رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صدور النسخة العربية لـ"المسير الأطول فى التاريخ" لـ جورج ميجان

جريدة الدستور

صدرت حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون٬ النسخة العربية لكتاب "المسير الأطول في التاريخ" للبريطاني جورج ميجان٬ بترجمة لــ زياد طارق٬ وراجعته وقدمت له د. هدى القضاة.

لم يُقر "ميجان" السفر بناقلة أو راحلة كما فعل الرحّالون العرب، أو في مركب كما فعل وقطع العالم في 80 يوما كما في رواية جون فيرن، بل قرر السفر مشيًا على الأقدام بشكل متواصل دون توقف من أقصى القارة الجنوبية من جزيرة تييرا دايل فويغو في تشيلي مرورا بالأرجنتين والبيرو وكولومبيا وبمنا وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندراوس والمكسيك والولايات المتحدة وما بين كل تلك البلدان من دول وحتى ألاسكا ليسجِّل اسمه في موسوعة جينتس.

وخلال ذلك تقول د. القضاة التي التقت به حينما زارها في عيادتها للعلاج وكان قادمًا لعمل إنساني في مخيم الزعتري إنه استغرق خلال رحلته سبع سنين، من العام 1977 إلى العام 1983.

وخلال ذلك بحسب د. القضاة استهلك 12 زوجا من الأحذية، وتزوج من صديقته اليابانية التي رافقته في جزء من الرحلة، ورزق بولدين.

وفي الكتاب الذي يقع في نحو 450 صفحة من القطع الكبير، وصدر أول مرة عام 1988 باللغة الإنجليزية ليترجم للغة اليابانية والإيطالية.

وخلال رحلته التي التقى فيها الرئيس الأمريكي وقتذاك جيمي كارتر، لا يتوقف ميجان عند الصعوبات التي واجهها في رحلته التي بدأها وهو لا يملك إلا قليلا من المال وكثيرا من العزم والإصرار رغم تحذير الكثير من الأصدقاء ورجاء والدته.

وخلال الرحلة وبسبب هيئته نتيجة السفر وعثائها، فقد قوبل بالشك من مواطني البلدان التي زارها، ولكنه في المقابل يثني على الناس البسطاء الذين كانوا يقدّمون له المساعدة، ويسجل على امتداد مسار الرحلة إعجابه بالهنود الحمر الذين يسكنون المناطق الجبلية في غالبية البلدان التي مر بها، ويصف فقرهم وبعض طقوسهم، ومنها رفض بعض الشعوب الهندية الموافقة على التقاط صور لهم لأنها تسرق أرواح الناس حسب معتقداتهم.

ويصف في أكثر من مرة تعرضه للقتل أو السلب، ولكن المهم في الرحلة تصويره لحالة الناس في أمريكا الجنوبية التي تعاني من الفقر وانتشار الاستبداد وارتفاع نسبة الأمية.

رحلة ميجان في الأمريكيتين ليست الأطول وحسب، ولكنها الأغرب بما تصف من تضاريس ومناخات متقلبة ومزاجات وعادات متباينة للناس في كل بلد، وهي ليست رحلة رومانسية، بل كانت رحلة شاقة وصعبة لأنها تتطلب حمل الطعام والماء بحساب دقيق بين الحاجة للشرب والأكل والمقدرة على متابعة المسير دون زيادة الوزن، وللقارئ أن يتخيل عدد اللغات التي كانت تختلف من بلد إلى آخر، واختلاف العملات والسياسات والأزياء والأطعمة التي لم يعتدها ميغان، الذي كان ينام في العراء وأحيانا في بيوت المشردين لتوفير كلف الرحلة التي أنجزها.

قد يتساءل القارئ عن جدوى مثل هذه الرحلة التي قطع خلالها ميجان 30608 كيلو مترا في 2524 يوما، في 41 مليون خطوة والإجابة الحقيقية التي ظلت تتردد في رأس المؤلف أن الإنسان الذي يراه يعتقد أنه بذلك يحقق حريته، الحرية التي يتخفف فيها من كل شيء لمصلحة طموحه في أن يعرف العالم ويحقق المسير الأطول، ولكنه يدرك في الوقت نفسه أنه كان أسير طموحه.