رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"تحرش جامعي".. كيف تدهورت العلاقة بين الطالب والأستاذ

جريدة الدستور

"قف للمعلم ووفه التبجيلا" تلك المقولة تربينا عليها منذ الصغر، لتؤكد لنا قيمة الشخص الذي يكرس وقته وجهده لنقل معلومة تفيد أجيال قادمة، إلا أن تلك المقولة تتعرض للانتهاك بسبب بعض الأفعال التي تصدر من قبل أساتذة جامعيين ضد الطلبة، كذلك ردود أفعال بعض الطلبة ضد أساتذتهم.

وكان آخرها، انتشار فيديو يعرض مشادة كلامية بين طالبة بجامعة طنطا وعميد كلية الحقوق بالجامعة، انتهت بتوعد الطالبة للأستاذ بألفاظ مثل "حاوريك"، "إنت مش عارف أنت بتكلم مين"، وتوجيه الأستاذ لها كلمات تحمل إيحاءات جنسية.

وكانت المشادة بين الطالبة والأستاذ الجامعي، حسبما وضحها، وليد العشري، المتحدث الرسمي باسم جامعة طنطا، بدأت بعد أن تحدثت الطالبة بالهاتف المحمول أثناء المحاضرة، مما أدى إلى اعتراض الأستاذ الجامعي طالبًا منها التوقف عن الحديث ليفاجأ بردها بشكل غير مقبول مما دفعه إلى تكرار الطلب وتكرار الرد غير اللائق، ما أدى إلى طلبه منها تسليم الكارنيه والخروج من المحاضرة ليتوالى المشهد الهزلي السابق عرضه بين الطرفين.

"الدستور" في السطور القادمة استعرضت أسباب تراجع هيبة الأستاذ الجامعي عند بعض طلابه، وتدهور العلاقة بينهما إلى هذا الحد من خلال التواصل مع طرفي المنظومة الجامعية الطلبة والأساتذة الجامعيين.

"دكتور الجامعة يعد بمثابة رئيس جمهورية المادة التي يدرسها"، كلمات أحمد علي، طالب بعقده الثاني بكلية العلوم، موضحًا أن الأستاذ الجامعي له الحق في التسبب برسوب أي طالب يختلف معه، ولا رقيب عليه سوى ضميره فقط، مشيرًا إلى أن القانون يمنحه هذه الصلاحيات.

ويتابع "علي" لـ"الدستور"، عن طريق تلك الصلاحيات يقوم بترهيب الطلبة وإثارة الخوف داخلهم، كما تسمح له أيضًا باستخدام ألفاظ كما يحلو له، وأي طالب يحاول الاعتراض على تصرفات الأستاذ الجامعى يكون مصيره الرسوب في المادة، معلقًا: "الطالب لو اعترض على حاجة قالها الدكتور، ممكن الدكتور يحطه في راسه، وممكن فيها يشيل الطالب المادة سنين".

والتقط منه أطراف الحديث، محمد أحمد، الطالب بالفرقة الأولى كلية آداب علم نفس، أن هناك العديد من الوقائع التي تشهد على وقائع فساد أساتذة الجامعة، مثل وقائع تحرشهم ببعض الطالبات، وهو الأمر الذي كان لا يصدقه الكثيرون لكونه يصدر من مثل هذه الفئة التي احتلت أعلى المكانات العلمية لولا حدوثه بالفعل، ما أدى إلى فصل هؤلاء الأساتذة عن العمل نهائيًا قائلًا: "كان في دكاترة بيتحرشوا بالبنات، ويحاولون ابتزازهم وإجبارهم على الدروس الخصوصية مقابل نجاحهم في الامتحانات".

في شهر أبريل الماضي، قام "إ. ر"، أستاذ مادة العقيدة بكلية التربية بنين بجامعة الأزهر، بإجبار الطلاب الراسبين في مادته لعدة سنوات، على خلع ملابسهم بالكامل أمام زملائهم مقابل اجتياز مادته التي تم الرسوب فيها، ما نتج عنه استياء بعض الطلبة الآخرين، وتصويرهم له أثناء قيامه بهذا الأمر، ما أدى إلى قرار الكلية بوقفه عن التدريس، ومنعه من وضع أسئلة الامتحانات لحين انتهاء التحقيقات معه.

في مايو 2017، ظهرت ماريان هاني، الطالبة بالفرقة الثانية بكلية التجارة وإدارة الأعمال جامعة حلوان، في أحد البرامج الفضائية أيضًا لتكشف عن محاولة أحد المراقبين التحرش بها لفظيًا أثناء أدائها لامتحان الموارد البشرية، وانتهت بنعت عميد الكلية لها بـ"المريضة النفسية"، إلا أن رئيس الجامعة استنكر هذا الأمر ووعد بمحاسبة المسئولين.

معتز محمد، 25 عامًا، طالب بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، يروي إحدى وقائع تعنت أساتذة الجامعات مع الطلبة، فقد تعرض عقب اختلافه بالرأي مع أحد الأساتذة الجامعيين إلى تهديد ووعيد من قبل هذا الأستاذ الجامعي بأنه سيظل حبيس الدراسة بالكلية، ولا يمكنه التخرج منها، وبالتالي لا يستطيع الحصول على شهادة التخرج.

ويؤكد "محمد"، في حديثه مع "الدستور"، أن هذا الأمر حدث معه بالفعل، حيث تعمد الأستاذ الجامعي رسوبه كل عام بمادته، لذا فهو يعمل الآن بعمل خاص به لا يحتاج لتقديم شهادة تخرج.

كريمة حامد، الطالبة بكلية آداب علم نفس جامعة سوهاج، أنها تعرضت للتحرش من قبل أحد أساتذة الجامعة بكليتها، أثناء حضورها لإحدى الدروس الخاصة لديه مع عدد من الزملاء، إلا أنها لم تستطع الشكوى أو الإفصاح، خوفًا من نتائج هذا الفعل التي لا تعلمها، والتي قد تمسّ  سمعتها هي في حال لم يصدقها أحد فاكتفت بالصمت، والخروج من الاشتراك بالدرس الخصوصي بهذه المادة متعللة بظروف مادية قهرية.

في 22 مايو 2016، شهدت كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، واقعة تحرش من قِبَل الدكتور جلال محمد، الأستاذ بقسم الجرافيك، الذي اشتهر بينهم باسم "الدكتور المتحرش"، حيث اتهمته طالبات الكلية بالتحرش بهن أثناء المحاضرات وعن طريق الرسائل الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، أيضًا محاولة لمس أجسادهن أثناء المحاضرات، ومن المنشورات التي نشروها عنه.

كل من الطالب والأستاذ الجامعي كثيرًا منهم تناسوا قيمة الحرم الجامعي، وذلك حسبما ترى أسماء قدرى، طالبة في جامعة القاهرة بالفرقة الثالثة، كاشفة بذلك عن تحمل الطرفين لمسئولية الأخطاء داخل حرم الجامعة.

أما عن علاقة الطلبة والأساتذة، فتتابع قائلة إنها علاقة منفعة فقط، مؤكدة أن هناك من الأساتذة الجامعيين الذين يدخلون "المدرج" ليرددون بعضًا من أجزاء المنهج دون النظر لمدى استيعاب الطالب كوسيلة لإجبار الطلبة على اشتراكهم بالدروس الخصوصية لديهم.

الدكتور زكي البحيري، أستاذ التاريخ بجامعة المنصورة، يعلق على ذلك بأن أسباب تدهور العلاقة بين الطالب والأستاذ الجامعي، هو الخلل القائم في العلاقة بين الطالب ومُعلمه منذ وجوده بالمرحلة الثانوية وما قبلها، والتي اعتمدت على المصالح المادية فقط بينهما من خلال الدروس الخصوصية، ليستمر الحال كذلك معهم بالمرحلة الجامعية التي لم تخلُ  أيضًا من الدروس.

وأكد "زكي"، في تصريحاته، أن الحال لم يختلف مع الأستاذ الجامعي، والذي اعتمد على ما يتحصل عليه من أموال نظير الدروس الخصوصية للطالب، وكذلك أموال بيع كتبه للطلبة، غير عابئ بأي من علاقات الودّ التي بينه وبين الطالب، كذلك غياب المفهوم الأخلاقي والثقافي عند عدد من الأساتذة الجامعيين وسيطر عليهم الطابع الأكاديمي فقط.

بالإحصائيات الأخيرة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، هناك نحو 2.85 مليون طالب مقيد بالجامعات والمعاهد العليا والأكاديميات.

الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الجنائي، يؤكد في تصريحات له، أنه في حال ثبوت اتهام الأستاذ الجامعي بالتحرش فهذه جريمة جنائية، وعقوبتها تبدأ من الحبس وتختلف حسب رؤية النيابة ويجب أن يُثبت عليه تهمة الإيقاع بأنثى دون رضاها.