رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفاجأة: صحفي مصري حكم مقاطعة في اليونان 3 أيام.. وهذه قصته

 الصحفي سمير شوقي
الصحفي سمير شوقي

ذكرت مجلة الإتنين والدنيا في عددها رقم 735 أن هناك صحفيا مصريا حكم سالونيك لمدة 3 أيام، والحكاية جاءت كالتالي:

كان الصحفي سمير شوقي يرافق الأسطول الحربي المؤلف من سبعين سفينة إنجليزية ويونانية بصفته مراسلا حربيا لوكالة"يونايتد برس"، وكانت وجهة الأسطول ميناء "بيروس" اليوناني لإقصاء الألمان عن اليونان عام 1944.

واجه الألمان السفن في المياه اليونانية، وكانت النتيجة غرق إحدى عشرة سفينة، بمن عليها من رجال وعتاد، ووصلت بقية الأسطول للميناء حيث هبطت القوات المقاتلة، وبدأت زحفها على أثينا فاحتلتها، ولم تكن القوات الألمانية قد استسلمت بل تراجعت قرابة الـ 50 كيلو مترا عن العاصمة، استعدادًا لمعركة فاصلة.

وفي خلال ذلك عهد إلى فرقة كوماندوز قوامها 300 رجل للقيام بمهاجمة العدو من الخلف، ورافق هذه القوة الصحفي المصري سمير شوقي، وجون نيسكون مندوب الإذاعة البريطانية.

واستمرت المعركة قرابة 20 يومًا، ورجال الكاوماندوز يواصلون مهامهم خلف خطوط الألمان، بينما تواصل قوات الحلفاء الهجوم عليهم وردهم، وتقهقرت القوات الألمانية والكوماندوز في أعقابها، حتى وصلوا إلى يوغوسلافيا والتقوا المارشال تيتو.

وعلم المراسلان الحربيان من مصدر موثوق أن الألمان شرعوا في الانسحاب من مقاطعة "سالونيك" اليونانية، فاستقر رأيهما على السفر إلى هناك بالسيارة ليسبقا قوات الحلفاء التي ستحتلها بعد الانسحاب، وكان ان اتفقا مع بعض السكان ليعاونوهم على استئجار سيارة والتسلل من خطوط الألمان في الطريق إلى "سالونيك".

وتمت الخطة بنجاح وقطعت بهما السيارة 500 كيلو حتى وصلا إلى "سالونيك" في الساعة الثالثة صباحًا، ولم يكن قد مضى على انسحاب الألمان سوى نصف ساعة، وبدت المدينة خاوية على عروشها، وطرق الصحفيان باب أحد المنازل وطلبا من اصحابه أن يستضيفوهما حتى الصباح، ولكن أصحاب المنزل أخذوا ينظرون إليهما بعين الشك، لأنهما يرتديان ملابس قوات الحلفاء، ومن ثم أخذوا في استجوابهما والتحقق منهما، فتركا المنزل وطرقا باب منزل آخر، فوجداه مفتوحًا، فدخلا بسرعة، ولكن سرعان ما تراجعا حين وجدا أكثر من 18 جثة ملقاة بالداخل، والدماء تصبغ المكان، وكان نصف القتلى من الألمان والنصف الآخر من السكان، ولكنهما فكرا أن وجودهما في هذا البيت الملئ بالجثث هو أفضل شيء يمكن أن يفعلاه، وأخذا يتشاوران حتى قال شوقي "وجدتها.. وجدتها"، وقبل أن يستفسر زميل مهنته كان شوقي قد سحبه من يده وهو يجري حتى وصلا إلى "أوتيل ميديتيراتيه"، مقر القيادة الألمانية، فاقتحما المكان وكان خاليا من السكان، ولما بحثا في المطبخ عثرا على الكثير من المأكولات، فأكلا حتى شبعا، ثم استلقى كل منهما بجوار الآخر.

واستيقظ الاثنان على صوت هتاف مدوٍ وكان للجماهير التي تحتفل بخروج الألمان، وأطل المراسلان من النافذة فلم يكد السكان يرونهما في زيهما الخاص بالحلفاء حتى أخذا يهتفان إليهما ويحملانهما على الأعناق، وتراجع السكان إلى مقر القيادة الألمانية سابقا، وذلك لتحية الحاكم العسكري الجديد، ولم يجد المراسلان الحربيان سوى أن يقوم أحدهما بدور الحاكم العسكري والآخر بدور سكرتيره، وإلا ارتاب السكان في أمرهما وتوهما أنهما جاسوسان ألمان.

وهكذا تم تنصيب الصحفي سمير شوقي حاكما على "سالونيك" فجلس في مكتب القائد العام وعين زميله وكيلًا له، فاحتل الغرفة الخارجية وتمكنا لوكيل من صرف وفود المهنئين بلباقة، وظل الاثنان يترقبان وصول قوات الحلفاء حتى تتسلم منهما المدينة.

وحدث أن أرتفعت الضجة خارج مقر القيادة واستطلع القائد العام الخبر فوجد أن السكان أسروا جنرالًا ألمانيًا، وأنهم يريدون تسليمه للقائد العام المزعوم، فأمر شوقي بإحضاره ثم استبقى اثنين من السكان لحراسته واخذ في استجوابه، فعلم منه أنه عرض على الهر هتلر الانسحاب من اليونان قبل أن يكرهه الحلفاء على النسحاب، فما كان من شوقي إلا أن انقض عليه ولطمه على وجهه، واخذ يسبه بأقذع الألفاظ، وأمر بوضع الجنرال في السجن، وعقب ذلك توالت عليه مئات المشاكل التي تتطلب حلًا عاجلًا، مثل شئون التموين وتعيين موظفين لإدارة الأعمال التي كان يديرها قبل انسحابهم.

وكان شوقي يعمل ليل نهار ويسانده وكيله في إنجاز هذه الأعمال وفقا للظروف، وهما ينتظران وصول قوات الحلفاء بين ساعة وأخرى لإنقاذهما من هذا المأزق.

وظل الصحفي المصري حاكمًا على سالونيك ثلاثة أيام كاملة، ولم تكد تدخل قوات الحلفاء حتى طرح عنه هذا الحمل الثقيل هو وزميله وأخذا في الاستجمام بعيدا عن عناء السلطة.