رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرف على استراتيجيات جديدة للتغلب على الانغلاق العقلي

جريدة الدستور

هل جربت أن تقف وسط نقاش محتدم مع رؤسائك أو مرؤوسيك، لتجد عقلك قد توقف عن العمل فجأة، وعجز عن استحضار ذكريات أو إجراء عمليات بسيطة؟ هذا هو ما يسمى بالانغلاق العقلي، وفقا ملوقع الجارديان البريطانية.

أو جربت أن ترتبك أثناء إلقائك محاضرة أو حضور لقاء تلفزيوني، لتجد عقلك قد توقف عن العمل فجأة، وعجز عن استحضار ذكريات أو إجراء عمليات بسيطة؟ هذا هو ما يسمى بالانغلاق العقلي.

قد يكون الانغلاق العقلي نتيجة لنقص التركيز العميق، مثلما يحدث أحيانا في أوقات التوتر أو الإجهاد، كما يمكن أن يحدث نتيجة للقمع، حينما نعاني من الصدمات أو الأحداث في الماضي، ولا نريد أن نعود إلى تلك الذكريات المؤلمة، وهو ما يخلق هوة سوداء أحيانا ما تعود فجأة فتعوق تدفق أفكارنا، ووظائفنا العقلية على نحو طبيعي.

قد يكون التغلب على الانغلاق العقلي أمرا صعبا، لكنه ليس مستحيلا، وقد قضى العلماء سنوات طويلة في البحث عن كيفية التغلب على الانغلاق العقلي، وتوصلوا إلى استراتيجيات تساعد على ذلك، وتلك ثلاث منها:

* الطبيعة
لا يساعد الخروج إلى الطبيعة في تحسين وظائفنا الفسيولوجية وحالتنا النفسية فحسب، وإنما يتضمن تأثيرا إيجابيا في التغلب على الانغلاق العقلي. وقد أجريت دراسات عديدة حول هذه القضية، كان آخرها دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، استندت إلى نظرية نشأت في الثمانينيات من القرن الماضي، تسمى "نظرية استعادة الانتباه" Attention Restoration Theory (ART)، تقول بأنه من الممكن استعادة جميع أنواع الذكريات والتركيز باللجوء إلى الطبيعة.

وأجريت دراسة جامعة ستانفورد في عام 2008، ثم أعيد أجراؤها عام 2015، وأثبتت بأن قضاء وقت في الطبيعة يجلب الكثير من الفوائد المعرفية للدماغ، بما في ذلك التغلب على الانغلاق العقلي. حيث أجريت اختبارات على الذاكرة واليقظة والصلاحية العقلية وغيرها من الوظائف الإدراكية، ثم انقسم المشاركون إلى مجموعتين، ذهبت كل منها للتجول في مسارات مختلفة، حيث سارت المجموعة الأولى في بيئة عمرانية مزدحمة، بينما سارت المجموعة الثانية وسط الطبيعة.

وحينما عاد المشاركون، أجروا نفس الاختبارات التي أجروها من قبل، وأظهر الذين ساروا وسط الطبيعة زيادة ملحوظة في جميع نتائجهم السابقة، وخاصة في مجال الذاكرة والصحة العقلية العامة، لتثبت نتائج هذه الدراسة أن بإمكان الطبيعة أن تساعدنا في التغلب على الانغلاق العقلي.

* ممارسة الرياضة

أثبتت دراسة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية حول ما إذا كان التمرين يؤدي بالفعل إلى تحسين الأداء المعرفي، وبإمكانه مساعدتنا في التغلب على الانغلاق العقلي.

وقد أثبتت الدراسات أن التمرينات الهوائية "الأيروبيكس" اليومية تزيد من حجم "الحُصين" Hippocampus، المسؤول عن ذاكرتنا الكلامية والتعلم، بينما لم تسفر تمارين أخرى مثل تمارين القوة أو التوازن عن نفس النتائج. وخلصت الدراسة إلى أن هناك طرقا مباشرة وغير مباشرة تساعدنا من خلالها التمارين الهوائية اليومية على التغلب على الانغلاق العقلي، إلى جانب ما لها من فوائد صحية مباشرة على الدماغ.

وتشمل هذه الفوائد الحد من الالتهابات وتحفيز إطلاق المواد الكيميائية التي تؤثر على صحة خلايا الدماغ الحالية، ونمو خلايا جديدة، حيث يساعد المزيد من تدفق الدم، وخلايا المخ السليمة في التغلب على الانغلاق العقلي، وتساعدنا كذلك على النوم بشكل أفضل، وهو ما يساهم في تفكير أكثر وضوحا، ودماغ أقل ضبابية.

* القيلولة

أخيرا، تم الاعتراف بالقيلولة، الغفوة أثناء النهار، بكونها مفيدة أكثر من كونها مجرد "كسل" عابر، حيث أثبت العلم أن القيلولة يمكن أن تساعد في التغلب على الانغلاق العقلي.

أظهرت الأبحاث من كلية طب وايل كورنيل أن القيلولة تحسن الأداء المعرفي العام، حيث درس الأطباء نتائج العديد من التجارب التي بحثت في آثار القيلولة على التفكير والمعالجة والانغلاق العقلي، وفي جميع التجارب تم اختبار المشاركين باستخدام شاشات أثناء النوم، وكذلك من خلال الاختبارات العقلية بعد الاستيقاظ، كما شملت هذه الاختبارات النفسية أوقات رد الفعل واليقظة. وبغض النظر عن الطريقة، كانت النتائج دائما هي نفسها. حيث حسّنت القيلولة القدرات المعرفية لدى المشاركين، وساعدتهم على التفكير بشكل أوضح، والتعلم أسرع.

ومع ذلك فإن هذه التجارب لا زالت في بدايتها، حيث يتساءل المتشككون عن فوائد القيلولة استنادا للضيق والارتباك الذي نشعر به عندما نستيقظ لأول مرة، وهو ما يعرف بـ "جمود النوم". لذلك ينادي البعض بقيلولة أقصر، لأنها تظهر نتائج إدراكية أفضل فور الاستيقاظ، لكن الدراسات الشاملة أثبتت أن طول الغفوة لا يهم، فلم يكن هناك اختلاف في النتائج بمجرد حساب فترة الخروج من جمود النوم.