رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنتصار عبد الفتاح.. مؤسس ملتقي الأديان الراقص مع السماء

جريدة الدستور

رغم سنوات عمره التي تجاوزت الستين٬ إلا أن حيويته النابضة وخطواته الراقصة٬ تنبئ بدماء شباب طازج مازالت نتبض في عروقه٬ قلقله الدائم الذي عاينته بنفسي أكثر من مرة في "بروفاته" أو ورشه٬ وعدم رضائه عن أداء الفرق كلها وإختبارها مرة وثانية ولا يهمه أن تصل للعاشرة٬ حتي تخرج تلك الهارمونية بين أكثر من خمسة عشر فرقة متباينة الأجناس والألوان والديانات والثقافات٬ وتولد قطعة دانتيلا شديدة الرهافة والجمال٬ تخترق مباشرة قلوب متلقيها وأرواحهم فيحلقون حتي سدرة المنتهي٬ تختزنها الأرواح وعندما تستدعيها تحلق خطوات أصحابها نحو السماء تكاد تمس الأرض مسا لا سيرا.

إنه إنتصار عبد الفتاح الأب الروحي لفرقة سماع التي شبت عن الطوق وصار لها مهرجان سنوي عالمي٬ تشهد القاهرة هذه الأيام دورته الــ 12 تحج إليه فرق من شتي أجناس الأرض.على خشبة المسرح يعزفون وينشدون ويغنون إلا أنه كان يوجد فى المكان ألآلاف كانوا بمثابة سيمفونية تحرك الحجر والبشر والطبيعة وتملأ السماء بهجة ووهجا٬ أنهم الجمهور بحسب إنتصار نفسه.

وعن إرتباط فرقة سماع والحالة التي تخلقها بقبة الغوري ومعمارها الفريد يقول عبد الفتاح: لا يمكن توصيف الفرقة بأنها٬ فرقة فنون شعبية٬ هي طقس يصل لمتلقيه من داخله٬ تنشد وتتحاور٬ وأشد ما يعبر عن هذه الحالة رد فعل مختلف بين سيدتين كانتا ضمن حضور إحدي حفلات الفرقة٬ فبينما أطلقت إحداهن "زغروطة" فرح مبتهجة٬ بكت الأخري بدموع حارة" هي تلك الحالة التي تثريها وتثيرها الفرقة٬ لذا فمن أحلام إنتصار عبد الفتاح المستقبلية٬ علي طريقة "سوق عكاظ" وذلك من خلال مشروع "شخصية مصر الثقافية" بتجميع الفرق التي تعبر عن الثقافات المصرية المتباينة والتي تختلف من منطقة إلي أخري٬ فثقافة الواحات تختلف عن تلك في أقاصي الصعيد أو الدلتا عن الأخري في المدن الساحلية.
وتجميع كل فترة فى هذه الذاكرة التى كونت الشخصية المصرية ويتم تجميعهم فى مكان واحد وتقسيمهم حسب الحقبة الزمنية لأننا بحاجة لذاكرة ثقافية عربية مصرية.وتحديدا الفرق القريبة من شوارع القاهرة التاريخية٬ في الشوارع والحواري وتنظيم نوع كرنفالي٬ لإعادة الشكل الشعبي داخل هذه المنظومة.

بدأ حلم إنتصار نجل "عبدالفتاح غبن" والذى كان لديه أرشيف متكامل لرموز الفن والثقافة أمثال أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب والشيخ زكريا أحمد وغيرهم٬ برسالة سلام منذ التسعينيات تحديدا عام 1999 ٬ بعد ترحال شاق في ربوع مصر٬ كان حصيلتها تكوين أرشيف خاص به٬ حرص فيه علي تدوين كل ما رأه فى الأقاليم.

تأسست الفرقة بشكل رسمي عام2007 ٬ وبدأت من ورشة منشد الغوري للإنشاد الصوفي٬ وتم استقبال أصوات غنائية من القاهرة والأقاليم وتدريبها على الإنشاد الديني وأصوله ومزج ما تقدمه الفرقة مع ما تقدمه فرقة الترانيم القبطية من خلال التركيز على المتشابه في الإيقاعات والمقامات٬ وفي خطوة لاحقة٬ أرسل إلي قداسة البابا شنودة الثاني٬ وطلب مجموعة من الشمامسة٬ أبدي البابا حماسته٬ ومده بمجموعة من شباب الكنيسة من المرنمين٬ وهي الخطوة التي يخطط إنتصار للتوسع بها أكثر٬ وذلك بإنشاء مدرسة للإنشاد والتراث القبطي٬ الذي يمس كل مصري ويعتبر مكون رئيسي في الشخصية المصرية٬ سواء للمسيحيين أو المسلمين أو حتي اليهود إذ ما كان هناك من يزال منهم بيننا حتي اليوم٬ وسرعان ما ضم إنتصار فرقة"أكابيلا" لمخاطبة الكنائس في العالم والإنساني الغربي بوجه عام.