رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخرج "150 سنة أوبرا": الدار أكثر ازدهارًا من أي وقت مضى.. والإخوان اعتبروا فننا "عري" (حوار)

صورة من الحوار
صورة من الحوار


- الاحتفالية عرضت صور وفيديوهات نادرة للأوبرا القديمة وحضرها 5000 شخص
- أوبرا العاصمة الإدارية تتفوق على نظيراتها العالمية.. وحفل الافتتاح ستشارك به أعظم الفرق العالمية
- الإخوان خططوا لتدمير فن الأوبرا وخاصة الباليه باعتباره عُريًا.. وحاربناهم باستمرار العروض



أعطى المايسترو إشارة البدء، ليظهر شريط قصير من الأحداث والصور النادرة، يُعرض أمام الحضور المنبهرين بتلك اللقطات التي تحمل اللونين الأبيض والأسود، بدأت بديكور خاص يمثل الساحة الضخمة للأوبرا الخديوية، ومن بعده مسرحها الضخم الذي تحيطه المقاعد من كل جانب بتصميمها الخشبي، ثم يظهر رواد الأوبرا القدامى في لقطات متتابعة.

فيلم وثائقي مدته لم تتخط 5 دقائق، كان الحدث الأبرز في احتفالية 150 سنة أوبرا، استطاع أن يعود بالحضور لـ49 عامًا مضت، وتحديدًا قبيل حريق الأوبرا الخديوية عام 1970، بعدما جسد الفيلم كل تفاصيلها وملامحها الخشبية القديمة.

وراء هذا الحدث الذي يعتبر الأبرز والأكثر اختلافًا في احتفالية الأوبرا المصرية، كان يقف جندي مجهول ظل ما يقرب من 45 يومًا قبل الحفل يحاول توثيق تلك اللقطات واللحظات النادرة للأوبرا الخديوية وجمعها من مكتبة الأوبرا الخاصة، هو المخرج المسرحي بالأوبرا المصرية حازم طايل، صاحب فكرة الفيلم الوثائقي.

"الدستور" حاورت حازم طايل، مخرج احتفالية مرور 150 سنة أوبر مصرية، وكان صاحب فكرة الفيلم الوثائقي، ومن قبلها ترجمة جميع أعمال الأوبرا إلى اللغة العربية، كاشفًا أيضًا عن تفاصيل الأوبرا المصرية التي يتم الانتهاء منها حاليًا في العاصمة الإدارية الجديدة؟

• من أين جاءت فكرة الاحتفال بمرور 150 عامًا على إنشاء الأوبرا؟
- الأوبرا المصرية من أهم الكيانات الفنية في مصر، وجعلت مصر حتى الآن الرائدة في هذا المجال مقارنة بباقي الدول العربية، ولم يكن من الطبيعي أن يمر هذا التاريخ دون الاحتفال به، فتواصلت مع وزيرة الثقافة ورئيس دار الأوبرا المصرية، والذين أبدوا استعدادهم للاحتفال بها بما يليق بتاريخها.
• كيف نفذت وثائقي "الأوبرا الخديوية" الذي عرض بالحفل؟
- فكرت في عمل فيلم وثائقي في بداية الاحتفالية لتعريف الجمهور بالأوبرا القديمة وشكلها وتصميمها من الداخل والخارج وروادها الذين أسهموا بفنهم في وجودها، لذا عملت طوال شهر ونصف الشهر تقريبًا وهي فترة التجهيز الكاملة للاحتفالية على جمع صور وفيديوهات نادرة من داخل مكتبة الأوبرا المصرية، وركزت على الشرائط ذات الجودة العالية وظهر خلال الفيلم فيديو لخشبة المسرح القديمة والتي لا يعرف شكلها أغلب المصريين الآن مع بعض الرواد.

وبنيت العرض كاملًا من حيث الديكورات والإضاءة ليظهر للجمهور أن الحفل مقام داخل ساحة الأوبرا القديمة وتقف الأوركسترا كاملة داخل هذه الساحة والتي لم كان يُقام كان أي عروض سابقة في الأوبرا القديمة، ولاقى العرض الذي استمر لـ4 أيام متتالية إعجاب الجماهير وحضره ما يقرب من 5000 شخص.
• برأيك أي الأوقات شهدت فيها الأوبرا ازدهارا ملحوظا؟
- العصر الحالي هو الأكثر ازدهارًا في تاريخ الأوبرا المصرية منذ افتتاحها من 150 عامًا، من حيث الكثافة الجماهيرية، فآخر حفل أقيم في دار الأوبرا وهو احتفالية الـ150 عامًا حضره حوالي 1100 شخصًا وحفلات الأوبرا التي تقام على أربع عروض أو أكثر يحضرها حوالي 5000 شخصًا، أما آخر حفل أقيم في دار الأوبرا القديمة قبل حرقها فلم يتعد 400 شخص.

كما ساهمت السوشيال ميديا في زيادة الكثافة الجماهيرية التي تشاهد عروض الأوبرا، فتداول فيديوهات الأوبرا على اليوتيوب والفيس بوك يجعل هناك نوع جديد من الجماهير وروج لعروضها.

• كنت أول مخرج مسرحي يترجم «أوبرا عايدة».. حدثنا عن تلك التجربة؟
- ترجمت الأوبرا خلال عام 2017 وكانت التجربة الأولى، فقديمًا كانت تعرض الأوبرا مترجمة للغة الإنجليزية فقط، ولكن أضفت لها الترجمة باللغة العربية، وأصبحت تعرض باللغتين الإنجليزية والعربية.

كان للأمر مردود إيجابي ضخم في زيادة إقبال العوام على العروض الأوبرالية في مصر، بسبب فهم ما يتم تقديمه نتيجة الترجمة العربية، فالأوبرا قبيل الترجمة العربية لا يعرف أحد عنها شيء سوى أوبرا عايدة، لكن الترجمة ساهمتهم في انتشارها.
• وكيف استقبلت خبر عودة أوبرا عايدة للعرض في الأقصر؟
- أوبرا عايدة من أكثر العروض التي فخرت بإخراجها لأكثر من 5 مرات تقريبًا وعودتها للعرض مرة أخرى في محافظة الأقصر بعد انقطاع استمر 22 عامًا، رسالة للعالم كله بأن مصر قادرة على تنفيذ عرض بحجم أوبرا عايدة في ساحة مفتوحة مثل معبد حتشبسوت، ومؤشر على الهدوء الأمني الذي تعيشه مصر الآن، ورغم عدم إخراجي للعمل هذا العام إلا أنه خلال التنفيذ له تم استشارتي في بعض التكنيكات الفنية حتى يخرج العرض بشكل المبهر.

• دور الأوبرا انتشرت في الدول العربية.. هل تفقد المصرية بريقها أمام هذا؟
- الدول العربية بها دور للأوبرا ذات إمكانيات عالية جدًا وهذه الإمكانيات لها دور كبير في جذب الجمهور، وإذا قلنا إن إمكانياتها تتفوق ولو قليلًا عن مصر إلا أنها لا تستطيع التفوق على الأوبرا المصرية، أنا زرت أغلب دور الأوبرا في أكبر الدول العربية وجميع العروض ينفذها أجانب ونادرًا ما تقابل فنان من نفس الدولة يعمل في الأوبرا لأنها ليست ثقافتهم.

مصر ستظل محتفظة بالريادة لأنها تمتلك ما لا يملكه العرب وهي العنصر البشري، فمصر لديها فرقة أوبرا مصرية منذ 70 عامًا وأوركسترا مصري منذ أكثر من 100 عام، ولديها موسيقيين عالميين، بالإضافة إلى أن منفذي ديكورات وأزياء وإضاءة العروض مصريين حتى لو استعنا بالأجانب في بعضها إلا أن الأوبرا المصرية خارجة من كيان مصري ولا تعتمد على فرق أجنبية تعمل مقابل أجر مادي، وهذا هو الفرق الذي سيحتفظ لمصر بالريادة طوال عمرها.
• ما مدى جودة دار أوبرا العاصمة الإدارية مقارنة بالدور العالمية؟
- مبنى الأوبرا في العاصمة الإدارية الجديدة يتفوق من حيث التصميم الخارجي وتكنيكات المسرح على دور الأوبرا في العالم كله، فقد ذهبت لزيارتها عدة مرات، وشاهدت كيف تم التخطيط لها وتنفيذ خشبة المسرح والتي تحتاج إلى ميكانيزم وتكنيكات خاصة خلال تنفيذها وهي التي تحدد فخامة واختلاف دور الأوبرا عن بعضها، وتم الاستعانة خلال تنفيذها بكوادر مصرية وأجنبية تجعلها الأفضل في العالم.

• هل يؤثر وجودها على مبنى الأوبرا الحالي؟
- حتى يتم الانتهاء من التجهيزات الأخيرة للأوبرا سيتم وضع برنامج عملها والتنظيم بينها وبين الأوبرا الحالية وتحديد استضافتها لعروض متتابعة من عدمه، ولكن حفل الافتتاح سيشارك به أكبر فرق العروض العالمية وأهم الفرق من كل دول العالم، بالإضافة إلى فرق دار الأوبرا المصرية التي لها دور كبير في التخطيط للأوبرا الجديدة كما ساهموا في تطوير دار أوبرا دمنهور ومسرح الجمهورية ومعهد الموسيقي العربية.

• ما مدى إقبال الأجانب في مصر على عروض الأوبرا؟
- هناك إقبال كبير من الأجانب والقنصليات في مصر على الحضور، فأصبحوا أصدقاء دائمين للأوبرا المصرية، لأن العروض التي تقدم في بلادهم ليست أفضل من هنا، ولا يوجد فرق كبير بينهم.

والأجانب جمهور دائم للأوبرا المصرية، لا علاقة له بالترجمة أو التطوير الذي حدث، وأصبحنا نحفظ وجوههم بسبب كثرة حضورهم، ومن الممكن أن يحضرون أكثر من عرض ويشاهدونه عدة مرات بدون أي ملل.
• كيف يؤثر الواقع السياسي على الفن الأوبرالي؟
- الأوبرا تقدم فن لا تدخل في المعترك السياسي، رغم أن الفن عمومًا مرتبط بالسياسة، ولكن غير مسموح أن يكون هناك تحكمات أو تضيقات فيما نقدمه، لأنه يكون من اختيار المخرج وأصحاب العمل فقط.

عروض الأوبرا لا تدخل في المعترك السياسي، فهي تجسد صراع الإنسان في كل شيء، مع الخير والشر والقضاء والقدر ومع الحاكم، حتى فرق البالية تقدم محاكاة درامية وليس سياسية، أما العروض التي تدخل في السياسة تكون مكتوبة وتقام على مسارح الدولة.

• هل كان لحكم الإخوان تأثير الفن الأوبرالي؟
- كان هناك تأثير سلبي بالتأكيد، بسبب منع العروض دون أي أسباب مفهومة، ولا ننسى أن وزير الثقافة وقتها علاء عبد العزيز، وصف ما كنا نقوم به بأنه فن العرايا خلال عام 2013 ما أثار ضجة وقتها بالأوبر.

في 27 مايو من نفس العام، كنا نقدم عرض أوبرا عايدة، ووقتها حين فتح المسرح وجد الجمهور جميع العالمين في الأوبرا من مطربين ومخرجين ومايسترو وعاملين، يحملون لافتات تطالب بإسقاط الوزير لكون تصريحه مرفوض، ووقتها شعرنا بإن هناك تغيير ثقافي ومنهجي سيحدث.

• هل كان لثورتي 25 يناير و30 يوليو تأثير في عمل الأوبرا؟
- في ثورة 25 يناير كان بالطبع الإقبال ضعيف على عروض الأوبرا، لاسيما الأحداث التالية لها فقط ظل عدم الاستقرار الأمني لما يقرب من 4 أعوام، ورغم ذلك لم تقف عروض مسرح الأوبرا خلال أحداث الثورة، إلا وقت سقوط شهداء أو إراقة دماء احترامًا لهم، فالأوبرا فن لا ينتهي.

أما ثورة 30 يونيو، فزاد إقبال الجمهور على الفن الأوبرالي بعدها، لكوننا بدأنا في برامج تطوير وخطط جديدة كي نصل إلى الجمهور بشكل آخر، وبدأنا في استخدام أساليب تسويق جديدة ومتطورة.

• حدثنا عن تجربتك مع المايسترو أحمد عاطف ومحاكاة الدراما الموسيقية؟
- كانت تجربة رائعة، مع المايسترو أحمد عاطف، بترجمة الدراما الموسيقية للأفلام العربية والمسلسلات، في أوركسترا درامي لا يتعدى 6 دقائق، فالدراما والسينما تلك الموسيقى خلال عروض تتخطى الساعتين قمنا بتخليصها بعزفنا الخاص خلال دقائق.

وجدنا ردود أفعال مرضية للغاية، لاسيما أننا ترجمنا موسيقى أفلام أجنبية مثل «سوبر مان وباتمان»، وأفلام عربية مثل «عائلة زيزي، والسفيرة عزيزة»، وأصبح أي عمل موسيقى يقدم نقوم بتلخيصه في عزف خاص بنا، وفعلناها في آخر حفل للراحل عزت أبو عوف مع فرقة «البوتشيا»، وفي حفل افتتاح الموسيقى العربية الماضي قمنا بعرض مقتطفات موسيقية للمسلسلات الدرامية.