محمد الشاذلي: تناقضات بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو
قال القاص والصحفي محمد الشاذلي، إن التناقضات تظل قائمة بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والمؤامرات تطل برأسها دائما.
وأوضح الشاذلي – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط – أن أول هذه التناقضات هي نوعية جماهير الثورتين، وبالتالي قدرتهما على الحشد، لافتا إلى أن جمهور 25 يناير أو أغلبه كان من خصوم نظام مبارك، ولكن كان هناك طوال الوقت ما اصطلح على تسميته بـ"حزب الكنبة" الذي يضم الأغلبية الكبيرة من الشعب المصري، وكان أيضا مترددا وهو الحزب الذي وافق بكل أريحية علي مطلب مبارك الأخير بإنهاء ولايته في شهر سبتمبر وتصديق ما وعد به من أنه لن يترشح لا هو ولا ابنه في الانتخابات الرئاسية.
وأضاف الشاذلي: "أما جمهور 30 يونيو فقد كان وقوده مشعلي ثورة يناير، بالإضافة إلى حزب الكنبة وإلى ما سميناهم "الفلول"، وكذلك الذين ترددوا طويلا في تأييد 25 يناير"، موضحا: "بحسبة بسيطة فإن جمهور 30 يونيو كان كل المصريين باستثناء المنتمين لتيار الإسلام السياسي، وبالتحديد الإخوان المسلمين, مع الوضع في الاعتبار حزب النور السلفي الذي شارك في ترتيبات عزل مرسي".
وقال القاص والصحفي محمد الشاذلي إن التناقض الثاني بين ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ذو دلالة وهو غياب الطرف الثالث في ثورة 30 يونيو والذي كان حاضرا بقوة في ثورة 25 يناير، وكان الثوريون يتحدثون عنه دائما من دون قدرة علي تحديده, ما يعطي فكرة عن وضوح المقاصد والتحركات في ثورة 30 يونيو وغموضها بالنسبة لثورة 25 يناير.
وأضاف أن الأمر الثالث يتعلق بتطور الثورتين, لأن ثورة 30 يونيو كان لها وقائع محددة ومبرمجة زمنيا بدأت مع شباب تمرد الذين أعلنوا عن أنفسهم في 28 ابريل بخطة ملء الاستمارات الداعية لعزل الرئيس السابق محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بسبب فشله كما هو مكتوب في نص استمارة تمرد.
وأوضح أن ثورة 25 يناير "لم تكن بهذا الوضوح لأنها قامت بالمصادفة في يوم عيد الشرطة ولم يعلن عن شعار الشعب يريد إسقاط النظام إلا بعد 1 فبراير".
وقال: "كانت الثورة تتطور ولم يكن لها قادة معروفين علي الاطلاق أما أهدافها فقد تم جمعها من هتافات الميدان, "عيش حرية عدالة اجتماعية". 25 يناير بدأت كحركة احتجاجية ضد ممارسات الشرطة وتصاعد سقف المطالبات لتتطور مع الوقت لإسقاط النظام".
وأشار القاص والصحفي محمد الشاذلي إلى أن ثورة يناير انتهت بالهتاف ضد العسكر، وثورة يونيو بدأت بالهتاف للعسكر، وانطوت على فهم متأخر للثوريين بأنهم دفعوا بوعي وبدون وعي للهجوم علي العسكر واعترف بعضهم بالخطأ مثل حمدين صباحي.
وقال الشاذلي: "بالنسبة للمؤامرة فهي أطلت برأسها في الثورتين. في يناير تحدث كثيرون عن دور أمريكي عبر الدكتور محم البرادعي وعن دورات تدريبية في صربيا وعن دور لدولة قطر وعن خطة الفوضي الخلاقة ويد التنظيم الدولي للإخوان, ولذلك تزامنت الثورات أولا في تونس ثم بعدها بأيام في مصر ثم ليبيا واليمن وأخيرا سوريا، مما يجعل حس المؤامرة ضاغط علي تفسير السياسيين والمراقبين لما جري".
وأضاف: "في ثورة 30 يونيو يستطيع مناصرو الاخوان أن يتحدثوا عن مؤامرة للإطاحة بحكم مرسي وهم تحدثوا بالفعل عن الدولة العميقة والفلول وتعمد إثارة الأزمات في وجه مرسي ومؤامرة مؤسسات الدولة ضد الشرعية، لكن وزن حديث المؤامرة ليس ضاغطا لأنه من الممكن التغاضي عنه وعدم الاكتراث به وكذلك عدم الوقوف أمامه طويلا, لأن ما جري في الثورتين قد جري ولن يغيره حديث المؤامرة خصوصا أنها غالبا ما تدور في إطار التكهنات والمزاعم والإشارات أكثر من طرح وقائع محددة تدعم المتحدثين عن المؤامرة, وهذا الحديث يمضي أو ينبغي أن يمضي أو يتواري لصالح واقع جديد".
وأوضح الشاذلي أن التناقضات بين الثورتين قائمة من جهة مؤيدي كل منها ومعارضيها ومن جهة الأهداف والنتائج أيضا. وقال: "لكن في تصوري أن ثورة يونيو ليست عوضا أو بديلا عن ثورة يناير كما أنها ليست انقلابا عليها، فنظام مبارك ليس لديه فرصة للعودة علي الإطلاق والنكوص عن الحرية ليس أمرا يسيرا, ولكن ثورة يونيو أنقذت البلاد من ديكتاتورية باسم الدين، بعد أن أطاحت ثورة يناير بديكتاتورية وقمع نظام مبارك. وهذا هو المشترك الوحيد بين الثورتين، دعم الحرية".