رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خريف البهجة فى روسيا البيضاء


السينما تعنى البهجة. فمن أجل البهجة نصنع أفلامًا، من أجل البهجة ننظم مهرجانات، من أجل البهجة يجوب الكثيرون العالم، بحثًا عن حياة أفضل، فالسينما أحد أسباب السعادة الرئيسية فى الحياة بل ومن مسببات البهجة ومضادة حتمًا للاكتئاب وتناهض الحروب وكل قبيح منتصرة دومًا للجمال ولشتى أنواع المباهج، وهذا ما فعلته وتفعله سنويًا مدينة Minsk عاصمة روسيا البيضاء، التى تنظم مهرجانًا سينمائيًا سنويًا منذ ٢٦ عامًا من أجل التلاقى وإشاعة البهجة فى الأرواح والقلوب.
لقد آمن القائمون على تنظيم المهرجان منذ ٢٦ عامًا بالسينما وسحرها الأخاذ ونجحوا فى الانتصار لها وبها، ومستمرون بل مصرون على تحقيق ذلك الانتصار لأنفسهم وبلادهم ومن يأتى إليهم، فالانفتاح على الآخر وعشق السينما يظهران على وجوه المنظمين وتلمسهما أيضًا مع الحضور، المدينة تبتهج سنويًا فى الخريف.. والفاتح من نوفمبر هو موعد المهرجان واسمه «listapad» الذى يعنى بلغة روسيا البيضاء الخاصة جدًا، التى يعتزون ويفتخرون بها، «شهر نوفمبر» الذى يؤرخ لبداية الخريف وبداية البهجة التى تتزامن عادة مع افتتاح المهرجان ومشاهدة أفلامه، أكثر من ١٥٠ فيلمًا شارك فى دورة المهرجان الـ٢٦ لهذا العام، وعقدت له ٧ مسابقات و٧ لجان تحكيم راعت الاهتمام بالأطفال والشباب وتشجيع إنتاجاتهم.
إنه مهرجان المدينة والعاصمة الأكبر والأوسع، الذى قد يقسم فى بلدان أخرى ربما لسبعة مهرجانات.. فالمهرجان يحوى بين طياته مسابقة للفيلم الروائى الطويل والفيلم التسجيلى وأفلام الأطفال وقسمًا خاصًا بالشباب وما ينقصه فقط هو مسابقة للفيلم القصير، والذى يستحق حتمًا الاهتمام به. لقد ناضلت مدينة minsk طوال تاريخها ضد المعتدى وكانت روسيا البيضاء فى العموم منارة للعلم والعلماء فى زمن الاتحاد السوفيتى.
أما الآن فهى عاصمة الفن والسينما فى روسيا البيضاء، التى تحتفى بالثقافة وبالمستقبل.. والمستقبل يعنى دومًا الشباب وخلق جيل جديد من أطفال وشباب اليوم وإعدادهم للغد الواعد. مهرجان minsk مهرجان مخضرم يضج بالحياة وتجدده سنويًا تلك الدماء الجديدة التى تضخ إليه.. والإنتاجات والإبداعات الشبابية التى تأتيه من مختلف دول العالم.
فى minsk هناك دومًا وجبة دسمة ومتنوعة من الأفلام والإنتاجات فى انتظار رواد الفن السابع، وهذا ما تستقبله أيضًا لجان تحكيم المهرجان، التى يراعى فيها سنويًا التنوع الجغرافى والتعددية الثقافية، التى أعطت ثقلًا ولونًا خاصًا ومميزًا للمهرجان شديد الدقة والمصداقية والاحترافية والتنظيم، بفضل عقول مثقفة واعية وشباب ينتمى للجيل الجديد المنفتح على العالم، الذى يجيد التعامل مع الآخر ويتحدث عدة لغات ويستطيع تحمل عبء المسئولية والإدارة عن دأب وجدارة، محملًا بماضٍ عريق ويتطلع لمستقبل أفضل، وهذا ما دفع البلاد لتخطو خطوات جادة فى مجال صناعة الأفلام. فاحتوى المهرجان على عدة أفلام روائية وتسجيلية من بيلاروسيا، التى تزاحم على استحياء لتجد لنفسها موطئ قدم فى عوالم السينما، كما فعلت دولة مثل المغرب منذ عدة سنوات.
فالسينما هى القوة الناعمة، التى تمثل دومًا بلادها خير تمثيل ودورها لا يقل، بأى حال من الأحوال، فى أهميته عن الدور الذى تلعبه الخارجية فى تعزيز علاقات الوطن ببقية الأقطار،شعار المهرجان فى دورته الـ٢٦ يقول: «فلنبتهج»، وقد كانت حقًا البهجة هى العنوان الكبير لهذا الحدث السينمائى الضخم، بهجة أحاطت بالجميع وظهرت فى كل تفصيلة من تفاصيل المهرجان منذ لحظة افتتاحه بحفل بسيط أنيق غير زاعق خالٍ تمامًا من الخطب المطولة أو البهرجة، التى تعنى فقرًا فى حقيقة الأمر.
وللحديث بقية عن المهرجان وعن السينما، التى لن ينتهى الحديث عنها، فعمرها من عمر النور.