وثائق سرية مسربة تكشف خفايا التغلغل الإيراني فى العراق
كشفت صحيفة" نيويوك تايمز" الأمريكية، اليوم الإثنين، كيف تدير طهران وحكومة الملالي السلطة في العراق، وكيف تحكم قبضتها على الحكومة العراقية من أجل التوغل السريع في قلب العراق للسيطرة على موارده ومقدراته.
وقالت الصحيفة الأمريكية، وفقًا للوثائق المسربة التي حصلت عليها، أنه في منتصف شهر أكتوبر الماضي، مع تصاعد الاضطرابات في بغداد، نزل زائر "مألوف" ألا وهو اللواء قاسم سليماني، قائد قوة القدس الإيرانية إلى العاصمة العراقية بغداد، عقب حرق المتظاهرون العراقيون أعلام إيران وأعمال الشغب أمام السفارة الإيرانية، مشيرة إلى أن سليماني جاء بغداد من أجل إقناع حليفه عبد المهدي بالبقاء في منصبه، موضحة أنها لم تكن المرة الأولى التي يزور فيها سليماني العراق.
كما تابعت الوثائق المسربة، أن تنظيم الإخوان عرض على المسؤولين الإيرانيين التعاون في اليمن ضد السعودية ضمن اجتماع تركيا عام 2014، حيث أبلغ ممثل الإخوان في اجتماع 2014 بتركيا الجانب الإيراني بأن تنظيم الإخوان يتفق مع إيران بالعداء للسعودية.
وكشفت الوثائق المسربة من الاستخبارات الإيرانية، والتي حصل عليها The Intercept مع صحيفة نيويورك تايمز، أن تأثير طهران "هائل "في العراق، حيث تعرض الوثائق سنوات من العمل الشاق الذي قام به الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد، ودفع رواتب الوكلاء العراقيين الذين يعملون من أجل الأمريكيين لتبديل مواقفهم والتسلل إلى كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في العراق.
كما كشفت التسريبات عن أن تعيين سفراء إيران في لبنان والعراق وسوريا، يكون من قبل الحرس الثوري الإيراني وليس الخارجية الإيرانية، وعادة ما يكون سفراء إيران في هذه الدول أصحاب نفوذ كبير في الحرس الثوري.
وأردفت الصحيفة، أن طهران برعت في استخدام وتغطية جواسيسها في العراق، حيث يتم ترتيب الاجتماعات في الأزقة المظلمة ومراكز التسوق أو في حفلة عيد ميلاد، حيث يتربص المخبرين في مطار بغداد ويلتقطون صورًا للجنود الأمريكيين ولقوات التحالف.
وأضافت الصحيفة، أن إيران أيضًا تقدم الرشاوى لتسهل عملها في الحكومة العراقية، من هدايا من الفستق والعطور الفخمة والزعفران، كما يتم تقديم رشاوى للمسؤولين العراقيين، إذا لزم الأمر، كما تكشف الوثائق عن تقارير من قبل الاستخبارات الإيرانية توضح مصاريف لضباط وزارة الاستخبارات في العراق.
ووفقًا لأحد البرقيات الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، فإن السيد مهدي الذي عمل في المنفى عن كثب مع إيران أثناء وجود صدام حسين في السلطة في العراق، كان له علاقة خاصة مع "حكومة إيران" وتحديدًا عندما كان وزير النفط في عام 2014.
وتابعت الوثائق، أنه لكن لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيسًا للوزراء دون مباركة إيران، وكان السيد مهدي عندما حصل على رئاسة الوزراء في عام 2018، ينظر إليه كمرشح توافقي مقبول لدى كل من إيران والولايات المتحدة.
وتشير الوثائق أيضًا إلى أن ايران بدأت في التوغل في الداخل العراقي منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، وسقوط بغداد، حيث حول وقوع بغداد والعراق إلى بوابة للقوة الإيرانية، من أجل أن تهيمن إيران على صناعة النفط من شواطئ الخليج العربي إلى البحر الأبيض المتوسط.
كما تؤكد تقارير الاستخبارات الإيرانية، أن كلا من واشنطن وطهران لهما مطامع كثيرة في العراق، وكلا منهم يرسل جواسيسه لمعرفة ما يحدث في العراق، حيث وصفت الوثائق أن كلا من واشنطن وإيران يستخدمان العراق منطقة لإطلاق "ألعاب التجسس"، بينما أوضحت الوثائق أن إيران في كل منعطف تقريبًا في العراق تتفوق على الولايات المتحدة في المنافسة على النفوذ.
أضافت الصحيفة أنها عندما حاولت الاتصال مع مسئولين من الحكومة الإيرانية للتعليق على أمر الوثائق، لكنها لم تصل لأحد، ولكن حسن دانييفار، سفير إيران في العراق من 2010 إلى 2017، ونائب قائد القوات البحرية للحرس الثوري سابقًا، قال بشكل غير مباشر، إن إيران لديها اليد العليا في جمع المعلومات في العراق، قائلًا: "نعم، لدينا الكثير من المعلومات من العراق حول قضايا متعددة، خاصة حول ما كانت تفعله أمريكا هناك".
وتابعت الصحيفة: "كانت زراعة المسؤولين العراقيين جزءًا أساسيًا من عمل الحكومة الإيرانية، وقد سهلت التحالفات التي أقامها العديد من القادة العراقيين مع إيران، عندما كانوا ينتمون إلى جماعات معارضة تقاتل صدام حسين، العديد من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين في العراق أقاموا علاقات سرية مع طهران، وفقًا للوثائق".
وأكد محلل سياسي، ومستشار في شؤون العراق للحكومة الإيرانية، غيس غريشي، أن إيران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، وقال: "لدينا عدد كبير من الحلفاء من بين القادة العراقيين الذين يمكن أن نثق فيهم".