رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انسف مجلسك القديم


لدينا أزمات تاريخية أراها كالأمراض المزمنة التى باتت لا تغادر جسد الأمة.. فى مصر على سبيل المثال تعود جهود محو الأمية منذ النداء الأول لعلى مبارك من خلال أول وزارة للمعارف عام ١٨٦٨ لمناهضة التخلف ونزع عار الأمية بوجهها القبيح عن أبناء شعب مصر منذ ما يقرب من ١٣٨ عامًا.. ثم لا يمكن أن ننسى الخطابين السياسى والاجتماعى للزعيم مصطفى كامل وما تضمنه من نداء ودعوة لمحاربة هذا الداء العضال.
يذكر لنا التاريخ صدور القانون الأول لمحو الأمية عام ١٩٤٤ الذى ألزم كل متعلم أن يمحو أمية أمى، وأكدت بنوده على تجريم الأمية، بل ومعاقبة الأمى ومن يمتنع عن محو أميته بالسجن. ولقد أتت ثورة يوليو ١٩٥٢ ومعها المشروع القومى لمحو الأمية الذى أطلق شرارته جمال عبدالناصر.. وانتهى عصر ناصر وظلت الأمية.. ثم كان عصر السادات وتشكيله المجلس الأعلى لمحو الأمية.. وكان ما كان وانقضى زمن الرئيس الراحل السادات وظلت الأمية، ثم تُبذل جهود عبر حقبتى الثمانينيات والتسعينيات، وكان قد صدر قرار مبارك بأن يكون عقد محو الأمية من ١٩٩٠- ١٩٩٩.. ومع ذلك ظلت الأمية كابوسًا جاثمًا على صدر البلاد.
وظلت تطالعنا أرقام وإحصائيات من آن إلى آخر حول موقف أجهزة الدولة وجهودها وآمال وطموحات قياداتها لمجابهة بشاعة وأخطار تفشى الأمية الهجائية والمعرفية والثقافية والمعلوماتية، وأذكر البعض منها، والتى صدرت عن رئيس سابق للجهاز التنفيذى للهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار فى العهد المباركى.. حدثنا عن رؤيته ورؤية جهازه حول واقع المشكلة بالأرقام:
- نستهدف تحرير ٢ مليون مواطن من قيود الأمية سنويًا.
- انخفاض نسبة الأمية فى مصر من ٤٠٪ إلى ٢٥.٩٪ فى العشر سنوات الأخيرة.
- ١٩ ألفًا و٥٠٠ معلم يسعون لمحو أمية ١٧ مليون مواطن ونحتاج المزيد.
- المجلس الأعلى للجامعات يناقش مقترحًا بإلزام كل طالب جامعى بمحو أمية ٤ مواطنين كشرط للحصول على شهادة تخرجه.
- الهيئة كانت تعمل على الورق فقط، واكتشفت وجود ٩٦ ألف اسم مكرر لدارسين وهميين.
- نهتم بسد منابع الأمية لمنع ازدياد الأعداد.
- محو أمية ٣٠٠ قرية من ٢٠ محافظة.
- نتعاون مع ١٥ ألف جمعية أهلية ومكافآت مالية للدارسين بشرط حضور ٨٠٪.
- ارتفاع ميزانية الهيئة من ٢١٢ مليونًا إلى ٥٦٧ مليون جنيه سنويًا.
ورغم تحقيق نجاحات مشهود لها ومقدرة من جانب القطاعات الخدمية والتنموية التابعة لعدد من الوزارات تبقى مشكلة الأمية، وتظل تداعياتها تمثل مشكلة تتطلب المزيد من حشد الجهود باعتبارها آفة خطيرة على بنية وأساس المجتمع المصرى.
لقد أكدت الدكتورة شيرين فراج، عضو مجلس النواب، للصحافة منذ أيام أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يولى مشكلة الأمية اهتمامًا كبيرًا، لذلك أطلق مبادرة «مصر بلا أمية» خلال مؤتمر شرم الشيخ فى أكتوبر ٢٠١٦، وقتها كانت النسبة ٢٠٪ من المصريين. وأضافت «شيرين» أنه كان متوقعًا بعد إطلاق المبادرة الرئاسية «مصر بلا أمية» أن تقوم مؤسسات الدولة، خاصة الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، بمواجهة المشكلة على الفور للقضاء على الأمية، إلا أن ما حدث فعليًا كان عكس التوقعات، حيث فوجئنا فى عام ٢٠١٩ بزيادة نسبة الأمية لتصل إلى ٢٩٪، أى ما يعادل ١٨ مليون مواطن، مما دفع مجلس النواب للتدخل، فتقدمت ومعها أكثر من ٦٠ نائبًا بمشروع قانون «إنشاء الهيئة الوطنية لمحو الأمية وإعادة التأهيل»، لتحل محل الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، والتى لم تقم بدورها لمعالجة مشكلة الأمية، وتكون الهيئة الجديدة تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء ولها شخصية اعتبارية وتتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى.
انتهى الاقتباس من تصريحات «النائبة».. ويبقى السؤال: هل الحل فى استحداث أجهزة وإلغاء أخرى، وإهدار أموال ووقت وجهود أهل الاهتمام والتخصص؟!