رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"معركة المياه 16".. عمال محطة تحلية أبورماد: إنتاجها يعادل "المعدنية".. ونستخدم أحدث التقنيات

جريدة الدستور

بدأت محافظة البحر الأحمر فى تنفيذ عدة محطات تحلية على امتداد سواحلها، وتوسعة عدد من المحطات الأخرى، من بينها محطة تحلية منطقة «أبورماد» الواقعة جنوب المحافظة، لزيادة قدرتها الإجمالية من ١٥٠٠ متر مكعب يوميًا إلى ٤٥٠٠ متر مكعب يوميًا، بتكلفة إجمالية ٩٣ مليونًا و٤٠٠ ألف جنيه. وتأتى أهمية محطة تحلية «أبورماد» من كونها توفر مياه الشرب لأهالى مثلث حلايب وشلاتين، تلك البقعة الغالية من أرض مصر، بعد معاناتهم الطويلة من الاعتماد على توفير احتياجاتهم المائية من الآبار والأمطار. «الدستور» التقت عددًا من العمال والمهندسين المشاركين فى بناء المحطة، للحديث حول رؤيتهم للمشروع وأهميته للمنطقة، إلى جانب يومياتهم الخاصة فى العمل به.


أبومحمد: تنهى زمن الاعتماد على الآبار المالحة

يعمل «أبومحمد»، ٤٥ عامًا، مهندسًا بمحطة تحلية المياه فى أبورماد منذ عام ٢٠٠٨، حين كانت قدرتها الإنتاجية لا تزيد على ٥٠٠ متر مكعب فقط يوميًا، ثم شهدت إنشاء وحدات إضافية وعمليات توسعة على مدار السنوات الماضية، إلى أن وصلت إلى قدرتها الحالية.
وأوضح: «تم إنشاء هذه المحطة منذ سنوات، وهى تشهد حاليًا عملية توسعة كبيرة، لا يزال العمل مستمرًا بها، من أجل إقامة خزان بسعة ٥ آلاف متر مكعب من المياه، يتكلف وحده نحو ٧.٤ مليون جنيه»، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى من المشروع، التى انتهت العام الجارى، أشرف عليها جهاز التعمير والإسكان بالبحر الأحمر، وتكلفت نحو ٧٣ مليون جنيه.
وكشف «أبومحمد» عن أن نسبة نقاء المياه فى محطة أبورماد تماثل النسبة التى تكون عليها المياه المعدنية، مشيرًا إلى أن المحطة مختصة بتحلية المياه، أى أخذ مياه البحر الأحمر من خلال خزان ترويق، ثم تمر المياه بمرحلة نزع الشوائب، ومرحلتى فلترة، ثم تصل إلى وحدات فصل الأملاح، ومنها تدخل على خزانات المياه المحلاة للاستفادة منها، بعدما تصبح مياهًا صالحة للشرب والاستهلاك الآدمى.
وبين أنه «للحصول على ٣٠ مترًا من المياه الصالحة، يكون علينا الحصول على نحو ١٠٠ متر من المياه المالحة، ثم تنقيتها وإزالة الأملاح والعناصر غير المرغوب فيها، للحصول على المياه المحلاة للشرب والاستهلاك الآدمى، ثم يعود أكثر من ٦٠٪ من المياه إلى البحر من جديد».
وأعرب عن فخره بالمشاركة فى هذا المشروع القومى الضخم، قائلًا: «أشعر بالفخر لمشاركتى فى المشروع، الذى وفر مياه الشرب لكثير من أبناء المحافظة، وينهى اعتمادهم السابق على مياه الآبار شديدة الملوحة، لذا نعمل فى المحطة ٢٤ ساعة حتى ننتج مياهًا كافية للناس فى المنطقة».

أحمد حمدان: مشاركتى خدمة وطنية وعانيت لغيابى عن أهلى

«مشاركتى فى المشروع خدمة وطنية، لأن الهدف هو إنتاج مياه صالحة للشرب، عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة، من أجل سد أى عجز يواجه أهالى المنطقة».. هكذا لخص أحمد حمدان، مهندس التشغيل بمحطة أبورماد، رؤيته لأهمية المحطة التى يعمل بها منذ ٣ سنوات.
وقال «حمدان»: «رغم أنى أسكن فى محافظة المنيا، بادرت بالعمل بهذا المشروع، الذى تعاقدت الشركة التى أعمل بها على تنفيذه»، مشيرًا إلى أن مجمل الطاقة الإنتاجية للمحطة سيبلغ ٤٥٠٠ متر مكعب فى اليوم الواحد.
ولفت إلى أن المحطة مقسمة إلى عدة أجزاء، أولها هو المأخذ البحرى الذى ينقل إليها مياه البحر، ومنها إلى طلمبات التغذية ثم فلاتر الترشيح، وبعد ذلك إلى طلمبة الضغط العالى لإزالة الأملاح والكلور، لتبدأ بعدها مرحلة معالجة الشوائب من خلال الفلاتر، والمرور على ٧ أغشية تعمل على فلترة المياه وتمرير المياه الصالحة للشرب وعزل المياه المالحة وتمريرها إلى خزان المياه المرتجعة، الذى يعيد هذه المياه مجددًا إلى البحر.
أصعب ما واجه ابن المنيا خلال عمله فى المشروع مع زملائه من المهندسين والفنيين هو الاضطرار للابتعاد عن أهلهم وأصدقائهم لعدة أشهر، خاصة أنهم يستغرقون على العمل بالتناوب طيلة ٢٤ ساعة، من أجل تسليم المشروع فى موعده المحدد.

محمد عامر: تلبى ٠٧% من احتياجات المواطنين

بدأ محمد عامر، ٣٠ عامًا، عمله كمسئول التركيب فى محطة أبورماد بالبحر الأحمر منذ ٣ سنوات، وتلخصت مهمته فى الإشراف على تركيب معدات المحطة كافة، بما فيها المولدات والطلمبات، مع إعداد دراسات حول نسب الملوحة والعكارة فى المياه.
وكشف «عامر» عن أن المحطة تعمل بنظام يسمى «التناضح العكسى»، الذى يقوم على دفع مياه البحر إلى المحطة عبر وحدات الضغط العالى، لتصل إلى الأغشية التى تفصل المياه المالحة عن العذبة تمهيدًا لمعالجة الأخيرة وتحويلها إلى مياه شرب.
وقال: «نظرية المعالجة تعتمد على استخلاص جزئيات المياه العذبة من المياه المالحة من خلال الضغط على التناضح العكسى، وفرق الضغط الذى يفصل المياه الأعلى ملوحة عن الأقل ملوحة، ما يسمح بتنقيتها وإزالة الأملاح، حتى نصل إلى معدل نقاء يماثل المياه الطبيعية، وبهذا تصبح صالحة للشرب».
وشدد على أن المحطة تلبى احتياجات المواطنين فى المنطقة، وتغطى استهلاكهم اليومى بنسبة تزيد على ٧٠٪، لذا يعتبرها بمثابة المنقذ لأهالى المنطقة من المياه التى كانوا يستخدمونها فى السابق، وهى شديدة الملوحة.
وعن الطاقة الإنتاجية للمحطة، قال «عامر»: «كانت فى البداية ٥٠٠ متر مكعب، وتم تنفيذ توسعات وصلت بها إلى ١٥٠٠ متر مكعب، ثم إلى ٣ آلاف، مع استكمال الأعمال للوصول إلى المستهدف النهائى وهو ٤٥٠٠ متر مكعب من المياه يوميًا».
وأشار إلى أن مهمته تتمثل فى تركيب الآلات والمعدات التى تسمح بالحصول على تنقية عالية، بجانب تولى تركيب معدات خطوط الضخ والشحن، ثم تشغيل المحطة حتى يجرى تسليمها فى الموعد المحدد. وعن المشكلات التى واجهت العاملين أثناء تنفيذ المشروع، قال: «تكلفة المواد الخام وقطع الغيار والصيانة التى كانت المحطة بحاجة إليها بشكل دورى، وارتفاع التكاليف فى السنوات الماضية سببا أزمة، لكننا ومنذ بداية المشروع قررنا الالتزام بموعد التسليم المحدد، دون الإخلال بالميزانية الموضوعة للمشروع بشكل عام».

عادل محمود: واجهنا صعوبات فى إزالة الأجسام الصلبة.. لكن أنهينا المشكلة

قال عادل محمود، الذى يعمل كيميائيًا فى محطة تحلية «أبورماد»، إن العمل بالمشروع واجه فى بداياته مشكلة تتعلق باختيار المأخذ الذى يمكن عبره نقل المياه المالحة من البحر إلى المحطة، من أجل تحليتها وتحويلها إلى مياه عذبة.
وأضاف: «استطعنا حل المشكلة من خلال الطلمبات وخطوط النقل التى تم إنشاؤها، لإيصال المياه من البحر الأحمر إلى محطة التحلية، حتى ندفعها فى دائرة المعالجة».
وعن خطوات عملية التحلية داخل المحطة، قال: «التحلية تبدأ بنقل المياه من البحر عن طريق الطلمبات وخطوط النقل، إلى وحدة تسمى (آر أو)، وهى وحدة تحوى فلاتر مياه رملية وقطنية، الأولى تزيل الأجسام الثقيلة والشوائب والأتربة، والثانية تقلل نسبة الملوحة فى المياه».
وأضاف: «المحطة تنقى المياه بنسبة تشبه تنقية المياه المعدنية، ويجرى ذلك داخل الوحدة التى تحوى أغشية رقيقة تسهم فى التنقية بدرجة عالية».
وكشف عن أن المشكلة الأكبر التى تعانى منها محطات المياه التى تعتمد على تحلية مياه البحار هى مشكلة ترسيب الأملاح، وهو ما يجعل طبيعتها تختلف عن تلك التى تعتمد على تنقية مياه الآبار.
وتابع: «المياه التى تأتى من أعماق البحر تكون محملة بكم كبير من الرواسب والأحجار والأجسام المختلفة، لذا تكون هناك معاناة فى تصفيتها وإزالة الرواسب والشوائب منها قبل إدخالها إلى المحطة لتنقيتها، لذا تتطلب هذه المحطات آلية للتخلص من هذه الأجسام بشكل آمن، للحصول على المياه العذبة».

سعدالدين: مسئول عن صيانة جميع المعدات والأجهزة

«أنا مسئول عن صيانة جميع المعدات والأجهزة التى تعمل بالمحطة، وهى المهمة التى أقوم بها مع زميلين آخرين، بالإضافة إلى إمداد المحطة بأى أجهزة قد تحتاجها».. بهذا وصف «سعدالدين»، ٢٦ عامًا، عمله كفنى صيانة فى محطة أبورماد بالبحر الأحمر.
وأضاف: «وظيفتى كفنى صيانة تجعلنى واحدًا من الأفراد المسئولين عن استمرار العمل بالمحطة، نظرًا لأن غيابى قد يتسبب فى تعطل العمل، لذا أشعر بالفخر لمشاركتى فى هذا المشروع، الذى عانى الأهالى قبل وجوده، واضطروا للاعتماد على مياه الآبار شديدة الملوحة فى حياتهم اليومية». واختتم: «رغم أنى أسكن فى محافظة القاهرة، إلا أنى لم أتردد فى المشاركة بهذا المشروع القومى، الذى يستمر العمل به على مدار ٢٤ ساعة».


محمود السعيد: تفصل الشوائب بنظرية «التناضح العكسى»

لم يتأخر عن المشاركة فى المشروع البعيد عن محل إقامته فى محافظة سوهاج، والتحق للعمل به، كمسئول عن عمليات الفصل والإمداد. فالمحطة مصممة لسحب المياه المالحة من البحر لبدء عملية التحلية، كما أن بها مخارج ومصافى للتخلص من المياه المالحة والرواسب الفائضة عن التحلية.
وأوضح محمود السعيد، مسئول المعالجة الكيميائية بالمحطة، طبيعة هذه المهمة بالتفصيل، قائلًا: «عملى يبدأ حين تأتى المياه من البحر الأحمر عن طريق المأخذ، وبعدها يبدأ فصل جميع الشوائب والعوالق والأجسام الثقيلة والرمال والأحجار التى تأتى مع المياه، ثم نبدأ إمدادها ببعض العناصر المهمة مثل الماغنسيوم والحديد، وذلك بعد تطهيرها من أى شوائب أو ميكروبات باستخدام الكيماويات اللازمة لإتمام هذه العملية».
وأضاف: «فى المرحلة التالية يكون علينا تقليل نسبة الأملاح، من خلال استخلاص جزيئات المياه العذبة من المياه المالحة، ودفعهما فى مسارين، بحيث تمر المياه العذبة فى الأول، لتكون صالحة للاستخدام، فيما تمر المياه المالحة فى الثانى فى طريقها إلى البحر».
وأشار إلى أن محطة أبورماد تعتمد فى عملية التحلية والمعالجة على «التناضح العكسى» والضغط العالى الذى يساعد على فصل الجزيئات المالحة عن الجزيئات العذبة من المياه.