رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصيب قاطنيها بالصمم.. حقيقة وصول ضوضاء القاهرة إلى 70 ديسبيل

جريدة الدستور

أصوات صاخبة، ضوضاء تملأ المكان، الجميع يعاني من الإزعاج والتوتر النفسي، أجواء لا تصلح للحياة في راحة، الجميع لا يعرف معنى الهدوء، الأهالي تعاني من مشاكل صحية أبرزها الأرق والضوضاء التي لا تنقطع طوال اليوم.

هي مشكلة تواجه كل قاطني المناطق الصناعية، التي تنتشر بها المصانع والورش ما بين حدادة ونحاس وغيرها، وتخطى الأمر مرحلة الإزعاج ليصل إلى حد المرض والإصابة بالصمم وأمراض الأذن.

ما يدل على خطورة الأمر، إعلان محافظتي الجيزة والقاهرة، وصول لنسبة الضوضاء 70 ديسبيل داخل تلك المحافظتين فقط. "الدستور" استعرضت في التقرير التالي أضرار الحياة في تلك المناطق من خلال مواطنين أصيبوا بالفعل، إلى جانب خريطة بأبرز تلك المناطق التي ينصح الخبراء بعدم العيش فيها.

يقول حسن صلاح، موظف، من سكان مدينة الحوامدية: "أنا من أهالي الحوامدية وبالتحديد أسكن عند المزلقان، والمنطقة معروفة بانتشار الورش الصناعية بشكل عشوائي".

يتضيف: "كما أن الكثيرين هنا يعانون من مشاكل صحية مختلفة وأبرزها مشكلة السمع، كان السبب الأول فيها الأصوات والضوضاء التي تحدثها الآلات المتهالكة في هذه الورش، التي تنتشر في قلب التجمعات السكنية".

يتابع: "أفتقد الشعور بالراحة أو النوم في هدوء أنا وأسرتي، عندنا الورش تقريبًا لا تتوقف سوى ساعات قليلة، حتى إنني بمرور الوقت أصبحت أعاني من مشاكل في السمع؛ بسبب تلك الضوضاء، جميعنا في هذه المنطقة لا نعرف معنى الراحة، أفقدتنا الورش والصنايعية الهدوء، ونأمل في قرار يتم على أثره غلقها ونقلها لمكان خالٍ من السكان".

"حسن" ليس الضحية الوحيدة التي عانت من مشاكل في السمع، إثر الضوضاء الناتجة من عشوائية انتشار الورش في محيط المناطق السكنية، فهناك نماذج أخرى كثيرة مثل "حسن"، كنتيجة طبيعية لعدم التخطيط العمراني الجيد في قلب التجمعات العمرانية.

مصطفى المصري، 55 عامًا، يعيش في منطقة فيصل، ويقول: "فيصل معروفة بازدحامها بالتكتلات السكنية، وانتشار الورش في الشوارع بشكل عشوائي، يعني منطقة العشرين وكفر طهرمس معروفة بانتشار الورش بجميع أنواعها، ورش نجارة وحدادة وورش سيارات".

يضيف: " أنا من سكان كفر طهرمس، نطلق عليه هنا منطقة الكفر، وتنتشر فيه الورش، كل كام متر نجد ورشة، ومع الوقت بدأ سمعي يتقل، وذهبت لطبيب فتم تشخيصي بأن الموجات الصوتية تتداخل لهذا سمعي ضعف، ومع الوقت سيضعف سمعي بشكل أكبر مع احتمالية إصابتي بالصمم إذا تعرضت للضوضاء على المدى البعيد".

يشار إلى أن وزارة البيئة بدأت في تنفيذ الشبكة القومية لرصد الضوضاء البيئية منذ 2007، لتقييم مستويات الضوضاء البيئية وإعداد خريطة لها، وأيضًا إعداد قاعدة بيانات عن مستويات الضوضاء للاستفادة منها عند إقامة منشآت جديدة وتصحيح الأوضاع الحالية.

إضافة إلى إمداد الوزارات والجهات المعنية بنتائج الرصد وقيم مستويات الضوضاء للاستفادة منها في إقامة أي مشروعات قومية، مثل الطرق السريعة والكباري والمستشفيات والمدارس والمناطق السكنية..

يحكم بناء المنشآت الصناعية في مصر، القانون رقم (453) لسنة 1954 بحظر الورش والمصانع والمحلات المقلقة للراحة والضارة بالصحة العامة، على أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد تلك الورش التي يصدر عنها ضوضاء في البيئة.

أما القانون 119 لسنة 2008، اعتبر أن الورش وسط الكتل السكنية من المخالفات الصارخة التي يجب أن تسعي المحليات للقضاء عليها ويحمل المواطنين مسئولية انتشارها؛ لأنه إذا تم الإبلاغ عن أي ورشة مخالفة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ لإيقاف هذه المخالفة، على أن يتم تحرير محاضر بالواقعة.

وفي هذا السياق، تقدم عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، بطلب إحاطة لمصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن خطورة انتشار الورش والمصانع وسط التجمعات السكنية، والتي بدورها تسبب أضرارًا وخيمة على صحة المواطنين.

وطالب عضو مجلس النواب بإعادة توزيع الورش في مناطق منعزلة، ولفت إلى أهمية بنائها عكس تيار الهواء حتى لا تتطاير انبعاثات الورش وتلوث الجو، مضيفًا أن غالبية هذه الورش والمصانع لا تمتلك تراخيص مزاولة النشاط، ويعاني العاملون داخلها من عدم توافر الأمان، وهو ما يتطلب فرض رقابة قوية ولجان تفتيشية مستمرة لحصر المخالفات، والتعامل السليم معها.

أوضح الدكتور طارق غنوم، أستاذ السمعيات بكلية الطب جامعة القاهرة، أن يواجه مرضى الصمم وضعف السمع في مصر مشاكل كثيرة أهمها الحصول على السماعة الطبية؛ لأنها لا يوجد منها منتج محلى الصنع وتُستورد من الخارج..

ويضيف أستاذ السمعيات: "أنه وفقًا لآخر إحصائية تشير إلى أننا لدينا 8 أشخاص من كل 10 آلاف شخص مصابون بضعف السمع، كما أن هذا الرقم يتضاعف إذا أضفنا عدد الحالات الغير مقيدة في السجلات، ولن نجد أعدادًا تحصر عدد المصابين في مصر".

طبقًا لإحصائيات صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فيعاني 466 مليون شخص على الصعيد العالمي من فقدان السمع المسبب للعجز، و34 مليون شخص منهم أطفال.

يتعرض 1.1 مليار شاب «تتراوح أعمارهم بين 12 و35 سنة» لخطر فقدان السمع بسبب التعرض للضوضاء، ويمكن الوقاية من 60% من حالات فقدان السمع لدى الأطفال عن طريق اتخاذ الإجراءات في مجال الصحة العمومية.