخابرات كجهاز فعل ما فعله في هذه الفترة.

السادات حرمه من الكتابة في الأهرام
أدلى أديب نوبل رأيه في الرئيس الراحل محمد أنور السادات، واعتبره رد فعل لعهد "عبدالناصر"، وكان يراه دائمًا في آخر الصف، دوره "شرفي"، أي لم يكن له دورًا مؤثرًا طوال حكم "عبدالناصر"، والمقارنة بينهما صعبة للغاية.

تغير رأي أديب نوبل في "السادات" بعد 15 مايو 1971، فبعدما كان فاقد الثقة فيه، ولم يكن يرى إمكانياته، إلا أن "السادات" على حسب تعبير نحيب محفوظ "اتغدى" بخصومه قبل "ما يتعشوا" به.

التقى "محفوظ" بالرئيس الراحل محمد أنور السادات لأول مرة في مكتب الأديب إحسان عبد القدوس بعد صدور روايته " خان الخليلي" في الكتاب الذهبي وتوجه إلى هناك ليحصل على أجره من الرواية، فعرفّه "عبد القدس" بالـ"السادات" الذي كان وقتها عضوًا بمجلس قيادة الثورة. وكان "السادات" قد قرأ الرواية__خان الخليلي_ لذا قال ضاحكًا لنجيب محفوظ " أنت تعبتني قوي بأحمد عاكف بتاعك ده، وأحزنتنا ببطل خان الخليلي ده، أنت عاوزنا نعيط؟".

أما المرة الثانية التي التقيا فيها، عندما كان نجيب محفوظ مدعوًا إلى اجتماع برئاسة طه حسين في حضور خالد محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة، والأديب يوسف السباعي، وبعد انتهاء الاجتماع توجه "السادات" ناحية "محفوظ" وقال له "أنا زعلان منك" فرد أديب نوبل "ليه لا سمح الله"، فأجاب "السادات": كيف تجعل الضابط في رواية "بداية ونهاية" ينتحر، أنت لا تعرف ان الضابط هو نحن، وكان لابد للضابط أن يقوم بثورة لا أن ينتحر.

عام 1972 وقع نجيب محفوظ على بيان لتأيد مظاهرات الطلبة التي دعت إلى حسم حالة اللاحرب واللاسلم، فغضب "السادات" منه غضبًا شديدًا، وعاقبه هو والأديب توفيق الحكيم بالحرمان من الكتابة في جريدة الأهرام، وفصل "السادات" وقتها أكثر من مائة كاتب وصحفي، لكنه لم ينشر اسم "محفوظ" و"الحكيم" بناءً على نصيحه من الدكتور احمد كمال أبو المجد وزير الإعلام آنذاك.

وفي مذكرات "أنا نجيب"، أكد أديب نوبل أن "السادات" أعاد الشعور بالأمن للمواطن المصري واتجه اتجاهًا ما نحو الديموقراطية بتعدد المنابر والسماح بوجود الرأي الآخر وحقق انجازين، انتصار أكتوبر والسلام.

خلاف مع مبارك
اختار نجيب محفوظ الكاتب الصحفي محمد سلماوي للحضور بدلًا منه لاستلام جائزة نوبل، لكن رغبة الرئاسة كانت ممثلة في ثروت أباظة رئيس اتحاد الكتاب المصريين، لكن "محفوظ" أصر على رأيه وكان هذا أول خلاف بين الأديب الراحل والرئيس حسني مبارك وقتها.

وفي كتاب "قصة نوبل نجيب محفوظ" للدكتور وحيد موافي، ذكر أن الدكتور عطية عامر أستاذ اللغة العربية بجامعة إستوكهولم، أنه رشح نجيب محفوظ للجائزة، في الوقت الذي رشح فيه حسني مبارك الأديب عبد الرحمن الشرقاوي.

وفي الآونة الأخيرة، خرجت "أم كلثوم" ابنة نجيب محفوظ في حوار تلفزيوني مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج"معكم منى الشاذلي"، وأكدت أن قلادة النيل التي تسلمها "محفوظ" من محمد حسني مبارك عام 1988 لم تكن من الذهب الخالص، بل كانت "فضة مطلية بالذهب".