رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حبيبَها


عمرى ما فهمت أغنية «حبيبها»، اللى غناها حليم فى الستينيات، وليه «حبيبها» منصوبة؟ لو عشان خبر «لست» فـ ما يصحش تبدأ بيها الكلام، لو هـ تبدأ بيها تبقى مرفوعة «حبيبُها». إنما سيبك من النحو، هو بـ يكلم مين بـ الظبط؟ حبيب حبيبته؟ هو فيه حاجة اسمها كدا؟ ولو فيه
بـ يكلمه بـ يقول له إيه؟ إنها يعنى بـ تخونك مثلا زى ما بـ تخوننى؟ ثم إنها
«روت لى ما كان منك ومنهم
فهم كثير
ولكن
لا شىء نعرف عنهم».
همَّا مين؟ وإزاى روت لك ما كان منهم، وإنت لا شىء تعرف عنهم؟ وإيه هو اللى ما كان منك ومنهم، يعنى اللى مش عارفينهم هم مين دول عملوا إيه بـ الظبط؟
وبعدين، لما هو هارش التيتة كدا، وعارف كل حاجة، إيه الحزن والمخمضة اللى هو عايش فيها دى؟
وسرت وحدى شريدًا
محطم الخطوات؟
بـ اختصار، إحنا قدام أغنية غامضة جدًا، مش مفهوم إيه القصة اللى وراها، ولا إيه أحداث القصة دى، وواضح إنه فيه موضوع جامد وليلة كبيرة سعادتك، بس إحنا كـ مستمعين بره الليلة دى خالص.
الأجواء دى متسقة تمامًا مع فهمى لـ شخصية كامل الشناوى، كامل هو صحفى وكاتب مصر الأول بـ النسبة لى، من حيث «الإمكانيات»، إحنا بـ نتكلم عن حد أبوه من قيادات الأزهر المعدودين، لما كان الأزهر بـ يخرج أوزانًا ثقيلة أدبيًا، وعمه كان شيخ الأزهر، وهو مش ابن المدينة، هو مولود فى الفلاحين، فـ تربيته كانت تربية محافظة آخر تلات حاجات.
قدراته كـ كاتب بانت بدرى، فـ اتنقل بـ سرعة على إيد طه حسين من مصحح لغة عربية لـ محرر، وكان بـ يراجع مقالات العقاد لغويًا، والعقاد ما كانش بـ يطمن لـ حد غيره.
هو أصلا اسمه مصطفى كامل الشناوى، أبوه سماه «مصطفى كامل»، على اسم مصطفى كامل بتاع «لو لم أكن مصريًا»، بس هو ما حبش أى حاجة من دى، لا حب تربيته، ولا حب اسمه، ولا حب الحتة اللى حاطينه فيها، فـ انطلق بره كل دا.
كـ صحفى له وزنه، فـ كان صديق لـ كل كبارات البلد، وكل التيارات السياسية، يتغدى مع رجال القصر، ويتعشى مع قادة الوفد، وشوية شوية بقى أهم صحفى فى المحروسة.
صبيحة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، كان الكل بـ يخطب ود كامل الشناوى، هو اللى كلمة منه تحرك الدنيا يمين، وكلمة منه تحركها شمال، وسط التوهة اللى كانت عايشة فيها البلد، كان هو مصدر الثقة الوحيد، كان يقدر يبقى ٣٠ محمد حسنين هيكل فى بعض.
إنما هو ما كانش عايز حاجة من دى، هو كان عايز يعيش حياته، تقدر تقول إن مزاجه أهم من أى موضوع، فـ بعد عن مراكز القوى، وشوية شوية، خلع من عالم السياسة، وركز فى أمور الفن والأدب.
حتى الأدب، ما انخرطش فى معاركه لـ الآخر، ولا اهتم بـ إنه يكون له مكانة فيها، مع إنه كـ شاعر ممكن بـ سهولة يبقى فى الصف الأول، وكان ممكن يبقى له دور فى معركة التجديد، خصوصًا إنه هو نفسه مجدد كبير.
هو ما حبش أى حاجة تعكنن عليه، فـ عاش قصص الحب الملتهبة دى، اللى بـ يكون فيها قالوا وعادوا، وراحوا وجم.
المشهور من قصص الشناوى علاقته بـ نجاة الصغيرة، اللى هى مشهورة، بس تفاصيلها مش معروفة، يعنى هو كان بـ يحبها، ماشى، هى بقى، كانت بـ تحبه؟ قالت له يعنى بحبك؟ ولا كانت فرحانة بس إنه بـ يحبها، ومش بـ تصده، ولو ما قالتلوش إنها بـ تحبه، ليه بقى البكائية الشنيعة بتاعة «لا تكذبى».
وحبيبها، كانت لـ نجاة ولا سعاد حسنى، بـ يقولوا إنه فى «حبيبها» بـ يكلم عبدالحليم نفسه، اللى سعاد حسنى كانت بـ تحبه، فـ بـ يقول له: «لست وحدك حبيبها»، وإنه حليم عمل زى نجاة، وغنى «حبيبها» زى ما هى غنت «لا تكذبى».
بس فيه حاجات تانية بـ تنفى الكلام دا، المؤكد بـ النسبة لى إنه قصص كامل الشناوى كانت كتيرة، وحبيباته كانوا كتار، وإنه قرر يعيش فى الأجواء دى، هربًا من قضايا السياسة والكلام الكبير، أى كلام كبير فى أى مجال.
تصدق
كان عنده حق.