رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة المياه 15.. منفذو محطة تحلية نبق: توفر احتياجات شرم الشيخ.. وتسليمها قبل ٢٠٢٠

جريدة الدستور

ما من حديث للرئيس عبدالفتاح السيسى عن شبه جزيرة سيناء إلا ويؤكد فيه سعيه لتحويل تلك البقعة الغالية من أرض الوطن إلى مكان يستحقه مواطنوها، عبر تحويل مقولة «يد تبنى ويد تحمل السلاح» إلى واقع حقيقى، وذلك بتطهيرها من الإرهابيين والعناصر المتطرفة، وهو ما نجح فيه رجال الجيش والشرطة خلال السنوات القليلة الماضية، وتعميرها بمجموعة من المشروعات التنموية والخدمية بالتوازى، من بين هذه المشروعات محطة تحلية المياه فى محمية نبق بجنوب سيناء، التى اقترب المهندسون والفنيون القائمون على تنفيذها من إنجاز كل أعمالها، ليتم تسليمها وتشغيلها قبل نهاية العام الجارى، وذلك لتوفير احتياجات مدينة شرم الشيخ وعدد من المناطق المجاورة من المياه.

فى السطور التالية، تلتقى «الدستور» عددًا من منفذى المحطة، للحديث عن تجاربهم فى إنشائها، وطبيعة أعمالهم، وكيف ستسهم فى توفير المياه لأهالى تلك المنطقة الغالية.

حمادة ناصر: تنتج 6 آلاف متر يوميًا.. ومخصصة للأهالى وليست للفنادق

بدأ حمادة ناصر، المدير التنفيذى لمشروعات محطات المياه فى سيناء، حديثه بتأكيد الأهمية الكبيرة للمشروعات التنموية التى يتم تشييدها فى محافظتى شمال وجنوب سيناء، وعلى رأسها محطات تحلية المياه، باعتبار مياه الشرب أهم عنصر فى خطط تنمية أى منطقة.
وأوضح «ناصر»: «شبه جزيرة سيناء تعانى من انقطاع دائم للمياه، لذا عملت أجهزة الدولة المختلفة على تنفيذ مجموعة من محطات تحلية المياه فى الشمال والجنوب للقضاء نهائيًا على تلك الأزمة».
وعن محطة «نبق» على وجه التحديد، قال: «محطة التحلية فى مدينة نبق ستكون المصدر الرئيسى للمياه فى مدينة شرم الشيخ وعدد من المدن السيناوية الأخرى، وستخدم أهلها».
وشدد على أن إنتاج المحطة سيتم تخصيصه لخدمة الأهالى المقيمين فى سيناء وشرم الشيخ، وليست الفنادق، فالأخيرة لها محطات مياه خاصة بها، وفى حال احتاجت كميات إضافية ستمدها بها شركة مياه الشرب والصرف الصحى فى سيناء، على أن يكون ذلك وفقًا لشرائح تجارية تختلف عن الخاصة بالاستهلاك المنزلى.
وأشار إلى أن المحطة تنتج نحو ٦ آلاف متر مكعب من المياه بشكل يومى، وهو رقم ضخم إذا ما علمنا أن متر المياه الواحد يكفى احتياجات أسرة مكونة من ٥ أفراد، أى أنها ستوفر احتياجات عدد كبير من الأسر السيناوية، لافتًا إلى أنها «تحل أزمة المياه فى مدينة شرم الشيخ بأكملها وتوفر كل احتياجاتها».
وكشف «ناصر» عن إنهاء ٩٠٪ من أعمال بناء المحطة، مع استكمال الـ١٠٪ المتبقية بنهاية العام الجارى، ليتم بعدها تسليم المشروع لشركة مياه الشرب والصرف الصحى فى سيناء تمهيدًا لافتتاحه بشكل رسمى.
وكان نقل المهمات أبرز الصعوبات التى واجهت منفذى المحطة، وفق المدير التنفيذى، الذى أوضح ذلك بقوله: «سيناء تشهد تشديدات أمنية فى جميع نواحيها، نتيجة الظروف التى تمر بها، وهو ما أدى إلى صعوبة فى نقل معدات ومهمات العمل، بداية من استخراج تصاريح نقلها، وصولًا إلى مرورها من الأنفاق والأكمنة». وتابع: «لكن المحافظ خالد فودة كان له دور كبير فى تسهيل نقل تلك المهمات، بجانب اللواء إيهاب خضر، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، الذى يتابع معنا بشكل مستمر لتذليل أى عقبات تواجهنا».


شحاتة حسن: تحليل 3 عينات للتأكد من درجة نقاء 100%

قال شحاتة حسن شحاتة، مسئول «التركيبات» فى المشروع، إن محطة نبق واحدة من أهم المشروعات التنموية الاستراتيجية فى سيناء، لمساهمتها فى توفير احتياجات أهالى مدينة شرم الشيخ بأكملها من المياه، مشيرًا إلى أن موقع إقامتها تم اختياره فى بقعة استراتيجية لتسهيل عملية توزيع المياه فى أرجاء المدينة. وكشف «شحاتة» عن طبيعة عمله، قائلًا: «بعدما يتم الانتهاء من الأعمال المدنية كتشييد المبانى والمنشآت، نبدأ فى تركيب وتشغيل جميع الأجهزة والمعدات والماكينات الميكانيكية والكهربائية، مثل المضخات والمواتير الخاصة بإتمام عملية التحلية، بالإضافة إلى المعدات الكهربائية اللازمة لتشغيل المحطة، مع مراعاة تركيبها بدقة شديدة لضمان تسليم المشروع وتشغيله بدون أى أخطاء أو عوائق». وأضاف: «بعد الانتهاء من مرحلة التركيبات، التى عادًة ما تستمر طيلة فترة المشروع منذ بدايته وحتى الانتهاء منه وتسليمه، نبدأ فى التشغيل التجريبى للمحطة قبل تسليمها بشكل نهائى، وذلك عن طريق أخذ ٣ عينات من المياه لتحليلها والتأكد من نقائها وخلوها من الشوائب بنسبة ١٠٠٪، وبعدها تبدأ مرحلة التشغيل الفعلى، وتسليم المحطة بشكل رسمى لشركة مياه الشرب والصرف الصحى فى سيناء». وتطرق إلى المشكلات والصعوبات التى واجهتهم أثناء العمل فى إقامة المحطة، وعلى رأسها «اختلاف المناسيب»، وهى أزمة عادة ما تواجه مهندسى الميكانيكا والكهرباء، وتتطلب إعادة تغيير قياسات تركيب المعدات، نظرًا للاختلافات التى تظهر بين أعمال التخصصات المختلفة، موضحًا أنه «بعدما انتهى مهندسو الجزء المدنى من تسليم الجزء الخاص بهم فى المشروع، بدأت التخصصات الميكانيكية والكهربائية عملها فى موقع المحطة فاكتشفوا تلك الاختلافات».
وأضاف: «دون المهندسون هذه الاختلافات فى تقارير لإطلاع مديرى الموقع عليها، وبالتالى إجراء التعديلات المطلوبة على المخططات والتصميمات الهندسية، ثم أبدأ كمسئول عن تركيب جميع أجهزة المحطة فى تغيير أعمال المناسيب، وفقًا للقياسات الجديدة، وهنا تلعب الخبرة والعمل الدائم دورًا كبيرًا فى سرعة إنجاز ذلك بمنتهى الدقة».

محمد عبداللطيف: حفرنا 18 بئرًا.. والتنفيذ فى مراحله النهائية

شرح المهندس محمد أحمد عبداللطيف، المدير التنفيذى للمشروع، المراحل التى تمر بها عملية تحلية المياه داخل المحطة، مشيرًا إلى أنها تعمل على تحلية مياه الآبار وليس مياه البحر.
وأوضح «عبداللطيف»: «سيناء من المحافظات الصحراوية، لذلك يعتمد أهلها على مياه الآبار بشكل أساسى، لكنها شكلت أزمة كبيرة لهم بسبب نسبة الملوحة والمعادن الزائدة فى تلك المياه، وكونها غير صالحة للشرب منها بشكل مباشر دون تحلية».
ولكون المصدر الرئيسى لمياه المحطة هى مياه الآبار، حفر منفذوها ١٨ بئرًا داخل محيطها لتزويدها بالمياه، وهذه الآبار على أعماق كبيرة جدًا، ويتم سحب المياه منها لبدء عملية التحلية، علمًا بأن مياه الآبار متجددة ولا تجف أبدًا، وفق المدير التنفيذى.
وأضاف: «عملية تحلية المياه تمر بأكثر من مرحلة، بدءًا من سحب المياه من الآبار المالحة من تحت الأرض عن طريق مضخات الرفع، ثم تدخل تلك المياه مباشرة على خزان المياه الخام، وهو خزان تم إنشاؤه من الخرسانة بعمق ١٠٠ متر، ثم بعد ذلك تبدأ طلمبات تغذية فى سحبها من الخزان لبدء مرحلة التنقية من الرواسب والأجسام الغريبة مثل الرمل والحصى وذلك بواسطة فلاتر رملية».
وبعدما تنتهى عملية عزل الأجسام الغريبة، تبدأ مرحلة تحلية المياه وفصل العذبة الصالحة للشرب عن المالحة، بواسطة الفلاتر «المايكرونية» وهى أغشية التحلية التى تعمل بدقة كبيرة، وذلك لاستخراج منتج نهائى صالح للشرب، وفق «عبداللطيف» الذى عقب قائلًا: «فى أثناء جميع المراحل يتم حقن الكيماويات اللازمة للتخلص من أى ميكروبات». وكشف عن أن مهندسى المحطة أنجزوا غالبية مراحل المشروع، وهم الآن فى مرحلة الأعمال النهائية من التركيبات ومد خطوط المياه والمواسير، وصولًا إلى تشغيل المحطة لتغذية مدينة شرم الشيخ بالمياه وتلبية احتياجات سكانها.


وائل عبدالمنصف: «برامج تنبؤ» متطورة لكشف الأعطال مسبقًا

عمل المهندس وائل عبدالمنصف، مدير التحكم والبرمجة والأجهزة فى المحطة، ذو طبيعة خاصة، وبدأ منذ ما يطلق عليه «المرحلة صفر»، التى يشرحها بقوله: «هى مرحلة إعداد الدراسات والتصميمات الخاصة بالمحطة قبل البدء فى تنفيذها على أرض الواقع».
بعد ذلك بدأ «عبدالمنصف» فى تولى المهمة الأهم، وهى التحكم فى جميع ماكينات ومعدات المحطة بشكل إلكترونى، بدون أى تدخل بشرى، ما يساعد على تقليل الأخطاء بل وتجنبها تمامًا. وأوضح طبيعة هذه المهمة، قائلًا: «جميع ماكينات ومعدات وأجهزة المحطة يتم تشغيلها وإيقافها بضغطة زر واحدة، مع وجود جدول خاص بتشغيل كل منها، يتضمن مواعيد تبديل التشغيل بينها، حتى لا تعمل أكثر من عدد الساعات المحددة فتتعرض لأى عطل يؤدى إلى تكبد خسائر كبيرة». وأشار إلى أن ذلك يتم بعيدًا عن تدخلات العنصر البشرى إلا فى مهمة محددة: «جميع ما يجرى فى المحطة يتم من خلال أجهزة الكمبيوتر والتحكم، والعنصر البشرى مكلف بمتابعة وتشغيل هذه الأجهزة فحسب، وذلك فى منظومة متكاملة تخلو من الأخطاء البشرية المحتمل حدوثها والوقوع فيها أثناء العمل نتيجة الإرهاق الذهنى والتعب».
ونوه بأن تلك المنظومة الإلكترونية تتضمن «برامج تنبؤ» متطورة تتيح اكتشاف أى أعطال فى أجهزة التحلية قبل حدوثها، مثل ارتفاع درجة حرارة المعدات بشكل مفاجئ أو غير متوقع، ما يساعد المعنيين فى التحرك المسبق لصيانة تلك الأجهزة وفحصها لمعرفة سبب الإنذار، وهو ما يجنبنا أى خسائر مالية متوقعة.


مصطفى محمد: تنقذ السكان من مياه الآبار غير الصالحة

قال مصطفى محمد، مدير التركيبات الكهربائية، إنه مسئول عن عدد من المهندسين والفنيين الكهربائيين المعنيين بتركيب جميع المعدات التى تعمل بالكهرباء وتوصيلها بالمحطة لبدء إجراء عملية التشغيل الدائم وإنتاج المياه.
وأضاف: «أكثر المهام صعوبة التى تعرضنا لها هى طريقة التخلص من المياه المالحة والرواسب، فالمحطة تم تصميمها لتحلية مياه الآبار وليس مياه البحر، وكان لا بد من إيجاد وسيلة للتخلص من المياه المالحة غير الصالحة للشرب، وإلا غرقت المحطة بسبب تراكم هذه المياه، لذلك حفرنا عددًا من الآبار الأخرى للتخلص من هذه الرواسب، وكان يعترضنا أثناء الحفر عدد من المنشآت، لكن تدخلات المسئولين سهلت كل ذلك».
وذكر: ستكون قيد التشغيل وتبدأ فى إنتاج المياه لتغذية مساحات كبيرة من سيناء بنهاية العام الجارى، وذلك بعد تجربة جميع المعدات الكهربائية، ومنشآت وأجهزة المحطة، فى مرحلة التشغيل التجريبى. واختتم بقوله: «على الرغم من مخاطرة العمل فى سيناء، نعتبر مساهمتنا فى تدشين المحطة وسام شرف نفخر به، خاصة أنها تغذى معظم المناطق فى محافظة جنوب سيناء، وتسد احتياجات الأهالى من المياه، وتنقذهم من مياه الآبار غير الصالحة للاستخدام الآدمى».

محمد عبدالسلام: خاطرنا بأنفسنا من أجل مواطنى سيناء.. وعملنا بأقصى جهد ممكن رغم الصعوبات الكبيرة

ساهمت الخبرة الكبيرة، التى استمدها محمد عبدالسلام، مدير المشروع، من عمله لمدة ١٧ عامًا فى محطات مياه الشرب بصفة عامة، والخاصة بتحلية مياه البحر على وجه التحديد، خاصة فى جنوب سيناء، فى تسهيل العمل والمهمات المطلوبة من المهندسين والفنيين العاملين فى المشروع، بالتعاون مع الجهات الأمنية والتنفيذية فى سيناء. وقال «عبدالسلام»: «واجهتنا بصفة مستمرة أزمة صعوبة نقل وإدخال المعدات والمهمات، فضلًا عن نقل الأشخاص وتحركاتهم داخل حدود سيناء، لكننا استطعنا تجاوزها بشكل ناجح جدًا بفضل تعاون القوات المسلحة معنا وتذليلها جميع العقبات».
وأضاف: «تحملنا مخاطرة العمل فى سيناء بما لها من ظروف خاصة من أجل أهلنا المقيمين فيها، ولتوفير احتياجاتهم كافة»، معتبرًا أن عمل منفذى المحطة فى مدينة نبق أشبه بمهمة رجال القوات المسلحة على الحدود، لأنهم «يؤدون مهمة قومية ولبوا نداء الوطن ويحاولون تقديم أى شىء للوطن الغالى وأهالى تلك البقعة الغالية من أرضه».
وبَين مهام عمله فى المشروع، التى تتمثل فى «إدارة كل التخصصات الهندسية التى تعمل فى المحطة، بما يتضمنه ذلك من متابعة المشروع بشكل دورى ومستمر، ومقارنة أعمال التنفيذ بالتصميمات الهندسية، والتأكد من إنجاز كل مرحلة كما هو مخطط لها»، مشددًا على أهمية التنسيق بين كل التخصصات الهندسية التى تعمل فى المشروع، والتعاون القوى فيما بينهم، من أكبر مهندس إلى أصغر فنى. وكشف عن أنه تم تغيير موقع المشروع أكثر من مرة حتى تم الاستقرار على نبق وليس شرم الشيخ، وذلك حتى لا تُشوه المناظر الجمالية التى تجذب السياح فى الأخيرة، من أماكن سياحية وفنادق، وبمجرد الاستقرار على الموقع عمل منفذو المحطة بأقصى جهد لتسليم المشروع فى أقرب وقت ممكن، رغم الصعوبات الكبيرة التى واجهتهم.