رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضرب تلميذ.. وشد شعر تلميذة


انتشرت فى مدارسنا مشاهد مخجلة لا ينبغى أن تمر مرور الكرام، أو أن يتم تجاهلها من جانب وزير التربية والتعليم، أو أن تغلق ويتم نسيانها، وكأنها لم تكن، لأنها تخص أهم مكان بعد البيت لتربية وتوجيه الأبناء وإعداد أجيال مستقبلية لبلدنا، آخر السلوكيات المؤسفة التى يمكن أن تشوه عملية التعليم فى مصر أنه يتم توظيف مُدرسين فى المدارس التابعة للحكومة دون اختبار أو إعداد أو كفاءة أو متابعة لما يمارسونه بعد ذلك مع الطلبة.
من أسوأ ما حدث مؤخرًا هو ما اقترفته مُدرسة فى مدرسة ابتدائى، حيث ضربت تلميذًا ووبخته، لأنه صحح لها خطأً فى اللغة العربية أثناء الحصة.. ولم تستمع إليه أو إلى تصحيح خطئها، وكل ما ردت به صفعة على وجهه الذى عاد إلى والده يروى له ما فعلته به المُدرسة فى الفصل وأمام زملائه من إهانة كرامته رغم أنه لم يخطئ، بل هى التى أخطأت.
فلما راجع والد التلميذ الموقف وجد أن المدرسة كانت فعلًا مخطئة، وأن ابنه على صواب، والاستنكار أن يتم ضرب ابنه بلا ذنب اقترفه.. وتقدم والد التلميذ بشكوى إلى المنطقة التعليمية، حيث إن مديرى المدرسة لم يجازوا المُدرِسة، ولم يتم أى رد لكرامة ابنه فى المدرسة، وكأن الضرب قد أصبح مستباحًا ومباحًا ومقبولًا.. والحقيقة أننا ننتظر نتيجة تحقيقات المنطقة، ومن الممكن طبعًا أن يتم ترهيب التلاميذ حتى لا يشهدوا بما حدث من اعتداء علنى على تلميذ مجتهد، كل ذنبه أنه صحح خطأ كان متأكدًا منه.. واتبع عبارة تعلمناها من العلماء السابقين تقول: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
وإننى هنا أتساءل: أى تعليم هذا الذى يجعل طفلًا يُصْفع لأنه تكلم وقال كلمة حق يعتقد أنه صححها؟ أى رسالة تقوم بها هذه المُدرسة التى تستخدم العنف لإسكات كلمة حق قالها تلميذ؟.. أى مدرسة هذه التى تبيح ضرب تلميذ صغير قد يصاب بعقد نفسية نتيجة إهانة كرامته أمام زملائه بلا ذنب اقترفه.
أعتقد أن مثل هذه الممارسات العنيفة لا بد أن يقابلها المجتمع بالرفض، وأن تقوم إدارة المدرسة أو الناظر بالاعتذار العلنى للتلميذ وأمام الجميع، وأعتقد أن هناك مادة فى قانون الطفل المصرى تعاقب على استخدام العنف ضد الطفل.
إن نظرة من وزير التربية والتعليم على ما حدث من اعتداء على تلميذ داخل الفصل ضرورة، وواجب وجزء من مسئولية الوزير أن تتم متابعة ما يحدث من أخطاء وتصحيحها والتأكد من سلامة العملية التعليمية داخل مدارسنا.
أما الواقعة الثانية فهى حدثت فى مدرسة للبنات، حيث قامت مُدرسة بشد شعر تلميذة بقوة وبقسوة فى طابور الصباح على مرأى ومسمع من كل المدرسة.. وقبلها أيضًا رأينا مدرسًا يضرب تلميذًا صغيرًا بالمسطرة بقوة وبقسوة على أصابعه، والتلميذ يبكى ألمًا دون أن يأبه بذلك المدرس.
إننا أمام حالات عنف مرضى وممارسات عنيفة يقوم بها المعلمون مع التلاميذ الصغار فى مدارسنا.. وأظن أنه قد حان الوقت لوضع ضوابط للعملية التعليمية ولسلوكيات كثير من المعلمين غير المؤهلين الذين لا يصلحون لمسئولية التدريس للتلاميذ.. ولا يصلحون للقيام برسالة التعليم.
هناك أصول وقواعد للتدريس، وعلاقة تقوم بين التلميذ والأستاذ قد تشكل شخصية التلميذ فى حياته المستقبلية، فيصبح رجلًا سويًا، أو قد تجعله رجلًا سيئًا أو مصابًا بمرض نفسى، وقد يتحول إلى تلميذ انطوائى كاره للمدرسة ولزملائه وللدراسة وللتعليم أساسًا.. هناك أخطاء تتم جهارًا نهارًا فى داخل أروقة مدارسنا، وهى ممارسات عنيفة وخاطئة ينبغى أن يتوقف مسئول التعليم الأول فى مصر عندها لتصحيح مسارات التعليم.
إن من يريد تطوير التعليم وإصلاح ووقف تدهور بعض المدارس ستقابله أخطاء جسيمة، مثلًا هناك بعض المدارس ترغم الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب وإلا سيتم منعهن من دخول المدرسة وحرمانهن من التعليم.. التعليم ليس مناهج فقط، فهو تربية وتوجيه، والمعلم ينبغى أن يكون قدوة ونموذجًا فى حسن الأخلاق، وفى السلوكيات الراقية وليس العكس، هذا ما عرفناه وعايشناه فى سنوات دراستنا، وأسوق هنا بيت شعر لأمير الشعراء أحمد شوقى فى أهمية المعلم:
«قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا».
كتب شوقى هذه الأبيات فى زمن كان المعلم يدرك أن التعليم رسالة وشرف وعمل نبيل يبنى أجيالًا متعلمة وصالحة لمصر.. لكن الزمن تغير تمامًا الآن، ولم يعد كثير من المعلمين يدركون أن مسئوليتهم كبيرة، وأن من واجبهم أن يؤدوا رسالتهم على أكمل وأفضل وجه.