رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سد النهضة بين المماطلات ومقترحات الحل


منذ أن نشرت جريدتنا الغراء «الدستور» مقالى «سد النهضة والمماطلات الإثيوبية»، بتاريخ ٢٠ سبتمبر ٢٠١٩، ورسائل القراء تعكس اهتمامًا بمعرفة المزيد عن أسباب ومبررات وأهداف سياسة المماطلة التى تنتهجها إثيوبيا، والتعرف على تصور للحلول بعيدًا عن الاستدراج لخشونة قد توقع أضرارًا ربما لا تقل عن أضرار السد.. وكانت مشاركتى فى ندوة اللجنة المصرية للتضامن «الأفروآسيوى» يوم ١٣ أكتوبر الجارى بشأن الموضوع فرصة لإعداد تلك الورقة، التى حرصت على تضمينها ردودًا مختصرة حول تساؤلات القراء.
بداية ينبغى أن نضع فى اعتبارنا أن يكون التعامل مع السد باعتباره ضمن الخطة الإثيوبية المدعومة دوليًا لبناء سلسلة من السدود تصل إلى «٣٣» سدًا، تتحكم فى معدلات تدفق المياه إلى مصر.. هذه الحقيقة تؤكد أننا بصدد أزمة بالغة التعقيد تفرض حلولًا غير تقليدية، تستخدم فيها كل الوسائل والأدوات المتاحة، دون استثناء.
بعد ذلك نعرض لعشرة عناصر تجمع أسباب ومبررات وأهداف سياسات المماطلة الإثيوبية، قبل أن ننتهى بوضع تصور لمقترحات المواجهة.

ضعف مستوى التنسيق
إثيوبيا اعتمدت فى مماطلاتها على ما لمسته من ضعف فى التنسيق وتبادل المعلومات بين الجهات المصرية المعنية بالمتابعة.. إعلانها الرسمى عن افتتاح سد «تانا بليس» مايو ٢٠١٠ أثار أزمة كبرى، الجيش المصرى رفع درجة الاستعداد، والخارجية استدعت السفير للاحتجاج والاستفسار، والمخابرات تحركت للتأكيد والمتابعة، والرى كعادتها وقفت حائرة.. وفى النهاية تبين أن بناء السد استغرق ست سنوات!، وأن طاقته التخزينية بالغة التواضع «٧ مليارات متر٣».

وفد «الدبلوماسية الشعبية»
نائب سابق بمجلس الشعب، له مصالح فى شرق إفريقيا، نظم زيارة إلى أديس أبابا، ٢٩ أبريل ٢٠١١، بوفد ضم ٨٤ عضوًا، أطلق عليه وفد «الدبلوماسية الشعبية»، ينتمون لمختلف القوى السياسية والحزبية والشخصيات العامة وائتلاف شباب الثورة، لم يتساءلوا عن أهداف الزيارة؟! هل لاستنكار بناء السد؟! أم للمطالبة بضوابط تحول دون الإضرار بمصالحنا؟!.. قبول السد كأمر واقع كان جزءًا من أهداف فوضى يناير ٢٠١١.. وفى غياب التخطيط ضاع الهدف، ووظفت إثيوبيا الزيارة، وغطت الفضائيات والصحف العالمية صور تضامن الوفد مع قادة إثيوبيا، لتوحى بموافقة مصر على بناء السد!.

التوسعات السياسية للمشروع
المماطلات الإثيوبية استهدفت كسب الوقت، الذى تستغرقه التعديلات والتوسعات التى طرأت على تصميم السد.. المشروع اقترحته أمريكا، بطاقة ١٢ مليار متر مكعب ضمن أربعة سدود، للتحكم فى منابع النيل الأزرق، عقابًا لمصر على بناء «السد العالى» ١٩٦٤، ارتفعت عند وضع حجر الأساس ٢ أبريل ٢٠١١ إلى ١٤ مليارًا.. فى أغسطس ٢٠١٣ نظمت المخابرات الأمريكية اجتماعًا لعدد من أجهزة المخابرات الغربية، بقاعدة دارمشتات بألمانيا، لمواجهة ما سمّوه «الانقلاب فى مصر»، اتخذت خلاله مجموعة قرارات عقابية، من بينها بناء سد التحويط الركامى بطول ٥٠٠٠ متر، مع أن مثيله فى العالم لا يزيد عادة على ٣٠٠ متر، ما رفع سعته لـ٧٤ مليار متر مكعب.

تأصل الكراهية ضد مصر
حكام مصر الفراعنة أوفدوا بعثات إلى منابع النيل، وتحالفوا مع بلاد بونت «إريتريا والصومال» لتأمينها.. لكن محمد على باشا كان أول من أعدّ «تقدير موقف» لعلاقة المنابع بأمننا القومى، خلاصته أن «من يسيطر عليها يتحكم فى مصر»، أوفد حملة عسكرية بقيادة ابنه «إسماعيل» لبلوغها، لكنه استُشهد بعد ضم «سنار» و«كردفان».. الخديو إسماعيل استكمل فتح السودان، ووصل بحدودنا إلى منابع النيل، ضم البلاد المطلة على بحيرة فيكتوريا، وسيطر على ساحل البحر الأحمر، والمحيط الهندى، وأمّن مضيق باب المندب وخليج عدن، وحصل على اعتراف إنجلترا بذلك، ثم اتجه إلى عمق إثيوبيا، لكن إنجلترا تحالفت مع الدول الأوروبية لعزله، وأجبرت «توفيق» على الانسحاب.
الحملات العسكرية المصرية ذرعت بذور العداء لدى الشعب الإثيوبى تجاه مصر، وتلك حقيقة ينبغى أن يعقلها دعاة الحرب.. مصر فى كتب التاريخ التى تُدرّس لتلاميذ المدارس هناك هى العدو المركزى.. المدافع التى غنموها فى معركة «جوندت»، إبان حملة الخديوى إسماعيل، وضعوها تذكارًا بميدان أكسيوم، وأطلقوا اسم «جوندت» على أرفع وسام عسكرى، الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية خرجت عن رعاية الكنيسة المصرية منذ ١٩٥٩، الرهبان الأحباش احتلوا جانبًا من دير السلطان التابع للكنيسة المصرية بالقدس، وعندما أعلن السادات عزمه مد مياه النيل إلى سيناء ١٩٧٩ لاستصلاح ٣٥.٠٠٠ فدان، تقدموا بشكوى لمنظمة الوحدة الإفريقية.. و«مبارك» تعرّض للاغتيال بأديس أبابا يونيو ١٩٩٥.. ثمار مُرَّة للكراهية.

العراقيل الفنية وإشكاليات الفساد
ديسالين «رئيس الوزراء الإثيوبى السابق» أسند لشركة «ميتيك» التابعة للجيش تنفيذ الأعمال الكهروميكانيكية والهيدروميكانيكية المتعلقة بتركيب التوربينات، لكنها فشلت فى توفير بعض المعدات، وعجزت فنيًا عن تركيب الباقى، ما تسبب فى تأخير البرنامج الزمنى.. تورط أعمدة النظام، خاصة رئيس الأركان ومدير المخابرات فى عمليات الفساد، أدى لتفاقم الأزمة، وأسهم فى الإطاحة بديسالين وأتى بـ«أبى أحمد»، الذى استغرق وقتًا طويلًا لتغيير إجراءات وعقود الشركات العاملة بالسد، وتنحية المتورطين فى الفساد، ما تطلب مزيدًا من المماطلات.

مصادر التمويل
الميزانية الأساسية المقدرة لبناء السد قرابة ٥ مليارات دولار.. الصين والإمارات وكوريا والبنك الدولى انسحبت من التمويل.. قطر حلت محلها.. الحكومة طرحت سندات تمويل للإثيوبيين بالداخل والخارج.. والبنوك طرحت بعضها بالسوق الإسرائيلية.. رجل الأعمال السعودى ذو الأصول الإثيوبية «محمد العمودى» أكبر الممولين للسد، احتجز ضمن التحقيقات فى قضايا الفساد بالسعودية.. السياحة تعرضت للإجهاض، نتيجة تدهور الحالة الأمنية، ما حرّم الدولة من عائداتها.. النظام عجز عن التمويل، وتأخرت معدلات التنفيذ، والمماطلات دائمًا هى المخرج.

دور سودان البشير فى الأزمة
إثيوبيا نجحت فى احتواء سودان البشير.. استصدرت قرارًا من الاتحاد الإفريقى برفض قرار الجنائية الدولية بتوقيفه، فأصبح أسيرًا لفضلها.. عندما ثار الخلاف بين السودان والجنوب، أرسلت إثيوبيا قواتها للمنطقة المتنازَع عليها حتى استفتاء «أبيى».. السودان فتح موانئه لإثيوبيا للتصدير والاستيراد لأنها دولة حبيسة.. المستثمرون السودانيون يأتون فى المرتبة الثالثة فى إثيوبيا بعد الصين والسعودية، بنحو ١.٦ مليار دولار، والعمالة الإثيوبية بالسودان بأعداد كبيرة.
إثيوبيا تعهدت بمنح السودان ٥٠٠ ميجاوات كهرباء، وحفر فرع رى من البحيرة لأراضيه، بخلاف تسويق فوائده فى منع الإطماء عن السدود السودانية، وإتاحة الفرصة لتجفيف الأراضى الغدقة وتهيئتها للزراعة، ناهيك عن الاتفاق على تسوية نزاعات الحدود وترسيمها، خاصة فى «الفشقة».. سودان البشير تحول إلى حليف لإثيوبيا، ضد شقيقتة الكبرى مصر.. وأعلن ضمانه لأمن السد!، ووقّع اتفاقًا، لتشكيل قوة مشتركة لحمايته فى أغسطس ٢٠١٤.. وبعد اندلاع الثورة السودانية وسقوط البشير لعبت إثيوبيا الدور الرئيسى فى الوساطة بين المجلس العسكرى وتحالف قوى الحرية والتغيير.. دعم سودان البشير لإثيوبيا خلال المفاوضات كان أهم أسباب تشددها.


السد أداة مناكفة ومكايدة
ملف السد يُستخدم كأداة مناكفة ومكايدة لمصر، تمويل قطر للمشروع كان نوعًا من المكايدة السياسية.. وكذا الوعد التركى الكاذب بتوفير شبكة دفاع جوى خاصة بتأمينه، لإغراء إثيوبيا بتوقيع اتفاق تعاون عسكرى، صدّق عليه البرلمان الإثيوبى بعد أسبوع من توقيع «ديسالين» لـ«اتفاق المبادئ» بالخرطوم مارس ٢٠١٥!، كان الهدف من ورائه إجهاض الاتفاق.. إثيوبيا فتحت أبوابها لكل من لديه أزمة مع مصر.

زيارة أبى أحمد لإسرائيل
خلال زيارة «أبى أحمد» إلى تل أبيب، مطلع سبتمبر، أكد عدم الالتزام بقواعد ملء وتشغيل السد، الواردة بإعلان المبادئ.. ما تم تفسيره بالـ«استقواء بإسرائيل».. موقع «ديبكا»، المرتبط بالمخابرات، نشر خبرًا حول تزويد إسرائيل لإثيوبيا بمنظومة دفاع جوى «سبايدر SPYDER-MR» لحماية السد.. الصناعات العسكرية الإسرائيلية نفت، والحكومة أكدت أن اتفاقياتها مع إثيوبيا اقتصرت على التعاون الاقتصادى، واستبعدت اتخاذ خطوات تمس علاقاتها بمصر.. موقف جيد، لكنه يفرض التدقيق والمتابعة. والحقيقة أن الزيارة تمت تلبية لمسعى إسرائيلى، ضمن حملة الدعاية الانتخابية التى نفذها نتنياهو، لاحتواء التداعيات السلبية لاحتجاجات يهود الفلاشا «٢٪ من سكان إسرائيل»، بعد مقتل شاب بمعرفة شرطى فى تل أبيب.. زيارة «أبى أحمد» استهدفت إغلاق ملف الأزمة، تجنبًا لتعكير صفو العلاقات مع الحليف الإسرائيلى، الذى قدم الدعم اللوجستى والمالى والفنى للسد، ولا يزال يُعَوَّل عليه لاستكماله.

محاولة عزل القاهرة عن الجوار الإثيوبى
«أبى أحمد» تبنى سياسة «صفر مشاكل» فى علاقاته بحلفاء مصر فى شرق إفريقيا، لعزلهم عن القاهرة، وحرمان مصر من توظيفهم كأداة ضغط.. وقع مع إريتريا، الجارة اللدود، اتفاق جدة للسلام سبتمبر ٢٠١٨، لينهى أطول نزاع عرفته القارة الإفريقية.. وقام مع أوغندا، دولة المنبع الآخر للنيل، بوساطة بين الرئيس سلفاكير ميارديت، وقائد المتمردين رياك مشار، لإنهاء النزاع بجنوب السودان، حاضنة النيل الأزرق، الذى تعول مصر على تنمية حصتها منه، واستضاف توقيع اتفاق السلام بأديس أبابا.. ديناميكية الدبلوماسية الإثيوبية، واستهداف مراكز اهتمام المصالح المصرية داخل محيطها لتحييدها يلفتان النظر، لأنه أبعد ما يكون عن سياسة المماطلة التى تتبعها فى مفاوضات السد.

تصور لمقترحات المواجهة
أولًا: مصر تمتلك أدوات للضغط لا تقل قوة عما تمتلكه إثيوبيا فى الأزمة.. السد يبعد قرابة ٧٤٠ كم عن أديس أبابا، لا توجد اعتمادات لمد خطوط التغذية الكهربائية إلى العاصمة والمدن الرئيسية.. لأنها تعتمد على تصدير الكهرباء لدول الجوار، خاصة تنزانيا والسودان وأوغندا.
مصر من خلال تحالف المقاولون العرب والسويدى إليكتريك شرعت منتصف ٢٠١٩ فى تشييد سد ومحطة كهرباء على نهر روفيجى بمنطقة «ستيجلر جورج» فى تنزانيا، بطول واحد كيلومتر وارتفاع ١٣٤ مترًا وقدرة إنتاجية من الطاقة الكهربائية ٢١٠٠ ميجاوات، وقدرة سنوية ٥٩٠٠ جيجا، قد تكفى تنزانيا ذاتيًا، وتغنيها عن الاستيراد.. السد ينتهى العمل به نهاية ٢٠٢١.
مصر أدخلت السودان ضمن استراتيجية الربط الكهربائى، وقعت اتفاق الربط معها، وانتهت من استكمال خطوطه مارس ٢٠١٩، بطاقة كهربائية قدرها ٤٠٠ ميجاوات كمرحلة أولى، ومن المقرر أن يبدأ التشغيل التجريبى بنهاية ٢٠١٩، بجهد ٢٢٠ كيلو فولت.
وجارٍ تنفيذ مشروع مصرى لإقامة محطة للطاقة الشمسية بقدرة ٤ ميجاوات فى أوغندا، بتمويل من المبادرة المصرية للتنمية فى حوض النيل التابعة للحكومة المصرية.
تشديد الحصار على السوق الإقليمية لتصريف الطاقة الكهربائية الناتجة عن السد سيضطر إثيوبيا إلى اللجوء لمصر لتصريفها، من خلال شبكة الربط مع السودان، وشبكة التصدير للسعودية والأردن، وكذا إلى قبرص والقارة الأوروبية والمغرب العربى.. مما يحقق مصلحة متبادلة.. مصر ستتقاضى رسومًا للنقل، وتعزز وضعها كمركز إقليمى لتبادل الطاقة.
ثانيًا: التأكيد على عدم اتخاذ أى مواقف أو إصدار أى تصريحات تتعلق بالسد، إلا بعد دراستها من منظور استراتيجى بمعرفة خلية أزمة.. وزير الرى زار السد وسط احتدام أزمة التفاوض، والتقطت له الصور التذكارية التى تداولتها الأنباء باعتبارها تعبيرًا رسميًا عن الرضا والقبول المصرى بالأمر الواقع!!.. وخلال أزمة «أبى أحمد» مع الشركات المنفذة للسد، انبرى سيادته بعرض تقديم خبرة مصر فى أعمال التوربينات، وتداولت مواقع التواصل احتمال تعاقد إثيوبيا مع شركات مصرية لاستكمال أعمال «ميتيك».. مثل هذه المبادرات الكريمة، لا علاقة لها بالتاريخ والجغرافيا والسياسة والأمن القومى؟!.. وينبغى التوقف عنها فورًا.
ثالثًا: ضرورة تصعيد التحرك السياسى المصرى حتى مجلس الأمن الدولى، باعتبار التشدد الإثيوبى يهدد السلم والأمن الدوليين، ويمكن اتخاذ كينيا نموذجًا لما يمكن أن يؤدى إليه التعسف الإثيوبى فى قضية النيل، الذى تعتمد عليه مصر فى ٩٧٪ من احتياجاتها المائية، من نتائج كارثية.. إثيوبيا افتتحت سد «جيبى ٣» على نهر أومو ديسمبر ٢٠١٦، ملء الخزان منع تدفق المياه لبحيرة توركانا، ما هبط بمنسوبها بحدة، فتوقف الإنتاج الزراعى والصيد، وانتشرت المجاعة شمال كينيا، وأصبح نصف مليون من السكان مهددين بالفناء.. وبالنسبة لمصر فإن كل مليار متر مكعب من المياه ينقص من حصتها التاريخية يعنى تبوير «٢٠٠.٠٠٠» فدان، لو قامت إثيوبيا بملء السد خلال خمس سنوات، تنقص وارداتنا بمقدار ١٢ مليارًاعام، ما يعنى تبوير ٢.٤ مليون فدان، وتشريد ١٢ مليون يعيشون عليها، وانخفاض منسوب بحيرة ناصر يقلل إنتاج الكهرباء ما بين ٢٠ و٤٠٪، وهو ما لا يمكن التسامح بشأنه.. القضية تشكل بالفعل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
رابعًا: لكن كل ذلك لا يعنى التخلى طواعية عن المفاوضات.. سياسة استهلاك الوقت الإثيوبية ربحت شهورًا نتيجة تجميد مصر المفاوضات نوفمبر ٢٠١٧، ردًا على رفض إثيوبيا والسودان تقرير المكتب الاستشارى الفرنسى بشأن أعمال ملء السد وتشغيله، استفزاز مصر يراهن على غضبها، لاستهلاك المزيد، ما يعتبر مضيعة لمصالحنا.. مصر ينبغى أن تعتمد على آلية الدعوة لقمم ثلاثية، وتفعيل الاتفاق الثلاثى فبراير ٢٠١٩ بإثيوبيا، الذى يعتبر أفضل البدائل السيئة، لأنه يقضى بملء خزان السد بـ٤٥ مليار متر مكعب خلال ثلاث سنوات، تتحملها مصر والسودان مناصفة، بواقع ٧.٥ مليار م٣ سنويًا لكل منهما، فهو ينتزع اعترافًا بحصتنا السنوية «٥٥.٥ مليار م٣»، ويختزل أضرار عملية الملء فى توقف زراعة الأرز، وأن يتم استيراده بتمويل من البنك الدولى، خصمًا من عائدات كهرباء السد.
خامسًا: مشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو لتعويض النقص فى تدفقات المياه يواجه إشكاليات عديدة، لكن البديل موافقة عدد من الرؤساء الأفارقة بالفعل على مشروع توسيع وتعميق منابع النيل الأبيض بعد خروجه من منطقة البحيرات العظمى بطول ١٣٠ كم بمناطق كيوجا بأوغندا ونيمولى بجنوب السودان، ومنطقة التقاء النيل مع نهر عطبرة شمال الخرطوم، وأعمال تكريك وحفر على الناشف ببحيرة فيكتوريا فى أوغندا وتنزانيا وكينيا، المشروع يرفع حصة النيل الأبيض كمصدر لمياه النيل إلى ٤٥٪، بزيادة تفوق ٣٠٪ عن معدلاته، ما يعادل بعض أضرار «النهضة».. «١٦٪» من حصتنا فى مياه النيل تمر عبر أراضى جنوب السودان، التى ينبغى التنسيق معها فى إقامة مشروعات أعالى النيل، لاستغلال فواقد المياه، خاصة قناة جونجلى، مما يعوّض البعض الآخر من النقص.


.. وقيادات بـ«الشيوخ» الأمريكى تحث إدارة ترامب على المساهمة الفعالة بشأن الملف
قال المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن ملف سد النهضة كان من أبرز الملفات حضورًا خلال مناقشات الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، ولقاءاته مع نائب الرئيس الأمريكى، مايك بنس، وكبار المسئولين الأمريكيين من قيادات الكونجرس، وذلك على هامش زيارته الحالية إلى واشنطن. وشرح رئيس الوزراء أُسس وثوابت الموقف المصرى بكل وضوح، وكيف أن مصر أبدت منذ البداية حُسن النية والمرونة بشأن هذه القضية على مدار ٤ سنوات منذ توقيع وثيقة إعلان المبادئ، لكن للأسف لم يتم التوافق حول النقاط الخلافية بالملف، ما دعا مصر إلى اللجوء إلى المطالبة بتطبيق المادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ، بشأن الاستعانة بطرف رابع للوساطة وتقريب وجهات النظر. وأضاف «سعد»، فى تصريحات، أمس، أن قيادات الكونجرس ومسئولى الإدارة الأمريكية أعربوا عن تفهمهم أسس الموقف المصرى، الذى يعتبر موضوع المياه مسألة حياة، موضحًا أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى وزعيم الأقلية الديمقراطية بها أكدا أنهما سيتواصلان مع الإدارة الأمريكية لتسهم بدور فاعل فى القضية، معربين عن تفهمهما محورية هذا الموضوع بالنسبة لمصر. وذكر «سعد» أن زيارة «مدبولى» واشنطن تنبع من حرص الحكومة على استثمار نتائج الزيارة الناجحة التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى للولايات المتحدة، فى سبتمبر الماضى، للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى التقى خلالها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وكبار المسئولين الأمريكيين.
وتابع: «الزيارة تبنى على النجاح الذى حققته زيارة الرئيس السيسى، وتأتى أيضًا فى إطار السعى لاستثمار التفاهم الكبير بين قيادتى البلدين، واتفاقهما فى وجهات النظر، سواء بالنسبة للقضايا الثنائية أو حول الشأن الإقليمى والدولى».