رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يجدد البنك الدولي الشراكة الاستراتيجية مع مصر؟

النقد الدولي
النقد الدولي

مع اقتراب انتهاء العام الجاري 2019، واقتراب انتهاء مدى الشراكة الاستراتيجية بين البنك الدولي ومصر، رصد"الدستور" أبرز سبل التعاون بينهما.

حيث يستند عمل مجموعة البنك الدولي في مصر على إطار الشراكة الإستراتيجية لمصر للسنوات 2015 -2019 وما يعرف باستعراض الأداء والتعلُّم، والذي تم بناء عليه الموافقة على تمديد العمل بإطار الشراكة الإستراتيجية حتى عام 2021. وهو يركز على مكافحة الفقر وعدم المساواة مستندا في ذلك إلى تحليل دقيق وقوي للقيود الأساسية التي تعوق جهود تخفيض الفقر وتعزيز الرخاء الذي يتشارك الجميع في جني ثماره، وإلى عملية تشاور مكثفة مع الحكومة والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني والشباب.

ويتألف إطار الشراكة الإستراتيجية من ثلاثة مجالات مترابطة تتفق مع إستراتيجية التنمية للحكومة المصرية على الأمد الأطول، وهي تحسين نظم الإدارة العامة والحوكمة،و تمكين القطاع الخاص من الاستثمار وخلق فرص العمل، ودعم الاحتواء الاجتماعي، وتم تصميم إطار الشراكة الإستراتيجية بحيث يبقى محتفظا بالمرونة اللازمة للاستجابة للاحتياجات المتطورة في البلاد، وفي الوقت نفسه تقديم حلول إنمائية متكاملة ومكيَّفة لتلائم السياق الخاص بمصر، مع تقديم خبرات عالمية.

يأتي هذا التمديد لمدة عامين في إطار استعراض الأداء والتعلم الذي وافق عليه مجلس المديرين التنفيذيين في مايو 2019، ويُمكّن مجموعة البنك الدولي من الاستفادة من إستراتيجيتها الحالية في مصر بصورة أفضل لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية من خلال تطبيق المبادرات ذات الأولوية لمجموعة البنك بشأن نهج تعظيم تمويل التنمية، وتنمية رأس المال البشري، وتسهيل الانتقال إلى الاقتصاد رقمي.

كما سيمهد الطريق لدعم أحد الأهداف الرئيسية لإستراتيجية البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو "تجديد العقد الاجتماعي" بالتصدي للتفاوتات الإقليمية من خلال برامج البنك في المناطق التي لم تأخذ نصيبها من التنمية في مصر، وتقوية نظام شبكات الأمان الاجتماعي في البلاد، وزيادة سبل حصول محدودي الدخل على مسكن من خلال برامج الإسكان الاجتماعي، وتوسيع سبل الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي (لاسيما في المناطق الريفية)، وتوصيلات الغاز الطبيعي للمنازل، وفي الوقت نفسه مواصلة العمل بنشاط لتنفيذ برامج الإصلاح في قطاعي التعليم والرعاية الصحية.

حققت الحكومة المصرية، بدعم من مجموعة البنك الدولي، نتائج ملموسة في كل مجالات التركيز الثلاثة في إطار الشراكة الإستراتيجية هذه. وبدعم من برنامج تمويل سياسات التنمية الذي يتألف من ثلاث عمليات على مدى ثلاث سنوات (2015-2017) بقيمة 3.15 مليار دولار، ساندت إصلاحات السياسات برنامج الإصلاحات الوطني لمصر الذي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل وتحقيق نمو مستدام، لاسيما في قطاع الطاقة.

وارتفعت إيرادات الحكومة نتيجةً لتطبيق قانون ضريبة الدخل، كما تمت السيطرة على الإنفاق الحكومي، وخاصة فيما يتعلق بباب الأجور والرواتب (من خلال تعليمات الموازنة السنوية وميكنة دفع الرواتب) وخفض دعم الطاقة من خلال تطبيق تعديلات سنوية على أسعار الغاز والكهرباء.

ودعمت الحكومة مناخ الاستثمار من خلال إدخال تعديلات على قانون الاستثمار، وتطبيق قانون تنظيم المنافسة، وإصلاح نظام إصدار التراخيص الصناعية، مما ساعد على اختصار الوقت الذي تستغرقه إجراءات منح التراخيص للصناعات التي لا تمثل درجة كبيرة من المخاطر على الصحة أو البيئة أو السلامة أو الأمن بنسبة حوالي 80%. 

يساند البنك الحكومة في تصميم برامج شبكة الأمان الاجتماعي والتوسع فيها، بما في ذلك برنامج تكافل وكرامة للتحويلات النقدية. ونتيجة للنجاح الذي حققه هذا البرنامج، تم التوقيع على تمويل إضافي بقيمة 500 مليون دولار لدعم برنامج شبكات الأمان الاجتماعي في مصر في 11 سبتمبر 2019. ويستفيد من البرنامج حوالي 2.25 مليون أسرة (أكثر من 10 ملايين مواطن)، ويصل إجمالي تمويله إلى 900 مليون دولار. وقد عزز التمويل الإضافي التركيز على جانبي الشمول الاقتصادي والتخرج من برامج شبكة الأمان الاجتماعي.

يؤدي برنامج التنمية المحلية في صعيد مصر (المرتبط بتحقيق النتائج) بتكلفة 500 مليون دولار إلى تحسين قدرات أجهزة الحكم المحلي للارتقاء بمستوى تقديم الخدمات للمواطنين، وتحسين الأحوال الاقتصادية المحلية في اثنتين من أشدّ محافظات مصر فقرا، وهما قنا وسوهاج اللتان يبلغ تعداد السكان فيهما 7.75 مليون مواطن. وإلى الآن، تمضي الخدمات التي تقدمها الحكومة للشركات على الطريق الصحيح نحو التحسن مع ارتفاع معدلات الإشغال في المناطق الصناعية بنسبة 30% عن المتوسط، والبدء في تطبيق إجراءات مبسطة لاستخراج تراخيص البناء؛ وقيام المحافظات والمراكز بإشراك المواطنين والشركات في إعداد خطتي الاستثمار الرأسمالي السنويتين الأخيرتين، وهما قيد التنفيذ حاليا.

سيزود مشروع توصيلات الغاز الطبيعي للمنازل 2.3 مليون أسرة معيشية في المناطق الريفية بالغاز الطبيعي على نحوٍ منتظم وبتكلفة أقل عبر الربط بشبكة الغاز الطبيعي بحلول عام 2021. وقد حصل 1.02 مليون أسرة بالفعل على الغاز حتى الآن.

سيوفر برنامج خدمات الصرف الصحي المستدامة بالمناطق الريفية (بإجمالي تكلفة 850 مليون دولار، منها تمويل إضافي) خدمات الصرف الصحي لما يبلغ 1727000 شخص يعيشون في قرى ومناطق تابعة شديدة التلوث في دلتا نهر النيل، وذلك من خلال إنشاء توصيلات الصرف الصحي ومحطات لمعالجة مياه الصرف. ويُمكّن هذا البرنامج شركات المياه والصرف الصحي المحلية من تقديم خدمات لا مركزية تغطي الجميع وخاضعة للمساءلة للقرى والتجمعات التي تغطيها ويقدم لها حوافز تشجيعية. ويبلغ عدد المستفيدين منها إلى الآن 30 ألفا.

يهدف برنامج التمويل العقاري الشامل (500 مليون دولار) إلى تيسير تكلفة الحصول على وحدات الإسكان للأسر محدودة الدخل من خلال تقوية قدرات صندوق الإسكان الاجتماعي على تصميم السياسات وتنسيق البرامج في قطاع الإسكان الاجتماعي. ومن بين الأسر منخفضة الدخل وعددها 830 ألفا التي يستهدفها البرنامج، حصل 243450 أسرة على وحدات سكنية سواء على أساس التمليك أو الإيجار حتى الآن، يوجد 20% منها في أدنى 20% على سلم توزيع الدخل.

تعززت إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية والقضاء على فيروس الكبد الوبائي سي بفضل مشروع تحسين جودة الرعاية الصحية بتكلفة 530 مليون دولار. وإلى الآن، تمكن أكثر من 3 ملايين مواطن في أفقر قرى صعيد مصر من الحصول على حزمة أساسية من خدمات الرعاية الصحية والتغذية والخدمات السكانية، في حين تم فحص أكثر من 50 مليون مواطن في أنحاء مصر لاختبار إصابتهم بالتهاب الكبد الوبائي سي والأمراض غير السارية. ويدعم البنك الدولي الآن الحكومة المصرية لتنفيذ قانون التأمين الصحي الشامل.

يسعى مشروع تعزيز الابتكار من أجل إتاحة الخدمات المالية للجميع (300 مليون دولار) إلى توسيع فرص الحصول على التمويل لمنشآت الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات، وذلك باستخدام آليات تمويل مبتكرة، مع التركيز بشكل خاص على الشباب والنساء. وإلى الآن، حصلت 171193 منشأة أعمال صغيرة ومتوسطة على الائتمان، 42% منها مملوكة للنساء، و39% للشباب، وتزاول 40% منها أعمالها في مناطق لم تأخذ نصيبها من التنمية في مصر. وأدَّى هذا إلى خلق 298483 وظيفة جديدة. وسيواصل مشروع تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل الذي تمت الموافقة عليه مؤخرا بقيمة 200 مليون دولار تشجيع خلق الوظائف وتحسين الفرص الاقتصادية لما يبلغ 185 ألفا من رواد الأعمال، 30% منهم من النساء، و30% من الشباب.

يهدف مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر (500 مليون دولار) إلى تحسين ظروف التدريس والتعلّم في المدارس الحكومية مع التركيز على: (1) تحسين جودة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة؛ (2) إصلاح نظام اختبار الطلاب؛ (3) التوسع في تقديم خدمات التعليم للطلاب من خلال موارد التعلُّم الرقمية وأنظمة التعليم القائمة على الربط الشبكي.

ساندت سلسلة من عمليات تمويل سياسات التنمية إصلاحات السياسات، مما أسهم في إعادة تعريف العقد الاجتماعي وتقوية القدرة على التكيف، وذلك بالانتقال بعيدا عن السلع المدعومة إلى الحلول القائمة على السوق، وإزالة الإجراءات الروتينية في قطاع الصناعات التحويلية، بهدف تشجيع النمو الذي يقوده القطاع الخاص من أجل خلق فرص العمل، وتعزيز المساءلة والشفافية. والأهم من ذلك، فقد مكنت إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة الملائمة، بدعم من عمليات البنك لتمويل سياسات التنمية، الحكومة المصرية من إعادة توجيه الوفر المحقق في الموازنة لصالح برنامج التحويلات النقدية المشروطة، ودعم الغذاء، وبرامج المعاشات الاجتماعية. كما ساندت عمليات تمويل سياسات التنمية التدابير الرامية إلى تحسين إمكانية الحصول على التمويل، وتقوية الشمول المالي ولاسيما للشركات الصغيرة ورواد الأعمال من خلال إنشاء سجل للضمانات المنقولة (الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط).