رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الفومو اللعين".. حقيقة المرض الذي تحدث عنه "السيسي" في مؤتمر الشباب

جريدة الدستور

أن تتفحص هاتفك كل دقائق معدودة، عند سماع تنبيهات الرسائل به أو حتى مع عدم سماعها، وأن تشعر بالخوف الدائم من عدم متابعتك "للسوشيال ميديا" أو تفاعل العامة معك، مصحوبًا بشعور دائم أن عدم المتابعة تعني العزلة، كل تلك أعراض أحد أخطر أنواع الإدمان وهي "الفومو ميديا".

مرض أو فوبيا، فرضته وسائل التواصل الاجتماعي على أغلب مستخدميها، متسببة في إصابتهم بالخوف والتوتر الدائم. ظاهرة "الفومو" تعني الخوف من فوات الشيء (Fear of missing out)، وهي حالة عامة تدفع الأشخاص إلى الرغبة في أن يبقوا على اتصال دائم؛ خوفًا من فوات حدثٍ ما لا يُشاركون فيه.

هذه الحالة تُصيب مُعظم من لديه حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يُسبب قلقًا قهريًا خوفًا من فقدان علاقة اجتماعية، بيد أن طبيعة ذلك المرض تظهر جلية، في حكايات المتضررين منها، والذين حاورتهم "الدستور" في التقرير التالي لمعرفة تفاصيل أكثر عنها.

تجدر الإشار، إلى أن المؤتمر الوطني الثامن للشباب الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحدث عن مرض "الفومو" والسوشيال ميديا، التي تحولت إلى المصدر الأول لتلقى الأحداث دون التأكد من صحتها، إذ أن هناك عدد كبير من الأشخاص يدمنون الحصول على المعلومات التي يتابعونها على مواقع التواصل، حيث أن عدم الاطلاع على المعلومات يوميا يشعرهم بالقلق والخوف من فوات المستجدات.

دعاء سمير، 21 عامًا، طالبة ماجيستير إعلام، وإحدى المصابات بذلك المرض، والتي لا تلبث وتترك الهاتف من يديها ولو لحظات بسيطة، وتشعر كأن الأمر إجباريًا، مشيرة إلى استخدامها الهيستيري للإنترنت الذي تحول معه الأمر إلى ما يشبه الإدمان.

تؤكد أنه مع الاستخدام الدائم للإنترنت والإطلاع عليه، تولد لديها شعورًا بالخوف والتوتر الدائمين من عدم معرفتها بآخر المستجدات والأخبار، وكذلك أصبحت تخشى أن تخسر أيًا من الأشخاص الذين تفاعلوا مع منشوراتها بسبب عدم ردها عليهم، الأمر الذي جعلها دائمة التواصل بالسوشيال ميديا رغم أضراره النفسية عليها.

هدى علي، 30 عامًا، موظفة بشركة تأمينات، كذلك إحدى الذين يعترفون بإصابتهم بالفومو؛ نتيجة استخدام الشويالل ميديا بشراهة تقول: "أنا بفتح موبايلي على الفاضي وعلى المليان حتى لو عارفة إن مفيش حاجة جديدة حصلت".

تكشف أنها بسبب هذا الهوس الذي أصابها بالسوشيال ميديا، تعرضت في أحد المرات إلى الوقوع بحادث أثناء قيادتها سيارتها بعد أن سمعت صوت تنبيهات رسائل"فيس بوك" لتسارع بالإمساك بهاتفها المحمول، الأمر الذي تسبب في اصطدامها بأحد السيارات من الجهة الأمامية؛ ما أدى إلى إصابتها برتجاج في المخ نقلت على أثره المستشفى وكانت بحالة خطرة.

الدكتور أحمد مصطفى، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، يؤكد أن الفومو هو تجنب الإحساس بالاستبعاد، ومن أجل ذلك يلهث الششخص وراء المعرفة كي لايفوته شيئًا، وينتهي الأمر إلى عملية مستمرة من الفحص والمراجعة دومًا، فنجد الناس يتفقدون حساباتهم على فيس بوك وتويتر وسناب شات، ويتابعون التعليقات والمستجدات ليروا إن كان شيء فاتهم.

يوضح، أن أكثر الناس عُرضةً للخوف من أن يفوتهم شيء، هم أشخاصًا في العادة يعانوا كثرة القلق والإنطوائية، وهم أشخاصًا يجهدون أنفسهم في التفكير والملاحقة حتى لا يفوتهم شيء، إلى أنهم يصابوا بصدمة عصبية أو عاطفية.

يؤكد أن هذا المرض المستحدث من السوشال ميديا، يعد درجة من درجات مرض الوسواس القهري الخطير، لذلك ينصح بضرورة أخذ استراحة من مواقع التواصل الاجتماعي، والتركيز على البيئة الواقعية بدلًا من العالم الإفتراضي، الأمر الذي يمنح أعصاب هؤلاء المرضى الهدوء، ويبعدهم عن القلق والتوتر.

أما أحمد علي، 31 عامًا، موظف بشركة سياحة، يقول أنه من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يستطيع أن يضيع عليه أي منشور جديد يبثه أي من أصدقاؤه، ولا يسمح بأن يفوته كذلك قراءة أي تعليق على منشوراته، دون أن يقرأها ويتفاعل معها.

يوضح أنه من أجل تحقيق هذة المتابعة المستمرة للسوشيال ميديا، فالأمر يحتاج منه إلى النظر كثيرًا بهاتفه واصطحابه معه بكل مكان يذهب إليه حتى داخل دورة المياه؛ ما تسبب في إحدى المرات إلى سقوط الهاتف منه بالمرحاض وتلفه بشكل كامل، مضيفًا: "لا أستطيع السيطرة على المتابعة المستمرة للسوشيال ميديا بسبب الخوف من أن يفوتني أي شيء".

مرام أحمد، 20عامًا، طالبة كلية الإعلام، تقول أنها أصبحت تشعر أنها مريضة نفسية نتيجة ارتباطها الدائم بالسوشيال ميديا، بل وتحكمها في مزاجها النفسي والعقلي، مشيرة إلى أنها تتفحص هاتفها كل دقائق معدودة آملًا في مشاهدة بعض من التعليقات والتفاعلات على منشوراتها، التي تسعدها كثيرًا وتحقق لها الشعور بأنها ليست وحيدة بهذا العالم.

توضح مرام، حبها الشديد لتبقى من أوائل من يصله المعلوات الجديدة عبر السوشيال ميديا، وكذلك من أوائل المعلقين عليها، موضحة أن الأمر حاليًا تحول معها إلى ما يشبه الأزمة النفسي، التي تتمثل في إدمان تفحص الهاتف كل دقائق معدودة، مع علمها بأنه لا يوجد أي أحداث جديدة.