رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حجرة الموت".. عاملو وحدة "الإكس راي" يتعرضون لإشعاعات خطيرة

جريدة الدستور

قادهم القدر وربما صعوبة الزرق، إلى داخل جدران تلك الحجرة المخيفة، التي لم تلجب لهم سوى المرض والشفاء للآخرين، لا يختلفون شيء عن ملائكة الرحمة الذين يفنون أعمارهم ليكونوا أسبابًا لأن يكتب الله للمرضى أعمارًا جديدة.

هي حجرة الأشعة الأيونية أو المعروفة باسم أشعة "X-RAY"، الخاصة بالكشف عن الكسور والعظام، والتي يدخلها المرضى فتلقي على الأجزاء المراد الكشف عنها ضوء خافت يوضح شكل وحجم الكسر، إلا أنها تلقي أضواء أخرى على الفنيين الذين يعملون بها تضرهم وتفيد المرضى.

يتعرض الفنيون الذين يعملون في حجرة الأشعة الأيونية بالمستشفيات الحكومية، إلى إشعاعات عديدة تؤدي إلى إصابة البعض منهم بسرطانات متعددة وآخرون إلى الوفاة، بحسب ما كشفته "الدستور" في التقرير التالي من وقائع خاصة وضحايا منهم بسبب تعرضهم اليومي لتلك الأشعة وأكثر من مرة.

أحمد سمير، 30 عامًا، فني أشعة في أحد المستشفيات الحكومية، وأحد الضحايا أيضًا والذي أصيب بسرطان في الرئة؛ نتيجة عمله داخل حجرة الأشعة لمدة 9 أعوام ولازال مستمرًا فيها، مرجعًا إصابته إلى تعامله مع أجهزة متهالكة.

يؤكد أن العديد من زملاؤه في نفس الحجرة بمستشفيات أخرى، تعرضوا لأمراض خطيرة أيضًا بسبب تعاملهم مع هذه الأجهزة، وبعضهم من توفي جراء هذا، وآخرين يخافون من البوح بأي معلومات خشية تعرضهم لمشكلات قد تؤدي لفقدانهم لمصدر رزقهم الوحيد.

"الأشعة السينية أو الإكس راي"، هي عبارة عن أشعة طبية تخترق خلالها أشعة كهرومغناطيسية صادرة عن جهاز إشعاعي خاص أنسجة الجسم، لتصيب لوحًا يوضع خلف الجسم، لتتشكل عليه صورة أعضاء الجسم التي اخترقتها الأشعة.

وطبقًا لوكالة القياسات الأمريكية فإن "الأكس رأي" هي من أخطر الإشعاعات التي يتعرض لها الإنسان، فلا بد أن تكون على فترات متباعدة، فأن كمية من الإشعاع تصل إلى 1 مليرم في العام تعتبر خطيرة، وأن أقصى جرعة إشعاعية يمكن أن يتعرض لها الإنسان في العام هي 25 مليرم.

25 عامًا، قضاها صلاح عبد العليم، 40 عامًا، داخل جدران وحدة أشعة إكس وسط الأجهزة بأحد المستشفيات الحكومية في محافظة القاهرة، يقوم يوميًا بالكشف على 35 مريضًا مستخدمًا تلك الأشعة، وهو لا يعلم أنها تخترق جسده يومًا بعد يوم، فكان يشعر بآلام ظل يتحملها إلى أن جاء يومًا لا يطاق به الآلم ليضطر إلى الكشف الطبي، ويكتشف أنه مصاب بسرطان ليمفاوي، وهو الآن يتعالج بالكيماوي.

علي ماهر، 35 عامًا، فني أشعة، شعر منذ فترة وجيزة بخمول وكسل مستمرين ودوخة غير مبررة، يعقبها في أحيانًا إغماء مفاجئ، ما دفعه للذهاب إلى الطبيب لإجراء كشف يحدد سبب هذه الأعراض، فوجد أنه يعاني تكسير شديد بكرات الدم البيضاء؛ نتيجة تعرضه لأجهزة أشعة إكس راي التي ينبعث منها تلك الأشعة الضارة.

الدكتور أحمد صلاح، كامل أستاذ مساعد جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري بكلية طب القصر العيني، يقول إن التعرض لأشعة إكس راي يؤثر على خلايا الجسم التي تكون عرضة للانشطار أكثر من غيرها، مثل خلايا الأعضاء التناسلية؛ ما ينتج عنها حيوانات منوية مشوهة وبويضات كذلك؛ تتسبب في إصابة الأجنة بأمراض مثل متلازمة داون بعض العيوب الخلقية.

ويضيف: "الأشعة تؤثر كذلك نخاع العظام المسئول عن إنتاج خلايا الدم؛ مما يسبب معه أنواع خطيرة من الأنيميا واللوكيميا نتيجة نقص كرات الدم البيضاء والحمراء بالجسم"، مبينًا أن تأثير تلك الأشعة خطير فقد تسبب خلل بها ينتج عنه الإصابة بالسرطان.

يؤكد دكتور جراحة المخ والأعصاب، على ضرورة عزل حجرة الأشعة عزلًا تامًا، وإجراء الأشعة خلف ساتر باستخدام أدوات حماية مثل "المريلة الرصاصية" والنظارة الرصاصية، وكذلك القفازات المصنوعة من الرصاص بالإضافة إلى استخدام المتعاملين، مع هذه الأشعة ميدالية مخصصة لقياس الأشعة بالجسم طوال الوقت؛ وذلك لحساب مدى ارتفاع الأشعة أو ثباتها واتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة حيال ذلك.

كذلك الحال مع سمير فهمي، 28 عامًا، فني بأحد المستشفيات الحكومية بمحافظة الجيزة، والتي لا توفر له سوى "مريلة مرصصة" واحدة لـ15 فني يعمل بنفس الوحدة معه، كاشفًا صعوبة ارتداؤها نتيجة وزنها الذى يصل إلى 42 كيلو جرمًا، ويضيف أن بقية أدوات الوقاية والتي تتمثل فى ارتداء الفنيين خوذة لتغطية الرأس، ونظارة واقية للعين، وخوذة للأذن، وكمامة للأنف فهي غير متوفرة بالمرة.

ويشير أن المستشفيات الخاصة تستبدل "المريلة المرصصة" ثقيلة الوزن، بإجراءات أسهل وأكثر أمانًا لحماية الفنيين العاملين بها، والذي يتمثل فى أن يعمل الفنى داخل غرفة يغطي جدرانها الرصاص المقوى الذى يمنع تسرب الإشعاع، وزجاج رصاصى وميكروفون يتواصل به مع المريض فى غرفة الإشعاع، كما توفر باقي سبل الحماية اللازمة الأخرى.