رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة المياه «2»..العاملون في محطة تحلية العلمين: نستخدم أقوى مواد التطهير.. والإنتاج يمر بـ4 مراحل

جريدة الدستور

شباب يحملون شهادات عليا لم ينتظروا الوظيفة الحكومية، ولم يتمسكوا بالعمل فى مجال دراساتهم أو فى مكان إقاماتهم، وقطعوا مسافات طويلة للعمل ضمن واحد من أهم المشروعات القومية. لكل منهم قصة تختلف عن الأخرى، لكنهم يتفقون جميعًا على حب الوطن، ويفخرون بكونهم يصنعون الحياة بالنظر إلى أهمية قضية المياه فى ظل عدم كفاية حصة مصر من مياه النيل لاحتياجاتها والتأثيرات السلبية لسد النهضة الإثيوبى. إنهم المهندسون والعمال المشاركون فى تشييد مشروع محطة تحلية المياه فى مدينة العلمين الجديدة، الذين أعربوا عن فخرهم الشديد بمشاركتهم فى مشروع قومى يعود بالنفع على كل الأجيال المقبلة، وليس الجيل الحالى فحسب.
وشدد المشاركون فى إقامة المحطة، خلال حديثهم مع «الدستور»، على أن المشروع لم يكن بالنسبة لهم مجرد عمل يتقاضون عليه مقابلًا ماديًا، لكنه كان بمثابة تحدٍ أثبتوا فيه كفاءتهم وقدرتهم على تجاوز أى صعوبات فى سبيل الوصول إلى الهدف.

مصطفى: معمل ضخم للتأكد من إنتاج مياه نظيفة 100%


قال محمد مصطفى، ٢٠ سنة، طالب فى معهد الألسن، ويعمل فنيًّا داخل معمل التكرير، إن جميع الاستشاريين يتابعون عملهم لحظة بلحظة، وموجودون داخل موقع العمل على مدار الـ٢٤ ساعة.
وأضاف «مصطفى»: «الهيئة الهندسية تقدم كل الوسائل اللازمة لإنجاز العمل داخل المحطة، من أدوات يتم استيرادها من الخارج، وخلافه».
وأشار إلى أن المحطة تحتوى على معمل ضخم لتحليل المياه، والتأكد من خلوها تمامًا من الجراثيم، مع توفير كل سبل التعقيم اللازمة للحصول فى النهاية على مياه نظيفة ١٠٠٪.

أحمد عرابى: أنجزنا مهامنا بجودة عالية فى ثلث المدة


يعمل المهندس أحمد عرابى، صاحب إحدى شركات تركيب خزانات المياه فى المحطة، فى مجال تحلية المياه منذ ٢٠ عامًا، وسافر إلى العديد من بلدان العالم التى تستخدم هذه التقنية، لكنه يعترف بأنه لم يجد مثل محطة تحلية مياه العلمين، فى الضخامة وجودة الأداء. وقال «عرابى» إن الهيئة الهندسية طالبت بالسرعة الهائلة فى تنفيذ المشروع، مع الالتزام بتحقيق أعلى معايير الجودة، وهو ما حدث بالفعل، إذ استغرق العمل داخل المحطة عامًا واحدًا، فى حين أن معدلات العمل داخلها تحتاج إلى ٣ أعوام بشكل كامل، أى ما يعنى أن تنفيذها استغرق ثُلث المدة الطبيعية فقط. وعن التقنيات الحديثة التى تتميز بها محطة العلمين، ذكر أن «المحطة زودت بخاصية إعادة تدوير مياه البحر بعد تحليتها، من خلال أنابيب مخصصة لذلك، بهدف الوصول إلى أقل نسبة هدر للمياه». وأشار كذلك إلى استخدام المحطة أنقى وأقوى مواد التحلية وتطهير المياه، مثل «الأوزون»، و«جاس كولوريد» المعروفة بـ«الكلوروجاس»، و«u.v» المعروفة بقدرتها الهائلة على قتل البكتيريا الموجودة فى المياه والقضاء عليها تمامًا، مضيفًا: «المياه التى تنتجها المحطة تمر على ٤ مراحل للتنقية على مدار ٢٤ ساعة يوميًا، لذا هى صالحة تمامًا للشرب». والمحطة لا تخدم منطقة العلمين فقط، ومن المقرر خلال المرحلة الثانية لعملية تشييدها زيادة إنتاجيتها إلى ٢٥٠ ألف متر مكعب، حسب «عرابى»، مختتمًا بقوله: «إنجاز العمل فى محطة العلمين يفتح الباب أمام العديد من الاستثمارات، نظرًا لتوافر عامل من أهم مقومات البنية الأساسية وهو المياه الصالحة تمامًا للشرب، التى تعد من أكثر المقومات التى يبحث عنها أى مستثمر، بجانب توافر الطاقة الكهربائية».


سعد: نسكن فى «فيلات».. طباخون متخصصون لإعداد الطعام.. والتنفيذ دون عيوب

قدم عبدالرحمن سعد، ٢٤ عامًا، من حى «حدائق القبة» فى القاهرة إلى مدينة العلمين، للالتحاق بالعمل فى تشييد محطة تحلية مياه العلمين الجديدة، معتبرًا أن مشاركته تلك «شرف كبير»، رغم ابتعادها عن مجال الدراسة الذى تخصص فيه.
وأوضح الشاب الحاصل على بكالوريوس نظم ومعلومات، ويعمل مشرفًا على تنفيذ التركيبات فى المشروع: «فضّلت العمل فى مجال التركيبات عن العمل فى مجال شهادتى لهوايتى له، فهو عمل وحرفة فى نفس الوقت».
وشدد على عدم ممانعته العمل فى هذا المجال، الذى يعتبره كثيرون شاقًا، فضلًا عن بعده عن مجال دراسته العليا، واستغنائه فيه عن العمل داخل محافظته، والسفر مسافات طويلة إلى العلمين، معقبًا بقوله: «لم أجد ما يعيب العمل فى أى مكان، حتى لو كان بعيدًا عن مجال الدراسة».
وأضاف: «الشغل مش عيب، ويكفينى فخرًا عملى فى واحد من المشروعات القومية المهمة التى ستدر عائدًا على البلاد، وكثيرًا من الخير والتنمية، فضلًا عن مساهمته فى توفير عائد مادى مناسب لى يؤهلنى للزواج وبناء أسرة قريبًا».
وعن ظروف العمل داخل المحطة، قال «عبدالرحمن»: «المشروع كان يمثل تحديًا صعبًا لإنجازه فى الوقت المحدد له من قبل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التى دفعتنى وشجعتنى أنا وزملائى على بذل أقصى جهودنا، والعمل كثيرًا لفترات متواصلة لتحقيق الهدف».
وواصل: «الهيئة الهندسية، بالتعاون مع شركات المقاولات المختلفة، وفرت كل الظروف المناسبة لجميع طاقم العمل، والتى من شأنها تحقيق كل عوامل الراحة والتهيئة لإنجاز عمل لا يتضمن أى عيب».
وأوضح: «الهيئة الهندسية، وشركات المقاولات، وفرتا فيلات كبيرة وفاخرة كسكن لنا، وضمت الفيلا الواحدة ٢٠ فردًا، بجانب توفير طباخين مخصصين لطهو الطعام لجميع العمال والمهندسين، فضلًا عن توفير وسائل العلاج المجانية أيضًا لعلاج أفراد طاقم العمل عند حدوث أى إصابة».
واختتم: «فخور بالانضمام إلى هذا المشروع الضخم، وترك بيتى وأهلى فى سبيل تحقيق ذاتى بالعمل داخل هذه المنظومة».

ناجى: أغلبنا مؤهلات عليا والرواتب «مجزية»

محمد ناجى، ٢٢ سنة، ابن محافظة القاهرة، وتحديدًا حى «الزاوية الحمراء»، خريج بكالوريوس نظم ومعلومات، ويعمل داخل المحطة فنى تركيب خزانات.
وقال «ناجى»: «أغلبنا حاصلون على شهادات دراسية عليا، وهذا يساعدنا كثيرًا فى إنجاز العمل بحرفية ومهنية شديدة»، مشيرًا إلى أن والديه شجعاه على العمل فى مثل هذه المشروعات لما عرفاه عنها من كونها مشروعات قومية لها أهمية على نطاق الدولة بأكملها، معقبًا بقوله: «أهلى فخورون بى».
وأشار إلى أنه قرر، بعد تخرجه فى الكلية، خوض دورات تدريبية فى إحدى الشركات الكبرى المتخصصة فى تركيب خزانات المياه وتحلية مياه البحر لإتقان العمل فى هذا المجال، وهو ما أهله بعد ذلك لثقة كثير من تلك الشركات به، وبالتالى التحق للعمل فى شركة ضمن شركات تعاقدت معها الهيئة الهندسية لتكون واحدًا من المساهمين فى محطة تحلية مياه العلمين الجديدة.
وأضاف «رغم سنى الصغيرة، استطعت جمع عائد مادى كبير جراء عملى فى مثل هذه المشروعات، فى ظل توفير مشروعات الهيئة الهندسية أجورًا ورواتب مميزة ومجزية لجميع العاملين، ما يشعرهم بالرضا أثناء العمل، ويدفعهم لإنجازه بنتائج تفوق عملهم مع أى مؤسسات أخرى».


محمد عرابى: الخامات عالمية.. والعمل 24 ساعة عبر 3 ورديات


إلى جانب شقيقه «أحمد» يعمل المهندس محمد عرابى، مدير تركيبات داخل المحطة، التى يصفها بقوله: «لم يسبق لوجودها مثيل فى مصر، بل وفى العديد من البلدان الأخرى».
وأوضح «عرابى» أن أغلب المواد التى استخدمت فى المحطة من أجود الماركات العالمية المعتمدة دوليًا، وفى مقدمتها خزانات المياه التى تعرف بـ«تانكات GLS» النمساوية ذات الجودة العالية، وكذلك باقى أجزائها، كما أن الأدوات المستخدمة فى العمل من أصلب الأدوات، وأكثرها جودة عالميًا.
وكشف عن أن ورديات العمل داخل المحطة متواصلة على مدار ٢٤ ساعة، وذلك بتقسيمها إلى ٣ ورديات، تبدأ من الثامنة صباحًا، مضيفًا: «إتمام العمل فى المحطة يمثل إنجازًا حقيقيًّا تم بأيادٍ مصرية وبطاقة عمالية كبيرة، ظلت تعمل دون كلل أو تراخٍ».
وأشار إلى الدفع بعدد كبير من العمال يصل إلى ٢٠٠ عامل من شركة واحدة، وهو عدد ضخم مقارنة بالعدد الذى يحتاجه إنشاء أى محطة تحلية، وسط تعاون كبير بين العديد من شركات المقاولات فى نفس الوقت، وتعاون مع بعض مديرى الإشراف الأجانب الإسبان، التابعين لشركة «أكواليا» الإسبانية القائمة على تصميم المحطة، منوهًا بأن مهندسى المواقع والعمال جميعًا من الشباب المصريين. وعن أبرز الصعوبات التى واجهت طاقم العمل داخل المحطة، قال «عرابى» إنها تمثلت فى ظروف الطقس السيئة فى بعض الأحيان داخل مدينة العلمين، موضحًا أن «هبوب رياح شديدة أثناء العمل، خاصة وقت تركيب الأسقف الألومنيوم لخزانات المياه الرئيسية على ارتفاعات كبيرة، مثل بعض الخطورة على عمال التركيب، لكن الشركة، وبالتعاون مع الإدارة الهندسية، وفرت جميع سبل الأمان الممكنة لتفادى أى خطورة على العاملين، وهو ما حدث بالفعل، فلم تقع أى أضرار».
وأشاد بالهيئة الهندسية، التى سبق أن اشترك معها فى العديد من المشروعات التى أشرفت عليها، مشددًا على أن العمل معها يتسم بالجدية والالتزام، ويهدف إلى تحقيق أعلى معدلات الجودة بأسرع وقت ممكن.
وأشار إلى توفير الهيئة جميع الإمكانيات اللازمة للعمال والمهندسين، وعلى رأسها الأجور والرواتب المجزية، بجانب السكن الملائم لهم، بل وتوفير «شيفات» لطهو وتقديم الوجبات، ضمانًا لتفرغهم الكامل لممارسة العمل فقط، وتحقيق سبل الراحة لهم.


سمير: أزور أهلى مرة كل أسبوعين.. و«الغربة تهون»

يعمل زياد سمير، ابن محافظة الدقهلية، الحاصل على بكالوريوس التجارة، ويبلغ ٢٣ عامًا، فنى تركيب أسقف خزانات المياه فى المحطة، وذلك من الثامنة صباحًا إلى السادسة مساءً، ورغم ذلك يرى أن العمل داخل المحطة ليس شاقًا على الإطلاق، بل عملًا مميزًا أفاده بالكثير من الخبرات. وقال «سمير»: «ساعات العمل الطويلة تهون عندما أشعر بأهمية هذا المشروع الذى أفخر بانضمامى لمنفذيه، وأتمنى أن أستمر فى مجاله وأتطور فى عملى به». وأضاف: «كلنا أردنا إنجاز إتمام المحطة ليس فى الموعد الذى حددته الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة فقط، بل كان لدينا استعداد لتنفيذه قبل هذا الموعد، لإيماننا بقيمة هذا المشروع الضخم، ومساهمته فى استغلال مساحات شاسعة من صحراء مصر وتعميرها، وجذب الاستثمارات إليها من بلدان العالم كافة، وإتاحته حياة أفضل لجيلى وللأجيال المقبلة».
وشدد على أنه شخصيًا لم يشعر بالغربة نتيجة بعده عن أهله، لأنه يسافر إليهم مرة كل أسبوعين، كما أنه يعيش فى ظروف تهيئه للتفرغ الكامل للعمل، بل وإتقانه على أكمل وجه.
واختتم: «المحطة كغيرها من المشروعات القومية الكبيرة وفرت العديد من أبواب الرزق لأعداد كبيرة من الشباب الطموحين الذين يبحثون جديًا عن فرص للعمل الشريف»، ناصحًا الشباب جميعًا بالتوجه للعمل داخل مثل هذه المشروعات لخدمة الوطن، وكذلك تحقيق النفع لهم ولأسرهم.