رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هنا ينتهي الواقع.. "الدستور" تتواصل مع صانعي أفلام الكارتون

أفلام الكارتون
أفلام الكارتون

لنبتعد عن الواقع قليلًا، ونتخيل أشكالًا ذات أحجام مختلفة، صغيرة وكبيرة، ومنها العملاق تميزت بألوانها الزاهية تستطيع فعل المستحيل، تطير وتحلق في عنان السماء، تعوم وتغوص في أعماق البحار، تتحد لتدمر كائنات الشر، وتبحث عن الخير دائمًا لنشره في المجتمع للعيش في سلام تام.. أهلًا بك في مملكة الكارتون التي ترحب بالكبير قبل الصغير.

هذه هي أفلام الكارتون التي تعتمد على الصورة المرسومة، سواءً كان الرسم يدويًا أو بالحاسوب والأجهزة الإلكترونية، وتتحول من الصورة الجامدة إلى المتحركة عبر آلية خاصة يتحكم بها الصانع، وإنتاجها ليس أمرًا يسيرًا كما قد يعتقد الكثيرون، فحتَّى تستطيع أن تنتج فيلم كارتون لمدة لا تتعدى الخمس دقائق، قد يُكلّفك ذلك آلاف الدولارات أو ما يُعادلها، إذا أنتجت فيلمك في ستوديو تصميم مُحترف.

"الدستور" تواصلت مع صُناع أفلام الخيال المعروفة بأفلام الكارتون؛ للتعرف على كيفية تصنيع الرسوم المتحركة وإنتاج هذه الأفلام،وما تتضمنه من تأثير على الأطفال بعد مشاهدتها.

صانعو الكارتون: ينقصنا الإمكانيات وتمويل الإنتاج

"الرسوم المتحركة هي الصنعة" هكذا بدأ محمد غالب، أستاذ دكتور الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان، حديثه عن عالم أفلام الكارتون، قائلًا أنه سُميت هذه الصنعة بالكارتون؛ لأنه يرجع إنتاجها أول مرة في التاريخ إلى رسمها على ورق الكارتون، ومن بعدها عُرفت بهذا الاسم.

علميًا تندرج الرسوم المتحركة أي الكارتون تحت مصطلح أفلام التحريك، فأفلام التحريك تشمل جميع الأفلام التي تحتوي على الحركة، ومنها أفلام الصلصال مثل قصص الأنبياء، ومسلسل بكار الشهير، كما أن أفلام التحريك تطورت بشكل كبير عن السابق، فقديمًا كانت تُرسم على الورق ولكن بعد ظهور الكمبيوتر وتطور البرمجيات بشكل عام، سهلت هذه العوامل عملية إنتاجها.

محمد غالب، هو واحدًا ممن شاركوا في عمل مسلسل بكار، يروي تجربته مع المسلسل: "جاءت فكرة عمل حلقات من مسلسل بعدما فازت الشخصية في أحد المهرجانات، ومن ثم قدمت الدولة لنا الدعم الكامل لإنتاج المسلسل وتقديمه في رمضان على مستوى 30 حلقة".

تابع غالب "كان يعمل على المسلسل 7 مجموعات، كل مجموعة حوالي 6 أفراد، وكانت الحلقة الواحدة تستغرق عمل شهر كامل، حتى يتم الانتهاء منها، وكنت في هذا المسلسل مسئولًا عن "المحرك الرئيسي"، أي شكل الحركة في المسلسل بشكل عام".

وصف أستاذ الرسوم المتحركة أفلام الكارتون بأنها تبدأ من حيث ينتهي الواقع، ويحبها الكبير قبل الصغير، كما أن لها تأثيرها الإيجابي والسلبي، وذلك يتوقف على رغبة المنتج أو المخرج لتلك الأفلام، وذلك في الأفكار والمعتقدات التي يريد بثها ونشرها، وحاليًا تنقصنا الإمكانيات لإنتاج أفلام الكارتون تحتل الصدارة كالسابق".

قال المخرج والمنتج لمسلسل «بكار» المشهور،‏ شريف جمال، إنَّ الكرتون هو البريد الذي يستطيع أن يُقرِب للطفل هذه الأشياء البعيدة، فالمعاني المجردة التي لا يمكن أن يتصورها الطفل يمكن أن نصورها له عبر الكرتون، فرسوم الكرتون قد أعطتنا فسحة أكثر سعة من التصوير السينمائي وما جاء بعده من أجيال آلات التصوير.

أكدّ جمال، في حديثه مع الـ«الدستور» أنَّ الكرتون فضاء واسعًا للانتقال بخيال الطفل، وإخصابه، كما كان مجالًا واسعًا جدًا لتجسيد القضايا النظرية للطفل؛ لأن تفكير الطفل ماديٌ، موضحًا أنَّ الأفلام والمسلسلات تتوقف على هويّة الصانع وما يُقدمه، وأنَّ لكل صانع محتوى تفكير ومفهوم يختلف عن غيره.

أمَّا عن صناعة الكرتون في مصر ودورها، أوضح «شريف» أنه ليس من العدل مقارنة الانتاج المصري بانتاج شركة والت ديزني الأمريكية لأن جودة ديزني ناتجة عن خبرتها في مجال الرسوم المتحركة لأكثر من‏50‏ عاما أما الرسوم المتحركة في مصر فلا يتجاوز عمرها الفعلي ‏15‏ عاما وعلي الرغم من أن الرسوم المتحركة بدأت في مصر منذ عام‏1935‏ إلا أن السبب في تأخرنا هو عدم استاع قدر كافِ من التسويق.

ظهر فن الرسوم المتحركة في مصر منذ زمن بعيد، لا سيما أنَّ مصر هي صاحبة التجربة الأقدم في ذلك الفن؛ فقد بدأ عام‏1935‏ علي يد‏ «الأخوة فرانكل» وهما شقيقان مصريان من جذور روسية‏،‏ تمكنا رغم محدودية إمكانياتهما التقنية من إنتاج العديد من الأعمال وترسيخ شخصية كرتونية مصرية باسم «مشمش أفندي».

لكن بعد ذلك توقف انتاج الرسوم المتحركة الي أن ظهر «علي مهيب‏» رائد الرسوم المتحركة في مصر والشرق الأوسط الذي أسس أول ستوديو للرسوم المتحركة في الشرق الأوسط ويعتبر ستوديو مهيب مدرسة دربت العديد من الكوادر في هذا المجال مثل «فهمي عبد الحميد»، و«فايزة حسين».

كان دخل هذا الاستوديو يعتمد بصفة أساسية علي استخدام الرسوم المتحركة في مجال الاعلان، إضافة إلى أن علي مهيب هو أول من أنشأ قسم الرسوم المتحركة في التليفزيون المصري، وقد واجه العديد من العوائق أهمها أنه لم يكن هناك كوادر تستطيع العمل في هذا المجال حتي أنشأت كلية الفنون الجميلة بعد ذلك شعبة الرسوم المتحركة‏.‏

الدكتورة أميرة ذكى، استشارى طب نفسى أطفال ومراهقة، قالت إن أفلام الكرتون التى يتابعها الأطفال، خاصة أفلام «توم وجيري» تحتوى على مشاهد عنف، تشكل خطرا كبيرا على سلوك الأطفال الذين يعملون على تقليد هذه المشاهد ما يؤدى إلى إلحاق الضرر بالغير.

أضافت أن الطفل تحت سن سبع سنوات لا يستطيع التفريق بين الواقع والخيال وعند مشاهدة أفلام الكارتون يتخذها قدوة له، مشيرة إلى أنَّ هناك العديد من أفلام الكارتون بعيدة عن الثقافة المصرية والشرقية، والتي تنقل بعض العادات والتقاليد السلبية السيئة وبعض الإيحاءات الجنسية

بدورها أكدت الناقدة الفنية ماجدة خير الله عدم وجود مصر على خريطة الأفلام الكرتونية والرسوم المتحركة، موضحة أنها تحتاج لإنتاج ضخم وإبداع من نوع خاص، فى حين أن المنتج المصرى يستسهل تقديم أفلام النجوم والأبطال، رغم أن تلك الأفلام فى العالم كله تحصل على إيرادات ضخمة.

أضافت خير الله الأزمة أيضا فى أن هناك تخوفا من أن تلك الأفلام لا تستطيع تحقيق تكلفتها بسبب ضعف نسب المشاهدة فى مصر وقلة عدد دور العرض في المشاهد المصرية والسينمات المتعددة، واقتصار وجودها على بعض المدن والمحافظات فقط، مشيرة إلى أنه ليس هناك منتجا يستطيع أن يخوض تلك المقامرة والمغامرة غير المضمونة.

وأوضحت الناقدة الفنية، أن نجاح مسلسل مثل «بكار» كان السبب أن القنوات اشترته من قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى الذى دعم إنتاجه وتحمله، مشيرة إلى أن جودة العمل أو قوته لن تكون مؤشر لتحقيق إيرادات والدليل أن هناك أعمالا سينمائية جيدة جدا ولا تحقق إيرادات.