رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة الفئران!


من جحريهما، خرج فأران، فارّان، أو اثنان من «المتثورجين» يشبهان الفئران، سلوكًا وشكلًا. وعبر عدد من الفيديوهات أغرقت شبكات التواصل الاجتماعى، تقمص أحدهما دور المجنون، أو «اللاسع»، وقام الآخر بالترويج لـ«هلاوس» وتدليسات وأكاذيب. وفى فخ الاثنين، وقع مغيبون أو طيبون زيادة عن اللازم. خاصة، مع دخول فئران، أو فارّين آخرين على الخط.
المصريون، البسطاء العظماء، اشتقوا كلمة «ثورجى»، وجمعها «ثورجية»، مِن ثار، يثور، على سبيل التهكم، السخرية أو الاحتقار. غير أن ما شهدته مصر خلال السنوات الماضية، جعلنا نرى أن «متثورج» للمفرد و«متثورجين» للجمع، هى الصفة الأنسب لهذين الفارّين اللذين يشبهان الفئران فعلًا، سلوكًا وشكلًا. والفأر، حيوان من فَصيلة الفَأْريّات ورُتْبة القَوارضِ، كَبيرُ الأُذُنَيْن، لَونُه الشَّائع هو الرَّصاصى المائل إلى البنى. ومع أنه، نظريًا، حيوان نباتى، إلا أنه عمليًا وواقعيًا، يلتهم كل شىء تقريبًا، بل إنه قد يقضم ذيله أو يأكل جثث زملائه، إذا لم يجد ما يأكله.
الصفات، كما ترى، تنسحب على الفارّيْن، وعلى غالبية «المتثورجين» الفارّين أو الكامنين، الذين ينشطون ليلًا، كالفئران أيضًا، ولا يستطيعون، مثلها، رؤية الألوان. وكما أن الفئران لديها حاسة شم متطورة، تساعدها فى البحث عن الغذاء، فقد لوحظ أن «المتثورجين» لديهم الحاسة نفسها، ويستخدمونها فى الارتزاق، الاسترزاق أو البحث عن أى مصلحة أو «سبوبة». ولن أسترسل، مكتفيًا بالإشارة إلى أن بعض الفئران تقوم بالتبول فى الطبق الذى تأكل أو تشرب فيه!.
هذا عن تشابه السلوك أو الصفات، أما عن التشابه الشكلى، فليس فيه أى سخرية أو انتقاص، بل نقلناه عن علماء، تمكنوا من اكتشاف جينوم الفأر وجينوم الإنسان، سنة ٢٠٠٣، أبرزهم فرانسيس كولينز، الذى قام فى كتابه «لغة الله»، The Language of God، بمقارنة الاثنين، واكتشف أنهما متماثلان تقريبًا، وأوضح أن تتابع الجينات على كروموسومات الإنسان والفأر يتشابه فى كثير من الحالات. والأكثر من ذلك، هو أن دارسى ما يسمى العنصر المتكرر القديم، Ancient Repetitive Element، حاولوا إثبات أن للإنسان والفأر سلفًا مشتركًا، أو مصدرًا واحدًا، عاش قبل نحو ٧٥ مليون سنة. ونعتقد أن هؤلاء لو قاموا بأبحاث على «المتثورجين»، داخل مصر وخارجها، سيجدون ما يدعم فرضيتهم!.
بتتبع حالتى الفأرين الذى خرجا من جحريهما، مؤخرًا، يمكنك بسهولة أن تدرك كيف يستطيع أى «فار» فاشل، ضعيف الإمكانيات أو معدومها، أن يصبح ذائع الصيت، أى يتم «تصييته»، بدعم من تنظيمات إرهابية أو عصابات إجرامية، سواء عبر كتائبها الإلكترونية أو وسائل إعلامها التى تدعمها وتحركها عن بعدٍ، أو عن قرب، أجهزة مخابرات دول، تستشيط غضبًا، وتحترق كمدًا وغيظًا، كلما رأت إنجازًا على أرض مصر.
يمكنك بسهولة، وبقليل من التركيز، أن تدرك أيضًا أن الفارّين يتعاطيان المخدرات. وإذا كان أحدهما قد اعترف بتعاطيه الماريجوانا وغيرها، فإن النوع الذى يتعاطاه الآخر قد يكون هو نفسه الذى يتعاطاه محمد ناصر، معتز مطر، حمزة زوبع، هشام عبدالله، وغيرهم من الفئران الفارين، المقيمين فى تركيا، أو تحت أقدام العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.
هؤلاء لا يشمون «الكُلّة»، كما وصمهم الساخرون. ونرجسيتهم الشديدة، ضحكاتهم العصبية أو انفعالاتهم الزائدة، لا ترجع بالضرورة إلى «الكوكايين»، حسب تشخيص صديقنا الدكتور إبراهيم مجدى، أخصائى الطب النفسى. إذ سبق أن ذكر تقرير نشره معهد «سكريبس» للأبحاث، أن غالبية التنظيمات الإرهابية فى منطقة الشرق الأوسط، تستخدم الـ«كبتاجون» فى التأثير على أعضائها، نظرًا لكونه «منشطًا للأداء ورافعًا للروح المعنوية»، بالإضافة إلى أنه أحد أهم مصادر تمويل تلك التنظيمات.
الـ«كبتاجون»، هو أحد الأسماء التجارية العديدة لـ«فينيثيلين الهيدروكلوريد»، وهو مركب كيميائى ينتمى لعائلة الأمفيتامينات، بدأ استخدامه فى ستينيات القرن الماضى لعلاج فقدان الإحساس والاكتئاب. وحذر المعهد الأمريكى، المشار إليه، من أن هذا المخدر أكثر خطورة مما كان الباحثون يعتقدون سابقًا، بعد أن تم تطويره وإضافة مركبات كيميائية تتيح له إحداث تأثير نفسى قوى. وحتى تتضح الصورة نشير إلى أن الصحفى التركى «عبدالله بوزكورت»، أثبت تقرير نشرته جريدة «واشنطن إكزامينر» تورط نظام رجب طيب أردوغان فى تجارة المخدرات، بالتعاون مع تنظيمات إرهابية. وقبله، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، فى يوليو ٢٠١٦، عن ضبط ١٠ ملايين قرص من المخدر نفسه مخبأة فى حاوية قادمة من تركيا.
بـ«همزة» على الألف، يتحول الفار، لغويًا، إلى فأر. ولأسباب نفسية، أو بتأثير الـ«كبتاجون»، اعتقد أحد الفأرين أو الفارّين، المشار إليهما، أنه سيتحول من «متثورج» إلى ثائر لمجرد أنه أطلق «هاشتاج» تصدر قائمة الأعلى تداولًا على موقع التواصل الاجتماعى، «تويتر»، بحسابات وهمية، إلا قليلًا، أنشأها مَنْ يستعملونه، منذ أيام قليلة!.